الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • جلسة البرلمان في ليبيا ومصير الحكومة.. معضلة التغيير والسيناريو الأقرب

جلسة البرلمان في ليبيا ومصير الحكومة.. معضلة التغيير والسيناريو الأقرب
 رامي شفيق

إثر اجتماع البرلمان الليبي في ظل تأزّم الأوضاع السياسية على خلفية إلغاء عقد الانتخابات، نهاية ديسمبر العام الماضي، يبدو مصير الحكومة ومستقبل الانتخابات ومآلات المرحلة المقبلة أمام سيناريوهات عديدة ومتفاوتة. فالمستشار عقيلة صالح الذي طالب باجتماع النواب في مقر المجلس في مدينة طبرق، مؤخراً، يواجه جملة تحديات تخصّ الانسداد السياسي القائم ومفاعيله الإقليمية والدولية، لا سيما مع المطالبات بتغيير الحكومة التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، وتشكيل حكومة تكنوقراط مختصرة ومحددة.

غير أن تلك الخطوة التي يدفع بها بعض النواب تقابل رفضاً أممياً. واللافت أن الطلب الذي قدمه عدد من أعضاء مجلس النواب بتغيير رئيس الحكومة جاء وسط ملابسات تخصّ إيقاف بعضهم، والتحقيق معهم في تهم تتعلق بالمخالفات وشبهات الفساد المثارة في وسائل الإعلام، باعتبار أن ذلك بلاغاً للنائب العام بحكم القانون.

وكانت دعوة رئيس البرلمان لعقد جلسة في مجلس النواب قد تزامنت مع الأنباء المتواترة بقطع إجازته التي قررها منذ ثلاثة شهور لخوض الانتخابات كمرشح رئاسي، مما يشي بعدة دلالات؛ أولها أن الموعد المقترح للانتخابات نهاية هذا الشهر أمر في حكم الاستحالة ، ثاني الدلالات أن ثمة حزمة من الإجراءات ينبغي الخوض في تفاصيلها وحسم مساراتها من خلال حضوره شخصياً على كرسي رئيس المجلس، والذي يتزامن مع تسريبات نقاط التفاوض مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، لا سيما ما يتعلق منها بالدستور أو بعض التعديلات على قوانين الانتخابات.

ويضاف لذلك، اتخاذ قرار استمرار الدبيبة كرئيس لحكومة تصريف الأعمال لصالح بعض الأسماء التي تذهب بعض الترجيحات أنها تستقر عند فتحي باشاغا، الحليف السابق لقائمة صالح في ملتقى الحوار الذي اختار اسم رئيس الحكومة والمجلس الرئاسي، أو المرشح الرئاسي عارف النايض، أحد أبرز الأسماء التي حضرت لقاء بنغازي.

بيد أن هناك آراء ترى أن مسألة استبعاد اسم رئيس الحكومة تحديداً من منصبه أمر يتحتم أن يلقى استجابة وقبولاً دولياً، لتمرير ذلك القرار في مقابل بقية خطوات خارطة الطريق، خاصة وأن تسميتهما جاءت عبر سياق انتخابي في ملتقى الحوار بجنيف.

ثمة رابط يجمع تلك التأويلات والتسريبات الخاصة ببعض الأسماء، مرة فيما يرتبط بالأسماء التي حضرت اللقاء غير المعلن بالمغرب، وأخرى ما يتصل باسم رئيس الحكومة الذي طرح في ذات اللقاء. وتزامن ذلك أيضاً مع تقارير نشرتها صحيفة "جيروزاليم بوست" بخصوص لقاء جمع عبد الحميد الدبيبة بمدير المخابرات الإسرائيلية، وذلك بطلب مباشر من الأول للضغط على الطرف الأمريكي بغية استمراره على كرسي رئيس الحكومة، وكذا مناقشة الجانب الأمني والتطبيع مع إسرائيل.

بدروه نفى مكتب رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، عقد أي لقاءات جرت مع مسؤولين إسرائيليين في الأردن.

لا يمكننا توقع عقد الانتخابات الرئاسية في ليبيا، والتي فشل تنفيذها في الموعد المقرر سلفاً، نهاية العام المنصرم، دون تحقق عدة أمور إجرائية وسياسية محلية ودولية وإقليمية.

