الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • إيران تُصعّد حربها ضد الوجود الكُردي.. عسكرياً واقتصادياً

إيران تُصعّد حربها ضد الوجود الكُردي.. عسكرياً واقتصادياً
إيران

شهد الشهران الأخيران، مجموعة من العمليات الأمنية والهجمات التي نفذّتها أجهزة السلطة الإيرانية بحقّ المكوّن الكردي المتركز في مجموعة أقاليم غربها، والتي تقع على الحدود الموازية لإقليم كردستان، إضافة إلى المناطق الكردية في شرق تركيا، حيث تواصل طهران مساعيها لخنق صوت المعارضين من تلك القومية، كسائر القوميات التي تعيش في إيران، ضمن جهودها لسيادة القومية الفارسية بمفردها.


هجمات متّسقة إيرانية تركيّة


وفي الصدد، شهد إقليم كُردستان العراق، منتصف يونيو الماضي، انتهاكاً جديداً للسيادة العراقية، عندما شنّت طائرات حربية تركية غارات على بلدة في قضاء العمادية، ملحقةً أضراراً مادية في مناطق زراعية، بالتزامن مع قصف إيراني، استهدف مقرّات لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه أنقرة إرهابياً، وأخرى لـ”الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني”، الذي يثير بدوره حساسية طهران.


 


وتعرّضت حينها مواقع الأحزاب الكردية الإيرانية والتركية، في مرتفعات آلانة، بمنطقة حاج عمران، لقصف مدفعي من قبل الحرس الثوري الإيراني والقوة الجوية التركية، في آن واحد، وهي منطقة حدودية بين إقليم كردستان العراق، وما يسميها الناشطون الكُرد بـ”كردستان إيران”، حيث يتموضع هناك مقاتلو الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني والحزب الديمقراطي الكردستاني (إيران) وحزب الحياة الحرة، حيث تقاتل تلك الأحزاب للمطالبة بحقوق الكرد، ومنحهم حقوقاً سياسية، حيث يصل عددهم إلى حوالي 9 ملايين نسمة.


تهديد ووعيد بحق الكُرد


وفي إطار التهديد والوعيد، قال الحرس الثوري الإيراني، في الثالث والعشرين من يونيو الماضي، خلال تدريبات عسكرية عند حدود إيران الغربية، إنّه سيردّ على أي تحركات وصفها بـ”الإرهابية”، تنطلق من إقليم كُردستان العراق، حيث ذكر قائد القوات البرية في الحرس الثوري، اللواء محمد باكبور، أنّ بعض “الجماعات الإرهابية” تتسلل إلى إيران من إقليم كُردستان العراق، مشيراً إلى أنّ إيران ستردّ على أيّ تحركات إرهابية، ولن تجامل أحداً فيما أسماها بـ”أمنها القومي”.


ودعا باكبور، المسؤولين في كردستان العراق، ومن سماهم “أصدقاءنا في الحكومة العراقية”، إلى السيطرة أكثر على الجانب العراقي من الحدود ومنع استغلال “الجماعات” الإرهابية لهذه المناطق، كما دعا العشائر في كردستان العراق إلى طرد الجماعات الإرهابية من بينها، أو الابتعاد عنها مهدداً باستهداف أي مقرّ أو قاعدة تتعلّق بهذه الجماعات.


وعقبها بيومين، وتحديداً في الخامس والعشرين من يونيو، قال الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، إنّ “اشتباكات عنيفة اندلعت بين وحدات من البيشمركة والحرس الثوري الإيراني”، في جبال هلكرد، الواقعة داخل الحدود العراقية، وقال بيان منشور على موقع الحزب إنّ القيادة المركزية لقوّات البيشمركة، قالت إنّ “مجموعة من قوات الحرس الثوري خطّطت لمهاجمة إحدى قواعد قوات البيشمركة الكردستانية، لكن خطّتهم أحبطت”.


 


وبحسب البيان، فقد “هزمت وحدة البيشمركة القوات الإيرانية وأجبرتها على الانسحاب من المنطقة، ولم تتكبّد وحدة البيشمركة أي إصابات”، وهدّدت بأنّ “قوات البيشمركة في كردستان (إيران) ستردّ بحزم على أيّ هجوم من قبل القوات العسكرية للنظام الإيراني”، حيث يمتلك الحزب “قوات بيشمركة” تعتبر الذراع العسكري للحزب، لكنها ليست ذات القوات التي تحمي الإقليم الكردي في العراق، رغم ما يتمتّع به المسمى من قيمة معنوية كبيرة لدى سائر الكُرد.


