الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
إخوان سوريا في امتحان جديد.. بعد السقطات المتتالية
إخوان سوريا
عامان مرّا على بدء عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف دون إحراز أي نتائج سوى المزيد من خيبات الأمل وتقدم النظام في الميدان على حساب تراجع الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، وتمديد ولاية أخرى لبشار الأسد في المسرحية المسماة "الانتخابات الرئاسية".

بعد مداولات الجولة السادسة من أعمال اللجنة الدستورية، وطرح المبعوث الأممي إلى سوريا "غير بيدرسون" مصطلحاً جديداً، وهو "الإصلاح الدستوري"، الأمر الذي يدل على إصلاح دستور النظام لعام 2012، وتجاوز إنشاء دستور جديد لسوريا، وهو ما برره رئيس وفد المعارضة "هادي البحرة"، مما دعا نشطاء الثورة السورية للانتفاض بوجه كل هذه الممارسات منادين بصوتٍ عالٍ "كلن يعني كلن" في إشارة إلى متصدّري المشهد السياسي السوري، أكملوها بعبارات وهاشتاغات تدعو لإسقاطهم جميعاً "الأسد والائتلاف، إضافة إلى الإخوان المسلمين ومسد وقسد والهيئة العليا للمفاوضات واللجنة الدستورية" حيث يروون أنّ جميعهم في الرداءة سواء.
أنا سوري ماني إخوان


استخدم بعض الثوار والنشطاء المدنيين عبارة وضعوها صورة على حساباتهم الشخصية في منصّة "كلوب هاوس" تحت مسمّى (أنا سوري ماني إخوان)، وقام آخرون بفتح غرف دردشة صوتية للتعبير عن سخطهم تم تسميتها بـ("سياسيّو المعارضة السورية" ماذا بعد الخنزرة)؟

من الواضح أن السوريين باتوا ينظرون إلى المعارضة الرسميّة، ولاسيَّما تلك التي يقودها الإخوان المسلمين على أنها لا تفرق شيئاً عن النظام، فالاثنين معاً، أضاعوا أحلام هؤلاء الشابات والشبان في العيش ببلد حر كريم بعيداً عن الشلليّة والمحسوبيات، الأمر الذي تمارسه جماعة الإخوان لتوظيف المقربين والمستفيدين منها، في حالة مشابهة لتصرفات نظام الأسد إلى حدّ كافٍ.
الناشط المدني مصطفى، الذي فضل عدم ذكر اسمه الكامل، قال في تعليقه على الحراك الأخير في مواقع التواصل الاجتماعي، فقدنا كل شيء، أرضنا ومنازلنا وكل ما نملكه من أجل الحرية وإسقاط النظام القابع على صدورنا وصدور من سبقونا منذ خمسين عاماً، ولن نسمح للإخوان أو غيرهم من انتهازي المعارضة سرقة أحلامنا، مقتبساً مقولة القائد العسكري في حوران الذي استشهد إبان الحملة الأخيرة على درعا البلد "أبو مهند" محمد هلال زطيمة، (والله لرجعها لـ 2011، والشارع بيناتنا) في إشارة إلى عودة الشارع الثوري إلى نبضه كما كان في بدايات الثورة السورية.



وفي رواية أخرى، قال ناشط آخر، لولا إدراج الإخوان المسلمين في الورقة التي قدّمها النظام في الجولة السادسة تحت عنوان (الإرهاب والتطرّف) لمّا انتفض "الإخونجيّة" ورأيناهم يرفضون اللجنة الدستورية بعد عامين من انطلاقها. وذلك بعد أنّ قام عضو الائتلاف أحمد رمضان ورئيسه الأسبق نصر الحريري بفتح غرفة حوارية بعنوان "ماذا بعد انتهاء مفاوضات جنيف السورية بالفشل؟ ماهي الخيارات؟" معبرين عن رفضهم للجنة الدستورية، بالرغم من عدم مغادرة رمضان كيانات المعارضة الرسمية، بعد كل الفشل والإخفاق الذي اعتراها وتراجع في ملفات عديدة، الأمر الذي ينطبق على زميله الحريري، الذي تدرّج في الائتلاف كعضو هيئة سياسية ثم أمينه العام 2014، تلاه بعد ذلك تسلّمه منصب رئيس الوفد الاستشاري لوفد الهيئة العليا للمفاوضات 2016، ورئيساً لوفد الهيئة العليا للمفاوضات في محادثات جنيف 2017؛ مما يدل على أنهم كانوا جزءاً أصيلاً من الفشل الذي لحق بالعملية السياسية بالشراكة مع نظام الأسد، وتقاعس الدول الفاعلة في إيجاد أدوات تنهي مأساة السوريين جرّاء الحرب الدائرة في بلدهم طيلة عشر سنوات كاملة.

اقرأ المزيد: تحركات تركيّة عقّدت المسار التفاوضي.. ما جديد التفاهمات بين القاهرة وأنقرة؟

 

ويرى أبو محمود، الذي كان ناشطاً في الثورة السورية من منفاه بتقديم الدعم الإغاثي والحشد على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنّ المعارضة في شكلها الحالي تتشابه مع النظام، بل في بعض الأمور كانت أسوأ منه، فكما إنّ النظام استعان بالمحتلين الروسي والإيراني، إضافة لحزب الله اللبناني، كذلك الأمر استعانت المعارضة الرسمية، ولا سيَّما الإخوان المسلمين بقوى خارجية جهادية، مما أدّى إلى خسارة العديد من حلفاء الثورة السورية، مثل دول الخليج العربي الرافضة لمشروع الإسلام السياسي والدول الأوروبية، وتراجع دور الأمريكيين في كثير من الأحايين؛ وإبقاء دعم التحالف الدولي لحلفائه في شرق الفرات ميليشيا قسد التي ساندته ميدانياً في قتال تنظيم الدولة داعش.




ضياع البوصلة

تتولّى الحملات الرافضة لممارسات المعارضة الرسمية السورية بكل أطيافها، ولكن بسبب هيمنة الإخوان المسلمين عليها منذ تشكيل المجلس الوطني، ثم الائتلاف وهيئة التفاوض وصولاً إلى اللجنة الدستورية، تم تخصيص معظم المنشورات وغرف الحوارات على الإسلامويين، كان آخرها غرفة انفعالية تحت عنوان "الثورة بين مطرقة النظام وسندان الإخوان"، تناول من خلالها المشاركون معظم أخطاء الإخوان المسلمين وشركائها في كيانات المعارضة، إضافة إلى ذكر أسماء مسيئة ومستعلية في اللجنة الدستورية بوفد المجتمع المدني المحسوب على المعارضة.

اقرأ المزيد:اللجنة الدستورية بين الإصلاح الدستوري والدستور الجديد.. “دستور من خاطركم”



إذن؛ ونحن على أبواب العام الحادي عشر من عمر الثورة السورية، ما تزال قوى المعارضة الرسمية في حالة من الضياع والتخبّط، فلا هي حددت حلفاءها الفعليين ولا استطاعت الحفاظ على الحلفاء الخليجيين الذي رفدوها بكل ما يملكون من ثقل سياسي وعسكري، عدا عن فتح خزائنها لقاطني المخيمات بدول جوار سوريا وفي الداخل السوري الخارج عن سيطرة الأسد وحلفائه.

خاص ليفانت

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!