-
النظام وقسد لقاء وافتراق.. إلى أين المطاف؟
-
حصار في الأشرفية والشيخ مقصود بحلب.. يقابله إغلاق للمخابز ومداخل الأحياء في الحسكة
اعتاد السوريون في الأعوام الخمسة الأخيرة أن يشهدوا بين الحين والآخر توتراً من هنا وهناك بين النظام وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ولطالما انحصرت التوترات في أحياء حلب الشمالية (الأشرفية والشيخ مقصود) ذات الغالبية الكردية، وفي محافظة الحسكة.
وكانت آخر تلك النزاعات، المواجهة المباشرة مستخدمين رشاشات وأسلحة متوسطة قبل أقل من عام في حي طي ومساكن حي حليكو بمدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة، شمال شرق سوريا.
أزمة طحين
لكن التوتر الأخير، حسبما أوردت وكالة سانا التابعة للنظام، أن "قسد" عمدت إلى اقتحام فرن البعث في مدينة القامشلي، يوم السبت الفائت 9 أبريل/ نيسان، وطردت الحرس منه، وذلك بعد حصاره لمدة يومين.
اقرأ المزيد: النظام يحاصر الأحياء الكردية بحلب.. وقسد ترد عليه بالحسكة
وذكرت سانا أن "قسد نشرت مجموعات مسلحة عند المداخل المؤدية إلى مركز المدينة ومنعت حركة السير للمدنيين والسيارات من وإلى مركز المدينة ما يهدّد بنقص حاد في المحروقات والمواد الغذائية ويخلق أزمة خانقة، وخاصة خلال شهر رمضان".
ونقلت الوكالة عن مدير فرع المخابز، عبد الله الهصر، قوله: "إن قسد منعت شاحنات الطحين من التحرك باتجاه مخبز الباسل وتزويده بالطحين ومواد الإنتاج ما سيؤدي إلى توقفه عن العمل وبالتالي نقص بمادة الخبز في مدينة الحسكة بالتوازي مع استمرار قسد بحصار مخبز البعث في مدينة القامشلي وتوقفه عن العمل حالياً".
مظاهرات في حلب ضد النظام
وتتزامن تلك الأحداث مع الضغوطات التي تمارسها قوات النظام في حيّي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب. وكانت وسائل إعلام تابعة للإدارة الذاتية، نشرت، يوم السبت، صوراً لمئات المتظاهرين خرجوا في الحيَّين، تنديداً "بحصار النظام ومنعه إدخال الطحين والمواد الغذائية إليها".
وهو ما أكده أيضاً المرصد السوري لحقوق الإنسان، مبيناً أن الأهالي تظاهروا بالقرب من مستشفى ياسين بحي الشيخ مقصود، مطالبين برفع الحصار عن أحيائهم ومنددين باستخدام النظام لسلاح التجويع لإخضاع الأهالي هناك.
وبحسب المرصد السوري، فإنّ "أهالي الحيين يعانون أوضاعاً إنسانية صعبة، نتيجة لانقطاع أصناف عديدة من المواد الغذائية وارتفاع أسعار المواد المتوفرة بشكل جنوني، فضلاً عن وصول سعر ربطة الخبز السياحي إلى 4000 ليرة سورية بعد أن كانت نحو 1500 ليرة قبل بدء الحصار والتضييق من قِبل حواجز الفرقة الرابعة"، التي يقودها شقيق رئيس النظام ماهر الأسد.
وسبق أن أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، في الخامس من أبريل/ نيسان، إلى تقصُّد حواجز النظام المنتشرة على مداخل ومخارج حيي الأشرفية والشيخ مقصود، بتضييق الخناق على الحيين الخاضعين لنفوذ الإدارة الذاتية، الأمر الذي ينذر بوقوع كارثة إنسانية وشيكة، تهدد حياة نحو 200 ألف مدني يقطنون في تلك الأحياء.
وتشير مصادر عديدة، أن حصار الحيين ليس وليد الساعة أو الأزمة الحالية، بل تقوم الفرقة الرابعة بين الحين والآخر، بفرض حصار جائر على هذين الحيين، لتحصيل تنازل ما من قبل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في أماكن أخرى، وفي الغالب يكون الروس، داعمو النظام، مطلعين على ذلك.
