-
في سعيها للتدخل في الانتخابات الليبية.. أنقرة تستغلّ "المقابر الجماعية"
قالت مصادر مقربة من الأجهزة الأمنية بحكومة الوحدة الوطنية إن تركيا تسعى لاستخدام ورقة المقابر الجماعية التي تم العثور عليها مؤخراً في كل من ترهونة وغريان ونسمة من أجل تحقيق مصالحها السياسية في ليبيا.
أكدت مصادر مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن قيادة القوات التركية في ليبيا التي يقودها جنرال "إيلكاي ألتنداغ" تقوم بجمع وتعديل المواد لاتهام قائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، وحلفائه، بارتكاب جرائم الحرب وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء.
حسب المصادر، تنوي تركيا تشويه صورة خليفة حفتر وسياسيين متحالفين له بهدف تأمين أغلبية الأصوات للمرشحين الموالين لها في الانتخابات المقرر عقدها في 24 ديسمبر/ كانون الأول. وأشارت إلى أن مثل هذه التدخل التركي قد يؤثر تأثيراً سلبياً على العملية الانتخابية ويعرقل تسوية سياسية للأزمة الليبية.
الملف الليبي
بدأت حكومة الوفاق الوطني المدعومة تركياً بحفر مقابر جماعية في العام 2020 في مدينة ترهونة الليبية، حيث كشفت فيها جثث عشرات المدنيين. فور العثور عليها اتهمت سلطات طرابلس قوات عدوها اللدود –قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر– بارتكاب عمليات تعذيب وإعدام مواطنين في مناطق خاضعة لسيطرة قواته.
في الوقت ذاته، حاولت حكومة الوفاق الوطني ووسائل الإعلام الموالية لها إخفاء حقيقة أن مجموعة الكانيات من ترهونة التي اتُهمت بهذه الجريمة، وهي كانت مرؤوسة لحكومة الوفاق خلال فترة طويلة، وانضمت إلى الجيش الوطني الليبي فقط في أبريل/ نيسان 2019.
أكدت شهادات سكان ترهونة أنه بالرغم من أن مجموعة الكانيات ارتكبت أكبر جرائمها قبل عام 2019، لم تتخذ حكومة الوفاق أي إجراءات حاسمة ضد المجموعة، خشية أن ذلك قد يضرب علاقاتها مع الميلشيا المؤثرة وينتج عن تقاربها مع القوى المنافسة.
ولكن بعدما انضمت الكانيات إلى قوات خليفة حفتر، اغتنمت حكومة طرابلس فرصة لاتهام الجيش الوطني الليبي بجرائم قديمة ارتكبتها ميلشيا كانت تتبع لها سابقاً. بدورها، لعبت آلة الدعاية التركية دوراً هاماً في الحملة الإعلامية التي أطلقتها سلطات طرابلس ضد الجيش الوطني الليبي.
الملف السوري
تجدر الإشارة إلى أن ليبيا هي ليست دولة وحيدة، حيث تستغلّ أنقرة "مقابر جماعية" لتحقيق طموحاتها الجيوسياسية وتبرير عدوانها العسكري.
أعلنت وزارة الدفاع التركية عن كشف المقبرة الضخمة في مطلع أيلول/ تموز بالعام الجاري في مدينة عفرين السورية، والعثور على 35 جثة فيها. وكالعادة حمّل المسؤولون الأتراك الفصائل الكردية (YPG /PKK) مسؤولية قتل المدنيين وجرائم أخرى.
بعد قليل، رفض قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، تلك الاتهامات، قائلاً إن الفصائل الموالية لتركيا قامت بعمليات الحفر في الأماكن التي تقع فيها مقابر الشهداء الأكراد الذين قد قُتلوا نتيجةً لضربات الجيش التركي والمجموعات التابعة لها في عام 2018. ودعا مظلوم عبدي في بيانه المجتمع الدولي لإطلاق تحقيق في هذا الحدث من أجل وقف الجرائم ضد الإنسانية التي تقوم بها المجموعات السورية المتحالفة مع تركيا.
أكد الصحفي المختصّ بالتحقيقات الاستقصائية "بنجمن ستريك" تصريحات "مظلوم عبدي" ونشر عدة صور من الأقمار الصناعية يظهر فيها مكان المقابر في عام 2018. وتشكل هذه الصور دليلاً دامغاً على أن مقبرة قد كانت موجودة في المكان الذي قام فيه الأتراك بعمليات الحفر. وبعد ذلك بدأ مستخدمو الشبكات الاجتماعية بنشر صور مقاتلين ومقاتلات أكراد تم دفنهم في هذه المقبرة.
وجدير بالذكر أن الزعماء الأتراك يدلون بمثل هذه التصريحات الاستفزازية ويوجهون اتهامات ضد الأكراد قبيل المباحثات مع المسؤولين الأمريكيين، وقبل كل المباحثات المباشرة أو عبر الهاتف تحاول أنقرة أن تتهم حزب العمال الكردستاني بالعمليات الإرهابية والجرائم ضد المواطنين الأتراك.
اقرأ المزيد: السويداء: بوادر اقتتال داخلي وسباق محموم نحو العسكرة
من غير المستغرب أن تركيا غير قادرة على حل المشكلة الكردية وتركز جهودها على الدعاية وفبركة أخبار كاذبة بشأن الأكراد بدلاً من تقديم أدلة حقيقية. وعبر أغلبية المحللين عن شكوكهم من أن تركيا ستطلق تحقيقاً نزيهاً أو ستسمح لخبراء أجانب بإجرائه أو حتى ستسنح وصولهم إلى موقع الجريمة المزعومة.
تضليل المجتمع الدولي
تصنع أنقرة كماً هائلاً من أخبار وتقارير كاذبة من أجل تشويه سمعة الأكراد وخصومها في ليبيا، والمجتمع الدولي يأخذ تصريحات المسؤولين الأتراك مع بعض الشك، حينما قيادة تركيا ما تزال غير عابئة وتنفذ هجمات إعلامية واسعة النطاق. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو غرض إدارة أردوغان؟.
اقرأ المزيد: أمن بريطانيا.. عوامل رفع مستوى التهديد الإرهابي في بريطانيا
من الواضح أن تنفيذ المشروع التركي بإعادة الإمبراطورية العثمانية في المنطقة سيطلب من أنقرة المساهمات الضخمة التي لا ولم تمتلكها تركيا حتى قبل الأزمة الاقتصادية الداخلية. لكن يعتمد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على التضليل والدعاية، مما يشير إلى تمسكه بطموحات إمبراطورية في محاولة انتشار نفوذ تركيا في بلدان مجاورة وخارجها.
ليفانت - علاء الدين صالح
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!