-
تونس.. هجمة مرتدة بقلب الإخوان
على وقع غليان في الشارع السياسي وتدهور غير مسبوق للأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وضلوع حركة النهضة الإخوانية بشكل مباشر في استغلال مؤسسات الدولة لصالح مشاريع وأجندات خارجية.
وبالتزامن مع احتشاد ملايين التونسيين بمختلف المدن والمحافظات للمطالبة بإسقاط الإخوان، أعلن الرئيس قيس سعيد الانحياز لإرادة الشعب بعدة إجراءات استثنائية استهدفت بشكل مباشر تطويق جماعة الإخوان في البلاد.
وفي ساعة متأخرة من مساء الأحد/ 25 يوليو، أعلن سعيد تجميد كل سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه.
كما قرر الرئيس التونسي تولي رئاسة النيابة العمومية للوقوف على كل الملفات والجرائم التي ترتكب بحق تونس، وتولي السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة جديد ويعينه رئيس الجمهورية.
وفي كلمة له عقب اجتماع طارئ مع قيادات أمنية وعسكرية، قال الرئيس التونسي: "لن نسكت على أي شخص يتطاول على الدولة ورموزها ومن يطلق رصاصة واحدة سيطلق عليه الجيش وابلاً من الرصاص."
تأييد محلي ودولي
وتوالت ردود الفعل المحلية والإقليمية والدولية لمساندة قرارات الرئيس التونسي لحفظ أمن واستقرار البلاد وحمايتها من محاولات العبث، وأيدت القوى السياسية التونسية تحركات الرئاسة التي استندت على المادة 80 من الدستور التونسي، والتي تمنح رئيس الجمهورية الحق في اتخاذ ما يراه مناسباً من إجراءات في حال تعرض البلاد لخطر يهدد أمنها القومي.
تخوفات من عنف النهضة
وبالتزامن مع مظاهرات تونسية حاشدة واحتفالات استمرت لساعات متأخرة لصباح الاثنين، عبر مراقبون عن تخوفاتهم من رد الفعل من جانب حركة النهضة الإخوانية، والتي سبق أن استخدمت العنف داخل البلاد في الثمانينات، فضلاً عن استدعاء سيناريو العنف الإخواني في مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو.
ويقول المحلل السياسي التونسي، بسام حمدي، إن قرارات الرئيس قيس سعيد تأتي في صميم معركته السياسية مع حركة النهضة، مشيراً إلى أن أهم أسباب هذه المعركة هي رغبة الرئيس التونسي في تطبيق القوانين وتطبيق الدستور والتصدي لكافة أشكال التخريب السياسي، والفساد الحزبي الذي تمارسه حركة النهضة بمعية حزب قلب تونس.
شرعية دستورية
وفي تصريح لـ"ليفانت"، عبر حمدي عن اعتقاده بأنّ الخطر الداهم الذي استشعره قيس سعيد هو التلاعب بمستقبل ومقدرات الشعب التونسي، وإثارة حرب أهلية وذلك ما دفعه لتسريع إعلان الإجراءات الاستثنائية في البلاد، بتجميد البرلمان التونسي ورفع الحصانة عن جميع أعضائه، وأيضاً إعفاء رئيس الحكومة من منصبه.
ويوضح حمدي أن القرارات لم تكن وليدة اللحظة ولكنها نتاج مرحلة صعبة، ويبدو أنه تم ترتيبها منذ فترة ولكن الرئيس انتظر توافر الإجراءات الدستورية اللازمة للإعلان عنها، مشيراً إلى أن الرئيس استند إلى أحكام المادة 80 من الدستور التونسي والتي تمنحه الحق في اتخاذ ما يراه مناسباً من إجراءات لحماية أمن البلاد في حال تعرضها لأي خطر.
وتنص المادة رقم 80 من الدستور التونسي، أن “لرئيس الجمهورية في حال الخطر الداهم الذي يهدد كيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، ويتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس ومجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن (الرئيس) عن التدابير في بيان إلى الشعب”.
كما تنص على أنه "يحب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة، وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب، كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة".
"وبعد مضي 30 يوماً على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو 30 من أعضائه البت في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه. وتصرح المحكمة بقرارها علانية من أجل أقصاه 15 يوماً".
وتقول المادة المذكورة: "ينهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بياناً في ذلك إلى الشعب".
