الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • بعد حلّ الرئيس سعيد البرلمان.. هل خرجت تونس من أزمتها أم ستدخل أزمات أكثر حدّة؟

بعد حلّ الرئيس سعيد البرلمان.. هل خرجت تونس من أزمتها أم ستدخل أزمات أكثر حدّة؟
هيثم بن عبد الله

تعيش تونس منذ 25 يوليو 2021 على وقع أزمات حادّة مسّت الاقتصاد والسياسة والمجتمع وبات واضحاً أن الإجراءات الرئاسية والحكم بالمراسيم على امتداد ثمانية أشهر لم يؤتِ أكله، حيث تراجعت القدرة الشرائية للمواطن بسبب الغلاء الكبير للأسعار وفقدان عدد من المواد الغذائية الرئيسة من الأسواق.

كما بقيت الأزمة السياسية تراوح مكانها رغم إعلان الرئيس التونسي عن عدد من المحطات السياسية انطلقت باستشارة شعبية لم تحقق أكثر من 5 بالمائة من مشاركة التونسيين، وسيتلوها استفتاء على الدستور الجديد ويتوّج بانتخابات تشريعية في ديسمبر 2022.

هذه المحطات، وإن رحّب بها الرأي العام الوطني والدولي، إلاّ أن الالتزام بها يبقى أقرب للمستحيل وسط تفجّر أزمة غير مسبوقة بين رئيس الجمهورية من جهة، وبين المعارضين، إذ يتم تبادل نفس التهمة، وهي تهمة الانقلاب، وسط حيرة التونسيين عن المنقلب الحقيقي.

وبحكم اختلال موازين القوى لصالح الرئيس، فقد أعلن مساء 30 مارس، عن قراره بحلّ البرلمان في ردّ مباشر على اجتماع عدد من النواب (121نائباً من جملة 2017) في جلسة عامة افتراضية قررت تحدّي الرئيس وإبطال الإجراءات الاستثنائية التي حلّ بمقتضاها البرلمان والحكومة والمجلس الأعلى للقضاء.

الرئيس اعتمد على الفصل 72 من الدستور لحلّ البرلمان وسط جدل كبير من السياسيين في تونس، حيث يعتبرون أن هذا الفصل يخرج البلاد من حكم الفصل 80 ويدخل البلاد في المجهول، خاصة مع التتبعات القانونية المستعجلة للنواب الذي حضروا في الجلسة المذكورة وسياسة الأمر الواقع التي يفرضها الرئيس والتي ستجعله في حلّ من الالتزامات الدستورية، وأولها الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية في ظرف 90 يوماً.

غير أن إجماعاً من الملاحظين في تونس يؤكدون استحالة إقدام الرئيس على الدعوة لانتخابات تشريعية مبكّرة لعدة أسباب، أهمها عدم توفّر المناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي لذلك، علاوة على أنّ الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في حكم الميّت وعلاقتها بالرئاسة معدومة ولا تحظى بثقتها.

مقابل ذلك، وبالإجراء الرئاسي الذي حلّ البرلمان، يكون سعيّد قد أغلق نهائياً باب المفاوضات مع الجهات المقرضة والمانحة، وهو ما سيدخل البلاد في حالة من الإفلاس ستكون الشرارة لانتفاضة شعبية ما يزال ممكناً منع اندلاعها بانتهاج سياسة الحوار الوطني وإرساء تفاهمات سياسية بعيداً عن الدستور وتعقيداته.

حلّ البرلمان التونسي رسمياّ قد يكون فرصة لإنهاء مختلف أزمات البلاد، وهو أمر بيد الرئيس المجمّع لكلّ السلطات. غير أنّ هذا القرار من المحتمل أن يسير بالبلاد في نفق مجهول ويزيد من عزلة تونس الدولية.

ويبقى التونسي قادراً على التغلّب على كل الصعوبات وحلّ كلّ الأزمات مهما كانت عصيّة، وذلك بالحوار والتوافق، الوصفة السحرية التي بيد التونسيين، وهي التي مكنتهم من الفوز بجائزة نوبل للسلام سنة 2014.

 

ليفانت - هيثم بن عبد الله

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!