-
بين الانتخابات والمحاكمة.. كيف سيعبر نتنياهو بحكومة جديدة؟
ليفانت - مرهف دويدري
يتراجع تفشي فيروس كورونا في إسرائيل الآن وسط حملة تلقيح واسعة يقودها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يتولى منصبه منذ 12 عامًا، والذي من المرجح أن تعزز اتفاقيات التطبيع التاريخية مع عدة دول عربية منذ الانتخابات الأخيرة مكانته لدى الناخبين الإسرائيليين، لكن محاكمته الجارية بتهم الفساد وحكومته المنقسمة ليست في صالحه، بينما يواجه منافسيه من اليمين واليسار، وبعد الانتخابات الأخيرة، بدأت حكومة الوحدة مع زعيم حزب “أزرق أبيض” الجنرال السابق ووزير الدفاع بيني غانتس في الانهيار على الفور تقريباً، وذهبا إلى انتخابات مبكرة بسبب أزمة ميزانية ألقى كثيرون باللوم فيها على رئيس الوزراء.
لا تختلف الدورة الانتخابية الجديدة، عن الانتخابات الثلاثة السابقة، فهي دائماً حول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. لكن المشهد السياسي تغيير منذ التصويت الأخير بعد مواجهته تحديات من قبل منافسين يمينيين للمرة الأولى، حيث تلاشى التحدي من الوسط الذي قاده زعيم حزب “أزرق أبيض” بيني غانتس، لكن نتنياهو تمكن حتى الآن من الحفاظ على مكانته، وأظهرت استطلاعات الرأي أنه حقق مكاسب على حساب منافسيه في الأسابيع الأخيرة.
انتخابات الحالية، هي الثانية التي تجرى في ظل الوباء. وجرت الانتخابات السابقة، في مارس 2020، بينما كانت عاصفة فيروس كورونا لا تزال تلوح في الأفق ومع حالات إصابة قليلة نسبيًا في إسرائيل. لكن اجتاح الفيروس البلاد منذ ذلك الحين، مما أسفر عن مقتل أكثر من 6000 شخص ودمر الاقتصاد، وفي الجولات الانتخابية الثلاثة السابقة، ارتفعت نسبة الإقبال بشكل طفيف، إلى 71.5% في مارس الماضي. وتوقع المحللون انخفاض الإقبال في هذه الجولة، لكن من المرجح أن يكون معدل التصويت في قطاعات معينة أمراً بالغ الأهمية. وعادة ما يعمل حلفاء نتنياهو اليهود المتشددون إلى زيادة نسبة المشاركة بشكل كبير للغاية، بينما من المتوقع أن يكون الناخبون العرب أقل ميلاً للتصويت بعد التفكك الجزئي لتحالف القائمة المشتركة ذات الأغلبية العربية، والذي حقق أفضل نتائج له على الإطلاق العام الماضي.
نتنياهو المحاصر من من خصومه والشارع.. هل يفوز؟
لا يزال السباق على كرسي رئاسة الحكومة متقارباً بين الخصوم السياسيين، وذلك وفقاً لاستطلاعات الرأي، حيث يتمتع نتنياهو بفرصة جيدة للاحتفاظ بالسلطة في الانتخابات المقبلة. في استطلاعين للرأي نشرتهما القناتان 12 و13 قبل أيام من انطلاق الانتخابات، وكان من المتوقع أن يفوز نتنياهو بما يتراوح بين 30-32 مقعداً، لكن مازال طريقه إلى الأغلبية في الكنيست غير واضح، فيما تجمع آلاف المتظاهرين في القدس قبل ثلاثة أيام من الانتخابات وذلك لمطالبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالاستقالة، حيث سار المتظاهرون من جميع أنحاء البلاد في مسيرة من الكنيست إلى ميدان باريس بالقدس، المتاخم لمقر إقامة نتنياهو في شارع بلفور. وقال منظمو المظاهرة إن حوالي 15 ألف متظاهر حضروا في البداية، وقدّروا لاحقاً أن إجمالي عدد المتظاهرين بلغ حوالي 50 ألفاً، فيما قدّرت عدة تقارير إعلامية العدد بـ 20 ألفاً أو أكثر.