وتأتي التنازلات، التي يحاول النظام فرضها على قسد، من خلال إرغامها على زيادة تدفق النفط إلى مناطق سيطرته، بعد أن توقفت الواردات الروسية، عقب غزو الأخيرة لجارتها أوكرانيا وعرقلة وصول مساعداتها النفطية والحبوب إلى النظام السوري.
الأزمة الأوكرانية حاضرة
ولتوضيح الصورة بأبعادها، تجب الإشارة إلى أن أي توتر بين الولايات المتحدة الأمريكية الداعمة لقوات قسد، وروسيا، حليفة نظام الأسد؛ سينعكس حتماً على المنطقة الشرقية في سوريا، لا سيما بعد وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض في واشنطن، وتصريحاته المتصاعدة تجاه روسيا وسياساتها العدوانية في أوكرانيا وسوريا.
وفي لقاء تلفزيوني، قال محلل عسكري واستراتيجي إن العلاقة والتنسيق بين النظام وقوات قسد، أبعد من أن تتوتر بسبب نقص في الطحين أو المشتقات النفطية، وبيّن أن الأمر قد يكون مرحلياً، إلا أن التنسيق الأمني والعسكري يتجاوز كل تلك الخلافات والتي لن تؤثر قيد أنملة على تعاونهما في ملفات عديدة.
وأوضح قائلاً: إن التداخل بين القوات الأمنية والعسكرية في القامشلي بين الطرفين، يتعدى أن يكون العداء استراتيجياً، بل هو مرحلي، وهذه التوترات والاشتباكات حصلت في السابق في عدة مرات، سواء في عام 2016، أو حي طي بالقامشلي في العام الماضي.
اقرأ أيضاً: جهود روسيّة للتوصّل إلى اتفاق بين النظام وقسد
وأكد أن ما يحصل عبارة عن أزمة عابرة وكما سابقاتها سيتم تجاوزها خلال أيام قليلة.
إلا أنّ العقيد عبد الجبار عكيدي، كان له رأي آخر، مبيناً أن ارتدادات الأزمة الأوكرانية انعكست على سوريا والصراع الدائر فيها، وبالتالي الخلاف الغربي الروسي لا بدّ أن يلقي بظلاله على طرفي النزاع الحالي، النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية.
وبحسب قوله، إن "النظام لطالما طلب من قسد الانضمام إلى فرقه العسكرية وانصهار الأسايش في أجهزته الأمنية"، لكنه اعتبر أن الاحتفالية الكبيرة التي أقامتها قسد بمناسبة ذكرى الثورة السورية، قد أزعجت النظام وميليشياته. وبالتالي نحن أمام مرحلة جديدة من العلاقات بين الطرفين، قد تمتد آثارها إلى اشتباكات متقطعة بين الحين والآخر.
لكن الضابطين المنشقين، أكدا على أن الأزمة الأوكرانية سبب فيما جرى وسيجري في القادمات بين الجانبين، وستكون المناطق المشتركة بينهما، صندوقاً للرسائل بين الأطراف الدولية المتنازعة في الملف الأوكراني، كالروس والأمريكيين.
جغرافيا الصراعات المفتوحة
نستنتج مما سبق، أن النظام يحاول توجيه الأنظار إلى أن الخلاف مع قسد يحمل طابعاً قومياً، كردياً - عربياً، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن إغفالها، تكمن في السيطرة والنفوذ وضم مناطق جديدة تعزز أوراق كل طرف قبل الوصول إلى الترتيبات الأخيرة، بعد أن فرض الواقع العسكري والداعمون الإقليميون والدوليون لكل طرف فيدراليات عسكرية بإدارات مدنية تحت مسميات مختلفة؛ كالحكومة السورية والحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ والإدارة الذاتية.
ولكلّ منها شكل إداري خاص ونموذج حكم وقادة سياسيون وعسكريون مختلفون أيديولوجياً، كما لكل منهم ممثلون لدى الدول التي تتبنى حلفاء محليين لها على خريطة الصراع السوري.
ليفانت - خاص
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!