الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
إخوان اليمن والعلاقة مع الحوثي
خالد الزعتر

في العام 1979 وصل إلى إيران وفد من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين لمباركة الخميني بنجاح الثورة الإسلامية في إيران، وهناك تم إرساء قواعد التحالف بين نظام ولاية الفقيه، وبين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، حيث تعهد الإخوان بتقديم كافة إمكانياتهم البشرية والمادية والعلمية لخدمة أهداف الثورة الإيرانية. إخوان اليمن


وعندما ننظر إلى أهداف الثورة الإيرانية نجد أنها تقوم على قاعدة رئيسية هي استنساخ النموذج الإيراني في كافة الدولة العربية، وعدم الاعتراف بالحدود السياسية والجغرافية، فإيران الخميني متعصبة لقوميتها الفارسية وتسعى إلى تغليفها بالطائفية، ولكن الهدف الرئيسي لدى ملالي إيران هو إعادة الإمبراطورية الفارسية.


جماعة الإخوان "جماعة انتهازية"، لا يحكمها أخلاقيات بل تقوم على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، ولذلك فهي لا تضع اعتباراً لقوميتها العربية، بل كانت جماعة الإخوان هي أحد أدوات الغرب الرئيسية لضرب مشروع القومية العربية والذي وصل إلى أوج ذروته في عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وبالتالي وجدت إيران في جماعة الإخوان الفرصة لتمرير مشروعها في المنطقة العربية، بخاصة وأن الجماعة الإخوانية وإيران تتقاطع ومصلحتهم في التوظيف السياسي للإسلام، وضرب أي مشروع عربي، كما حدث في وقوف الإخوان موقف العداء من المشروع العربي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.


مثلما نظرت جماعة الإخوان للثورة الإيرانية بأنها تحمل معها انفراجة لصعود جماعات الإسلام السياسي إلى الحكم، نظرت إيران إلى صعود الإخوان في مرحلة الربيع العربي بأنه يوفر فرصة مهمة للنظام الإيراني لكسر حالة الجمود التي تعيشها إيران في علاقاتها مع دولة لها ثقلها السياسي والعسكري وهي مصر، حيث السيطرة عليها خطوة مهمة لتدعيم نفوذ إيران السياسي في المنطقة العربية، ولم تكن تقديرات إيران خاطئة، حيث كان من أولويات الجماعة الإخوانية ما بعد الوصول إلى مصر هو تفكيك قيود العلاقات المصرية – الإخوانية، وهي خطوة كانت ستساهم في تدعيم التغلغل الإيراني في المجتمع المصري لو استمرت الجماعة في حكمها، ولكن ثورة الـ30 من يونيو لم تسقط فقط حكم الإخوان المسلمين، بل وأسقطت معها طموحات إيران في الداخل المصري.


يعد ملف اليمن واحداً من أهم محطات التعاون الوثيق بين إيران والجماعة الإخوانية والمبني على تعهدات العام 1979، حيث كان الملف اليمني هو أقرب إلى الترجمة الحقيقية لنفيذ التعهدات الإخوانية، التي أكدت تسخير كافة إمكانياتها المادية والعملية والبشرية لخدمة أهداف الثورة الإيرانية، والحقيقة أن ميليشيات الحوثي الإرهابية لم تكن تستطيع الخروج من جبال صعدة والسيطرة على صنعاء بدون وجود تسهيلات من قبل جماعة الإخوان، حيث شهدت الفترة التي سبقت انقلاب الحوثيين على الشرعية اليمنية اجتماعات مكثفة وتفاهمات سرية بين ميليشيات الحوثي والإخوان، انتهت بصدور أوامر إخوانية لأتباعها بعدم قتال الحوثيين في خروجهم من صعدة مروراً بمحافظة عمران باتجاه العاصمة صنعاء.


ولكن عملية عاصفة حزم بقيادة التحالف العربي، أربك التفاهمات الإخوانية مع الحوثيين، فوجدت جماعة الإخوان نفسها في مأزق، وهذا ما يفسر حالة التردد التي سيطرت على أجواء الجماعة الإخوانية التي ظلت لمدة إسبوع كامل لكي تخرج ببيان يدعم استعادة الشرعية اليمنية، والحقيقة أن هذا البيان لم يكن سوى محاولة للانحناء أمام العاصفة، ولا يعبر عن تراجع إخواني في العلقة مع الميليشيات الحوثية، ربما يعكس ذلك حالة الانفصال بين الخطاب السياسي الإخواني الداعم للشرعية اليمنية، والتحركات الإخوانية على الأرض، والتي تخدم استمرارية الانقلاب الحوثي على الدولة اليمنية، ولعل المتابع لتحركات الجماعة الإخوانية يجد أنها تركز على فتح جبهات وخلق صراعات جانبية مع القوات الجنوبية، الهدف منها هو خدمة الحوثيين عسكرياً، والأمر الآخر هو الخطاب الإعلامي الإخواني الذي يركز في الهجوم على التحالف العربي والتشكيك في نوايا دوله، كالإمارات، وهي محاولات لاشك أن جميعها تصب في قالب واحد، وهو النفخ في نار الحرب النفسية لتضليل الشارع اليمني، وبالتالي التغطية على حالة الانكسارات التي تعيشها ميلشيات الحوثي الإرهابية.


خاتمة القول: جماعة الإخوان اليمنية لا يمكن أن تكون جزءاً من الحل لأنها في الأساس جزء من الأزمة، وأثبتت الأحداث من الربيع العربي إلى الانقلاب الحوثي أن ولاء الإخوان للنظام الإيراني.


خالد الزعتر


ليفانت - خالد الزعتر ليفانت 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!