ولما يقرب من تسعة أشهر، تمكن المتظاهرون من جعل التجمعات المناهضة لنتنياهو سمة أسبوعية للحياة السياسية في إسرائيل. على الرغم من تضاؤل الإقبال في الأسابيع الأخيرة، حيث أكد منظمو الاحتجاج بأن الضغط الذي مارسوه على نتنياهو ساعد في دفع إسرائيل نحو انتخاباتها الرابعة خلال عامين، وصلت ذروتها في منتصف الصيف الماضي، حيث شهدت الاحتجاجات المناهضة لنتنياهو خروج عشرات الآلاف إلى الشوارع في تل أبيب والقدس، ورفع آلاف آخرون الأعلام السوداء ولافتات احتجاجية على الجسور والتقاطعات في جميع أنحاء البلاد.
فيما يواجه نتنياهو منافسة من مختلف أطياف الأحزاب السياسية، بما فيهم اليمنيين، ويبرز عدد من المرشحين في مواجهة نتنياهو منهم "يائير لابيد" وزير المالية السابق وصاحب برنامج حواري تلفزيوني، و"جدعون ساعر"، وزير سابق استقال من الليكود لتشكيل حزب "الأمل الجديد" وتعهد بإنهاء حكم نتنياهو، كما ينافس رئيس الوزراء الحالي أيضا "نفتالي بينيت"، أحد مساعدي نتانياهو السابقين ووزير سابق في الحكومة، وهو مليونير كوّن ثروته من مجال التكنولوجيا ويرأس حزب "يامينا" المتطرف، وينافس ساعر على زعامة اليمين بعد نتنياهو، علاوة على "بيني غانتس"، وهو جنرال سابق في الجيش، والذي شكّل مع نتنياهو حكومة وحدة وطنية غير أن كثيرين من أنصاره ممن ينتمون للوسط ثاروا غضباً عليه، وتهاوت شعبيته وتفكك حزب "أزرق أبيض" الذي يتزعمه، وتبيّن استطلاعات الرأي أن حزبه قد لا يفوز بأي مقاعد في البرلمان.
محاكمة نتنياهو هل تعطّل فوزه بالانتخابات؟
يعتبر بنيامين نتنياهو أول رئيس للحكومة في تاريخ دولة إسرائيل تُوجَّه إليه اتهامات رسمية وهو في منصبه، ويواجه تهماً بقبول هدايا فاخرة وسعيه لمنح تسهيلات تنظيمية لجهات إعلامية نافذة، مقابل حصوله على تغطية إعلامية إيجابية، وفي جلسة مقتضبة عُقدت في الثامن من فبراير/شباط، مَثُل خلالها أمام محكمة في القدس، نفى نتنياهو تهم الفساد الموجهة إليه، فيما اتهم المحاميان المكلفان الدفاع عنه، المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت، الذي عيّنه نتنياهو في هذا المنصب، بسوء التعامل مع الملف.
اقرأ المزيد العدل الإسرائيلية: محاكمة نتنياهو تبدأ في 17 أذار/مارس
ورغم وضع نتنياهو في قفص الاتهام، إلا أن حزب الليكود واصل الحفاظ على قوته الانتخابية في استطلاعات الرأي، كما أن نتنياهو -الذي ما زال يحافظ على شعبيته- يبقى الشخص الأجدر من منظور الناخب الإسرائيلي لقيادة الحكومة المقبلة، ما يعزز حظوظه لتشكيل حكومة يمين ضيقة تعتمد على 61 صوتاً من أعضاء الكنيست.
