-
اللجنة الدستورية.. حياة أو موت العملية السياسية؟
مالك الحافظ - صحفي و باحث سياسي سوري
تطلعات حملها المبعوث الأممي إلى سوريا؛ "غير بيدرسن"، في زيارته الرابعة إلى دمشق (الثلاثاء 9 تموز/يوليو)، والتي سعى إلى تأطيرها بمناقشات بنّاءة في دفع العملية السياسية خطوة إلى الأمام، وبالأخص ملف تشكيل اللجنة الدستورية.
مساعي بيدرسن لإتمام ما عزم عليه في جولاته السابقة بين عواصم عدة بغرض البدء باجتماعات اللجنة الدستورية باتت قريبة من أن يعلن نجاحها، فالتحركات والتطورات التي سبقت وصوله دمشق تشي بأن المقبل من الأيام سيعلن تشكيل اللجنة، حيث إيران أبدت موافقتها عبر مسؤول رفيع في الخارجية الإيرانية سبق بيدرسن بأيام وأبلغ دمشق بالترتيبات الأخيرة التي رأوها مسؤولي طهران.
لا يعني أن موافقة طهران كان تنتظرها موسكو لوحدها وإنما دمشق هي التي مررت موافقتها بعد كلمة طهران، لتبلغ روسيا الأمم المتحدة قبل أيام بأن دمشق وافقت على إطلاق اللجنة الدستورية.
لتكتمل بذلك أركان موافقة الدول الضامنة في "مسار أستانا" بعد إعلان تركي الأسبوع الفائت؛ جاء على لسان وزير الخارجية التركي "مولود تشاووش أوغلو"، حينما أشار أن الخلاف على الأسماء الستة التي سبق لأنقرة أن أبدت اعتراضها حولهم؛ قد تم حله.
اللجنة إذا ما قُدِر لها الإعلان الرسمي خلال الفترة المقبلة فإن ذلك لن يُنجز قبل شهر أيلول، أو بحسب ما تنتجه الجولة الـ 13 من "مسار آستانا" فيما لو عُقدت نهاية الشهر الجاري، فإن سرعة إعلان اللجنة ستكون أكبر.
إلا أن تشكيلها لا يعني أن مسارها قد انطلق وباتت جداول أعمالها مثار النقاش والإقرار، حيث يجدر قبل ذلك طرح تساؤل مبدئي مفاده يتمحور حول محددات اقتران تشكيل اللجنة الدستورية ببدء أعمالها فعلياً.
لا يعني مجرد الإعلان عنها بأن تصل فعاليتها إلى الدرجة القصوى، فأسماء الأعضاء هي ما سيعلن التوافق حوله، ولتتبقى مسائل عدة يتفاوت فيها مقدار وهامش المساحة التي تلعب من خلاله دمشق على أسلوبها المراوغ و التي سجلت فيه حضورا دائما في ردهات جنيف.
و لعل ما سيبرز خلال أولى المراحل ما بعد الإعلان عن التشكيل، هو مسألتي القواعد الإجرائية و آليات عمل اللجنة، سواء أكانت حول طريقة التصويت داخلها، أو حتى كيفية ضمان النتائج و التوافقات المرحلية التي ستتم، وحول الضمانات المتعلقة بفرض الالتزام بها والانتقال لما بعد ذلك من خطوات.
هيئة التفاوض أمام محطات إختبار مهمة قد تكون مطبات لا يمكن تجاوزها بسهولة، فرغم أن المعارضة أعدّت ما يلزم من أوراق تتعلق بالقواعد الإجرائية وما يتصل بها، ولكن هذا لا يعني اعتماد أوراق المعارضة، فهنا تتركز الإشكالية التي سيلجئ النظام لإيجادها، ليعاود بدء سلسلة جديدة من المراوغات والتفاصيل المُغرقة؛ و التي ستحتاج إلى مهارات في الغوص لالتقاط المعوقات المصطنعة وتصفيتها.
في المرحلة المقبلة لا بد من التركيز على الجانبين السياسي والإعلامي بشكل رئيسي، و لهذين الجانبين ثقلاً مهماً في الانتقال لمراحل لاحقة يأتي فيها دور الجانب القانوني والدستوري.
بالعموم فإن اللجنة الدستورية ما هي إلا بوابة لإعادة الملف السوري إلى المسار السياسي، لا يمكن القول أنه و في حال تأجيلها يعني أن خيارات العملية السياسية باتت محدودة.
لكنها تبقى الأداة الأنسب و المتوافق عليها بين جميع الأطراف خلال المرحلة الحالية، والمضي بها سيكون خير وسيلة تعبر عن نية صادقة لبذل الجهود في سبيل خدمة قضية وطن وشعب، وعكس ذلك يعني أن من يعرقل لا يسعى إلا لتأخير توافق بحدوده الدنيا عن طريق اللجنة الدستورية، ولتكون على ذلك أولوية ملفات العملية السياسية المتبدلة، مقابل إهمال ملف اللجنة الدستورية دون أي عودة له.
اللجنة الدستورية.. حياة أو موت العملية السياسية؟
اللجنة الدستورية.. حياة أو موت العملية السياسية؟
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!