الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • غرب ليبيا.. حرب المليشيات المُتقطعة بداية لأخرى طويلة

غرب ليبيا.. حرب المليشيات المُتقطعة بداية لأخرى طويلة
المليشيات في ليبيا \ ليفانت نيوز

تعيش ليبيا منذ أشهر، على وقع توتر سياسي متصاعد ومحتدم، نتيجة رفض عبد الحميد الدبيبة، تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة التي كلف البرلمان الليبي فتحي باشاغا بقيادتها، فيما انعكس ذلك على شكل توتر متكرر ومستمر، في ظل تنافس حكومتين على السلطة، تلعب فيه الميليشيات المسلحة التي تتحكم بالعاصمة ومدن الغرب الليبي دوراً كبيراً، إذ يحظى كل من رئيسي الحكومتين المتنافستين بدعم من مليشيات مسلحة تتمركز في طرابلس ومصراتة، وتثير مخاوف من إمكانية تجدّد القتال على السلطة.

المليشيات تتواجه

وفي ترجمة للمنافسة بين الدبيبة وباشاغا، والاقتتال المليشياوي، اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة، في الخامس من أبريل الماضي، بين ميليشيات "النواصي" وجهاز "دعم الاستقرار" الذي يقوده عبد الغني الككلي الملقب بـ"غنيوة"، وهما أكبر ميليشيات العاصمة طرابلس والغرب الليبي، وذلك وسط العاصمة طرابلس وبالقرب من مقرات تابعة للدولة، استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، في شارع "الصريم"، بعد مقتل عنصرين تابعين لمليشيات "النواصي".

اقرأ أيضاً: الدبيبة: لن نقبل بمراحل انتقالية أخرى في ليبيا

وفي السادس عشر من أبريل، ذكرت وسائل إعلام لبيبة أن محيط العاصمة طرابلس، شهد تحركات عسكرية، بعد أنباء عن اعتزام فتحي باشاغا دخول العاصمة الليبية طرابلس، حيث تم رصد توجه أرتال عسكرية كبيرة تحمل أسلحة ثقيلة ومتوسطة، خرجت من عدة مدن بالمنطقة الغربية نحو العاصمة، وتم يومها، إغلاق بعض مداخل العاصمة طرابلس، بالقرب من معسكر الإمداد بالسواتر الترابية.

وجاء ذلك بعد يوم من لقاء عقده باشاغا، مع عدد من أبرز قادة المليشيات بمصراتة، في مقر إقامته بتونس العاصمة، لترتفع المخاوف داخل ليبيا وخارجها، من دخول باشاغا إلى العاصمة بالقوة من أجل استلام السلطة من الدبيبة، الذي يرفض التخلي عنها، قبل إجراء انتخابات في البلاد، ما قد يفجّر القتال بين المليشيات الداعمة له والأخرى الموالية لباشاغا.

الجيش الليبي يحذر

في الصدد، نبّه الجيش الليبي، في السابع والعشرين من أبريل، من انفلات الوضع في البلاد، نتيجة مساعي بعض الجهات لنقل الصراعات الإقليمية للبلاد، وذكر إن تمسك رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة بالسلطة يهدد بعودة لغة السلاح، وأوضح اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة للجيش الوطني، إن "الأزمة الحقيقية في ليبيا ليست سياسية بقدر ما هي أمنية"، وطالب خلال حديث مع صحيفة "البيان" الإماراتية، بعدم العبث بإنجازات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5.

اقرأ أيضاً: ليبيا.. تأجيل الاعتصام في طرابلس

كما نوه إلى أن "الجيش يحاول قدر المستطاع الحفاظ على وقف إطلاق النار على الرغم من حالة الانسداد التي تواجه اللجنة، كما أن الجيش يراقب الوضع بشكل عام ولا يسمح بالانفلات الأمني"، معتبراً الوضع في ليبيا بأنه "خطير جداً خاصة مع الاستمرار في نهب المال العام من قبل المجموعات المسلحة في غرب البلاد"، متهماً الدبيبة بالتواطؤ معها عبر دعمها بالمال والمناصب خاصة في السلك الدبلوماسي، كما وجد الناطق العسكري، أن الوضع في غرب ليبيا مرشح للانفجار في أي لحظة، في ظل هيمنة السلاح غير الشرعي على العاصمة.

محاولة باشاغا لدخول طرابلس

وبالفعل، فقد تصاعد التوتر بين الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، برئاسة فتحي باشاغا، وحكومة منافسه عبد الحميد الدبيبة، في السابع عشر من مايو الماضي، بعد محاولة باشاغا دخول العاصمة طرابلس، قبل أن يضطر وأعضاء بحكومته لمغادرتها، بعد ساعات من دخوله إليها، عقب اندلاع اشتباكات مسلحة بين ميليشيات مؤيدة له وأخرى موالية لحكومة عبد الحميد الدبيبة.