وعقب عشرين يوماً من الاستنفار المتبادل بين قوات السلطة الإيرانية والأحزاب الكردية في إيران، قال الحرس الثوري الإيراني، في السادس عشر من يوليو الماضي، إنّ اثنين من مسلحيه قتلوا، وأصيب آخر خلال مواجهات مع مقاتلين كُرد في محافظة كُردستان (محافظة في إيران ولا يقصد بها الإقليم الكردي شمال العراق)، الواقعة في غرب إيران.


وأشار “مقرّ سيد الشهداء” التابع للقوة البرية للحرس الثوري، ضمن بيان، أنّ الاشتباك حصل خارج قرية بلبر في منطقة أورامان التابعة لمدينة سرو آباد، فيما أوردت وكالة “فارس” التابعة للحرس الثوري، أنّ القتيلين هما قائد قوات الباسيج في أورامان، الضابط جمال كريمي، وعضو في باسيج المنطقة، يدعى محمد كرمي.


انتقاد العدوانيّة الإيرانيّة بحقّ الفقراء الكُرد


ولا تقتصر القضية على المواجهات المسلحة بين الحرس الثوري الإيراني والقوى الكردية المسلحة في إيران، بل تطالها إلى محاربة طهران للكرد في لقمة عيشهم، حيث يؤدّي الإهمال المتعمد للمناطق الكردية، وفقدانها لفرص العمل وحكر الوظائف الحكومية بأزلام نظام الملالي الإيراني، إلى توسع رقعة الفاقة والعوز لدى المواطنين العاديين في الأقاليم الكردية غرب إيران، ما يدفعهم للبحث عن لقمة عيشهم، حتى وإن كانت تلك اللقمة مغموسة بالخوف والخطر وحتى الموت.


ففي بداية أغسطس الجاري، أطلق ناشطون إيرانيون وسماً على مواقع التواصل تحت عنوان “لا تقتلوا العتالين”، كصرخة ضد ممارسات حرس الحدود الإيراني، حيث غرّد العديد من الإيرانيين تحت وسم، هاشتاغ، #کولبر_نکشید (لا تقتلوا العتالين)، للاحتجاج على مسلسل قتل المواطنين الكُرد العاملين بمهنة العتالة، إذ ينقلون البضائع على ظهورهم أو على ظهر الخيل والبغال بين الجبال الوعرة عبر الحدود الإيرانية – العراقية.


وقد أشار المتعاطفون معهم، للأشكال المختلفة من مآسي قتل العتالين على أيدي حراس الحدود أو قوات الحرس الثوري، مطالبين بوضع قوانين تنظّم عمل هؤلاء الفقراء بشكل قانوني، وذلك بعد انتشار تقارير عن مقتل ما لا يقل عن 6 عتالين وجرح 14 منهم، خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، فقط، تبعاً لمنظمات حقوقية، إذ قالت وكالة “هنغاو” الحقوقية الكُردية، إنّ 20٪ من حالات الوفاة والمصابين كانت نتيجة الظروف القاسية، مثل السير في الثلوج والجبال والوديان الوعرة، لكن 80% منهم سقطوا “بنيران مباشرة”، من قبل قوات حرس الحدود.


 


وتقول التقارير الإخبارية، إنّ الشبان الكُرد، ممن تتراوح أعمارهم بين 13 إلى 17 سنة، والأمهات المسنات والشيوخ البالغين من العمر 70 سنة، يعملون في مهنة العتالة، ويسلكون الحدود الإيرانية العراقية مقابل أجور زهيدة، نتيجة ما تعانيه المناطق الكُردية كسائر الأقاليم التي تقطنها القوميات المختلفة عن الفارسية في إيران، من الفقر المُدقع، وتلفت المعلومات إلى أنّ قرابة 80 ألف كُردي  يعملون في نقل البضائع على ظهورهم بين الجبال الوعرة.


وكما يبدو من التصعيد الإيراني، خلال الشهرين الأخيرين، بحق المكون الكردي بالبلاد، فلا تغييرات ولا نية لتغيير النهج القائم على الإقصاء، بل ربما تزداد محنة الكرد أكثر، لو واصلت طهران وأنقرة مساعيهما المحمومة لتنسيق الهجوم على القوى الكردية، سواء المسلحة أو السياسية، وهي مساعٍ وإن دفع ثمنها الكرد أولاً، لكن يبدو أنّها لن تقف عندهم، وستطال باقي شعوب المنطقة.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

العلامات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!