وأكد حمدي أن الرئيس التونسي بات لديه أدلة على تورّط بعض الجهات السياسية، وبمقدمتها النهضة، في عمليات فساد سياسي وإداري وتبيض أموال والتلاعب بمؤسسات الدولة لصالح أجندات خارجية وسيتم ملاحقة النواب المتورطين في ذلك ومحاسبتهم.
وتوقع حمدي أن تنظم حركة النهضة مظاهرات واعتصامات خلال الفترة المقبلة للرد على قرارات الرئيس، مشيراً إلى أنهم قد يتصرفون مثل إخوانهم في مصر عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، مؤكداً أن الجماعة تعلم كل العلم أن الرئيس التونسي لن يجلس معهم ولن يقبل التفاوض على أي ملفات في الوقت الراهن لأنه يدرك مدى الجرم الذي ارتكبه عناصر التنظيم بحق الدولة التونسية وجميع مؤسساتها.
الجميع ينتظر ما سيحصل خلال الأيام القادمة، صحيح بأن أغلب الشعب قد فرح بما حدث نظراً لكل الظروف السيئة التي وصلتها البلاد نتيجة حكم الإخوان في تونس وخدمتهم فقط لمصالحهم الشخصية على حساب مصلحة الدولة والشعب، وهو ما أدى إلى حالة من الاحتقان والسخط في صفوف عامة الشعب، طبعاً باستثناء أنصار النهضة والأحزاب الموالية لها.
ترقب وقلق
من جانبه قال الباحث التونسي في القانون العام، بسام السويسي، اليوم، إن التونسيين في انتظار المواقف الرسمية لمختلف المنظمات الوطنية المشكلة للنسيج المجتمعي التونسي، كالاتحاد العام التونسي للشغل، منظمة الأعراف، الهيئة الوطنية للمحامين.
وأوضح في تصريح لـ"ليفانت"، أن موقف هذه المنظمات سيحدد نوعاً ما مصير قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيد، وهل ستلاقي الدعم المؤسساتي أم لا، مشيراً إلى إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة العمالية الأكبر في تونس مساندتها لقرار الرئيس في انتظار بقية المواقف الرسمية.
وتابع: "ننتظر كذلك مواقف الدول الأوروبية والدول الشقيقة لتونس لأن مواقفها مما حصل سينعكس على موقف تونس في المنطقة وعن تموقعها الجيوسياسي".
وأشار السويسي إلى أن الرئيس التونسي بصدد استكمال إصدار المراسيم والأوامر الكفيلة بتطبيق هذه القرارات، حيث اتبع القرارات الأولى بإقالة مجموعة من الوزراء، هم وزراء الدفاع والداخلية والعدل.
وأشار إلى أهمية استكمال ما بدأه الرئيس التونسي من إجراءات من خلال معاقبة كل من أذنب في حق هذا الشعب ونهب خيراته وهو ما يمكن له القيام به بفضل سحبه الحصانة من كل النواب والوزراء وترأسه حالياً لجهاز النيابة العمومية.
وحول رد الفعل من حركة النهضة، قال السويسي إنها بصدد لعب أوراقها الأخيرة، تحاول القيام بالضغط على "سعيد" حتى يسحب ويتراجع عن قراراته إذ حاول رئيس مجلس النواب، زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، الدخول برفقة نواب من حركة النهضة ومن كتل نيابية أخرى، مثل ائتلاف الكرامة، والالتحاق بمجلس النواب لكسر الحصار على المجلس، إلا أن الجيش الوطني قام بمنعهم من الدخول من الباب الخارجي له تطبيقا لأوامر الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يقضي بتجميد أعمال المجلس النيابي.
سوابق النهضة في ممارسة العنف
وأوضح أن النهضة الآن تقوم بحشد أنصارها عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتدعوهم للنزول إلى الشارع والالتحاق بساحة البرلمان في محاولة للضغط على الرئيس قيس سعيد، مؤكداً أنه هناك مخاوف من لجوء النهضة إلى العنف، خاصة وأن لها سوابقاً في ذلك، وقياداتها متهمون بتنظيم وتنفيذ مجموعة من الاغتيالات التي طالت زعماء يساريين في تونس، كالشهيد شكري بالعيد والشهيد محمد البراهمي.
هناك كذلك من يتحدث عن إمكانية نشوب نزاعات مسلحة في الشوارع، ولكن شخصياً استبعد ذلك "نظراً لطبيعة الشعب التونسي المسالمة، والتي لا يمكن أن تدفع بنا إلى الاقتتال أو إلى حرب أهلية إضافة إلى فطنة وجاهزية مؤسستنا العسكرية والأمنية".
ليفانت - رشا عمار
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!