وقد أوضح باشاغا أنهم دخلوا العاصمة في سيارات مدنية بلا أي قطعة سلاح، مشيراً إلى أن 3 مجموعات مسلحة هاجمتهم بالأسلحة الثقيلة، مؤكداً في تصريحات صحافية أنه كرئيس وزراء منتخب من السلطة التشريعية من حقه الذهاب للعاصمة، مشيراً إلى ان حكومته ستعمل من سرت، ومشدداً حرصه بذات الوقت على أن تكون العاصمة هي طرابلس.

اقرأ أيضاً: نجلاء المنقوش تصف التظاهرات بـ"روح جديدة في عروق ليبيا"

كذلك أوضح أنه لن يدخل طرابلس بالقوة، لافتاً إلى أنه يقول ذلك من موقع قوة وليس من موقع ضعف، وفي موازاة ذلك، متهماً رئيس الحكومة المكلف الدبيبة بالعمل على تعطيل الانتخابات الليبية رغم تعهداته، ومعتبراً أن حكومة الدبيبة فاقدة الشرعية بشكل كامل، مضيفاً في تصريحات صحافية أن "الدبيبة يقود حكومة عائلية كل التعيينات فيها لأقاربه"، مشيراً إلى "أننا نريد حكومة لكل الليبيين".

كما قال إن حكومة الدبيبة لا تعترف بالبرلمان ولا المجلس الأعلى للدولة ولا القوانين الليبية، مؤكداً أن حكومته لن تكتفي بالمشاهدة بينما تقوم حكومة الدبيبة باستغلال الليبيين.. وبالمقابل، حمل الدبيبة، باشاغا والجماعات المسلحة الموالية له، مسؤولية الدمار والخسائر التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة، ووجه كل الأجهزة الأمنية والعسكرية للتعامل بشدة مع كل من يهدد أمن المواطنين، معتبراً أن ما يقوم بهذه التصرفات لا يمكن أن يكون طرفاً في أي حوار أو اتفاق سياسي.

دروع بشرية

وتجددت عقب ذلك المواجهات المسلحة بين مجموعة من المليشيات المسلحة في غرب ليبيا، مرات عدة، ومنها في العاشر من يونيو الماضي، عندما اندلعت اشتباكات بين أفراد من فصيلين مسلحين في طرابلس، هما كتيبة "النواصي" و"جهاز دعم الاستقرار"، استعملت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة، واقتربت من حديقة عامة وسط المدينة، ترتادها العائلات الطرابلسية.

ليتهم رئيس الوزراء الليبي فتحي باشاغا، حكومة عبد الحميد الدبيبة باستخدام المدنيين كدروع بشرية لغرض الابتزاز السياسي، واصفاً إياها بعصبة خارجة عن القانون، وقال في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "لا يمكن المقارنة بين سلطة ناتجة عن توافق ليبي ليبي من خلال مؤسسات تشريعية شرعية ومنتخبة، وعُصبة خارجة عن القانون تستخدم المدنيين في العاصمة كدروع بشرية غرض الابتزاز السياسي".

اقرأ أيضاً: تفجّر الوضع في ليبيا.. تظاهرات ومخاوف من سيطرة مؤيدي القذافي

وأضاف باشاغا أن "الحكومة الليبية نتاج اتفاق مجلسي النواب والدولة وفقا للاتفاق السياسي الليبي المبرم عام 2015 بالصخيرات"، وتابع قائلاً: "سوف استمر في دعم هذا التوافق والتمسك بالحلول السياسية السلمية وأدعو كل الليبيين للتمسك بما يجمعنا حتى نصل لسلطه منتخبه عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة".

قلق أممي من المليشيات

بينما أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن قلقها إزاء وقوع تلك الاشتباكات بين مجموعات مسلحة أدت الى تعريض حياة المدنيين للخطر، وقالت في بيان إنها تلقت أنباء أخرى عن تحشيد من قبل مجاميع مسلحة مدججة بالأسلحة الثقيلة من المناطق المحيطة بطرابلس.

وأضافت في بيانها أن هذه التطورات تحدث في فترة شديدة الحساسية وفي ظل استقطاب واسع على الصعيد السياسي، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة والشركاء الدوليين والأطراف الليبية المعنية جهوداً حثيثة في سبيل حلحلة الأوضاع بما في ذلك عبر المحادثات الرامية لوضع إطار دستوري يمكن من تنظيم انتخابات وطنية في أقرب فرصة ممكنة.

اقرأ أيضاً: غوتيريش يدعو لتجنب العنف خلال التظاهرات في ليبيا

ولعل التحذيرات الداخلية والخارجية من خطورة الوضع في ليبيا، إشارة جلية إلى الخشية من تحول معارك المليشيات المتقطعة في غرب ليبيا، إلى حرب مفتوحة، تعيد إلى الأذهان الحرب التي خاضها "الجيش الوطني الليبي" ضد مليشيات "حكومة الوفاق" الإخوانية، لكن هذه المرة ستكون بين مليشيات الغرب المنقسمة على نفسها بين خصمين متنافسيّن، كانا حليفين يوماً ضمن "حكومة الوفاق" ذاتها.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!