وعلى الرغم من انحسار المنافسة على رئاسة الوزراء داخل معسكر اليمين فقط، بين نتنياهو والمنشق عن الليكود رئيس حزب "أمل جديد"، جدعون ساعر، ورئيس حزب "يمينا"، نفتالي بينت، يواصل الليكود الحصول على 30 مقعداً باستطلاعات الرأي، حيث تمنح هذه المقاعد نتنياهو إمكانية تشكيل حكومة ضيقة، كما تبقي عليه الشخصية الأفضل لتولي رئاسة الوزراء، وهي المعطيات التي لم تتوفر خلال الانتخابات السابقة، وعلى الرغم من بدء محاكمة نتنياهو يعزز من مقاعده؛ لكنه سيجد صعوبة في توسيع وتعزيز قاعدته الانتخابية، والحصول على 36 مقعداً، وهو الهدف الذي يسعى لتحقيقه نتنياهو، لتشكيل حكومة ضيقة يكون صاحب القول الفصل فيها.
القوائم العربية في الانتخابات الإسرائيلية.. خلافات وانشقاقات
يرى مراقبون أنه من المُرجح، فوز أحزاب اليمين المتطرف والأشد تطرفاً والأحزاب الأصولية بثلثي مقاعد الكنيست، وفق استطلاعات الرأي الإسرائيلية المتتابعة، مقابل أداء ضعيف للأحزاب العربية، عقب تفكك القائمة العربية المشتركة، التي كانت تعد الأقوى منذ تشكيلها العام 2015 ومنافستها القوية في الإنتخابات الأخيرة التي حصدت من خلالها 15 مقعداً، وذلك غداة انفصال رئيس حزب القائمة العربية الموحدة “الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية”، منصور عباس، عنها، وقد لا يؤثر تفكك القائمة العربية المشتركة في مسألة تجاوزها نسبة الحسم، ولكن سيمنح فرصة للأحزاب الإسرائيلية لكسب أصوات الناخبين العرب، مما يشتت من قوة القائمة وأحزاب اليسار ويعطي الأفضلية لليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يجهد لتشكيل حكومة ضيقة برئاسة زعيم حزب الليكود، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
حيث تخوض الحركة الإسلامية، "الجناح الجنوبي"، الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، بقائمة منفردة، وهي “القائمة العربية الموحدة” برئاسة منصور عباس، وتضم 15 مترشحاً، بينما تخوض كل من، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير، الانتخابات تحت إطار موحد "للقائمة العربية المشتركة"، بعضوية 11 مترشحاً، وذلك من بين 39 حزباً لاختيار 120 نائباً في “الكنيست”، فيما تخشى أحزاب القائمة الثلاثة أن يقوم عباس بالتوصية بنتنياهو في حال حقق نجاحاً في الانتخابات المقبلة، ليكون رئيساً للوزراء وهو الموقف الذي ترفضه القائمة العربية، وسط مطالبة عضو الكنيست سامي أبو شحادة الرئيس الجديد لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، “الجمهور العربي بوقف اجتياح الأحزاب الصهيونية في المدن والقرى العربية في الانتخابات.
اقرأ المزيد الانتخابات الإسرائيلية الجديدة هل تنجح بفك عقدة الحكومة؟!
بالمقابل جرى تصوير فك شراكة الحركة العربية للتغيير عن القائمة المشتركة "بانفصال شكلي وفني" في ظل استمرار الاتصالات لخوض الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، تحت إطار موحد للقائمة، ضمن مركباتها الثلاثة؛ بعيداً عن حزب عباس، غير أن التباينات الواسعة بين الأحزاب الثلاثة ما تزال كبيرة، ولم يتم تجسيرها بعد، مما يلقي بظلاله السلبية على إمكانية الحفاظ بوحدة القائمة، ويفتح المجال، في نظر البعض من داخل القائمة، أمام تحالفات مغايرة باحتمال السير نحو قائمتين، إحداهما قد تجمع الجبهة والتجمع، والأخرى قد تجمع القائمة العربية الموحدة والعربية للتغيير، بالرغم من احتماله الضئيل ولكنه يظل قائماً، بينما تجري الجبهة مباحثات مع حركة أبناء البلد للإبقاء على احتمال خوض الانتخابات بقائمة موحدة قائماً في حال انهارت القائمة العربية المشتركة الحالية.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!