عماد السائح، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، طرح إشكالية "القوة القاهرة"، وقدرها التحدي الأبرز والرئيس أمام تنفيذ الاستحقاق الرئاسي في الوقت الذي تحدده الجهات المعنية، وفصل ذلك العائق في العامل الأمني وقدرة المفوضية على إنفاذ القانون في الأسماء التي طعنت على مشروعيّة أوراقها وسلامة ملفها الانتخابي من شهادات علمية وتزكيات المواطنين، اللازمة لقبول ملفه. غير أن البعض ارتأى أن وجه الأزمة الحقيقية في الانتخابات الرئاسية كان دخول المرشح سيف الإسلام القذافي ومن بعده الدبيبة.

إلى ذلك، تبدو مسارات الحركة، بدءاً من جلسة مجلس النواب، التي أجريت الاثنين/ السابع عشر من كانون الثاني/ يناير، برئاسة المستشار عقيلة صالح، تتجه صوب رسم ملامح النفاذ نحو دستور ليبي يصيغ قانون انتخابات يحدد بدقة الأسماء التي ينبغي أن يسمح لها بخوض الاستحقاق عبر فتح التقديم للانتخابات من جديد. يتصل ذلك بالتحركات السياسية عبر الأراضي الليبية للقوى الفاعلة، لا سيما الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا من خلال السفراء المعتمدين، وكذا المسؤولة الأممية، ستيفاني وليامز، التي تجوب عواصم فاعلة في الملف الليبي، وكذا عندما صرّحت، غير مرة، بترجيح فكرة أن تسبق الانتخابات البرلمانية الرئاسية.

رغم ملاحظة مؤشرات تتجه نحو ضرورة إجراء الاستحقاق الانتخابي قبل 30 حزيران (يونيو) القادم، أو الإصرار على وضوح ذلك المسعى ظاهرياً، غير أن حقيقة الأمور تؤشر بأن شرعية الأجسام السياسية في ليبيا رهينة هذا الاستحقاق. وكذلك القوى الفاعلة في ليبيا تدرك أن المضي بعيداً عن ترتيب البيت من الداخل سيعقد الأمور كثيراً، وينبغي أن يدفع البعض ثمن ما حدث. ويبدو أمام الجميع أن ثمة إرادة دولية نافذة في ليبيا والجميع يمارس أدواره في إطار هامش الحركة وحدود الهندسة السياسية.

وبينما يبدو من السيناريوهات المرجحة أن يجرى العمل على تغيير مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ورئيسها السيد عماد السايح، وذلك يعني سابقاً ولاحقاً ضرورة إقرار قاعدة قانونية للانتخابات وإقرار دستور جديد للبلاد، حتى وإن جاء بصيغة زمنية مؤقتة، فإن الوصول إلى ذلك يستوجب تحركاً تكتيكياً يحدث من جانبين وعلى فترات زمنية متباينة؛ الأولى حينما تحرك المرشح المحتمل فتحي باشاغا لزيارة بنغازي ولقاء المشير خليفة حفتر باعتباره مرشحاً رئاسياً بجانب آخرين حضروا هذه الزيارة، والمرة الثانية كانت في اللقاء الذي جمع الخصمين؛ رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى للدولة، من أجل المضي قدماً بالوضع السياسي في البلاد، والاتفاق على الخطوات التي من الممكن أن تحقق الاستحقاقات الانتخابية، وإلا سيضحى الثمن ماثلاً في سقوط شرعية الأجسام السياسية.

الصراع السياسي في ليبيا الآن حاضر بين خارطة الطريق الحالية المنبثقة عن ملتقى الحوار، ومساعي بعض الأطراف لصياغة خارطة طريق جديدة، لا سيما وأن مساحة الفراغ ما تزال شاسعة في ملفات توحيد المؤسسة، العسكرية والأمنية، وضم بعض المليشيات وأسلحتها تحت لواء الدولة وخروج المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية. ولذلك نستطيع القول إن تمثل الاستحقاق الانتخابي واستقرار المشهد السياسي يرتبط بعدة اعتبارات، داخلياً وخارجياً، يتفاعلان معاً، ويرتبط كل منهما بالآخر بدرجة كبيرة.

 

ليفانت - رامي شفيق

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!