الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الحسية الجديدة
د.ميثاق بيات ألضيفي

الحكمة.. تناغم للأفكار مع الحياة


إنّ النقاشات حول سبب الحاجة إلى الاتصال العلمي، وأهميته، هي بنفس القدر من الحدة والحاجة في كل من الدول العربية وأوروبا  وبقية دول العالم، والمشكلة هي من الصعب إلى حد ما، إعطاء أي تعريف ملموس لهذه الظاهرة، بإسنادها إلى مجال واحد من النشاط، ولربما نعود للتساؤل الدارج، هل التواصل العلمي جزء من علم العلوم الاجتماعية، أم أنّه إدارة مشتركة؟ وهل هو جزء من العلوم الاقتصادية أم هو علم الاجتماع السياسي؟


ومن المستحيل أيضاً أن نحدد بشكل لا لبس فيه، لمن له الأهمية العلمية في التواصل العلمي، المجتمع أم الأعمال أم الدولة؟ ومن المهم النظر في نماذج الاتصال العلمي التي كانت موجودة من قبل، وهل كانت دعاية للعلم بمجالات وأبحاث معينة؟ وهل كان التواصل العلمي لتوزيع الموارد العامة لصالح الناس؟ ام أنّه كان لأجل عملية سياسية أكثر منها معرفية أو اقتصادية؟ والخبراء.. هل أنت تثق بهم؟ الحسية الجديدة


ويعتمد الكثير من الناس على آراء الخبراء، ومع تطور وسائل الإعلام والإنترنت والتعليم الشامل، بما في ذلك التعليم المستقل، نلاحظ أنّ الناس العاديين يشاركون بالفعل في العلوم أكثر مما يتصور العلماء، ولدى الناس فهمهم الخاص لبعض العمليات العلمية أو شبه العلمية حول أي شيء، سواء كانت رحلة استكشافية إلى المريخ أو الاحترار العالمي.


وإنّ معظم الناس يتلقّون التعليم الأساسي فقط، ولكن بعد دراسة أي مواد عن الاحترار العالمي، على سبيل المثال، يمكنهم بالفعل تكوين رأي كالخبراء حول هذه القضية، فهل هذا العلم؟ أم أنّه “علم شعبي”؟ وعندما تتحدّث عن التفكير العقلاني، هنا أيضاً لا يمكن للمرء أن يتعامل مع السؤال بشكل لا لبس فيه، وفي فهم الشخص العادي، فالتفكير العقلاني هو عندما يتخذ الشخص قرارات تستند إلى الحس السليم، وهذا ليس هو العقلانية في العلم.


فحين يسود المنهج التجريبي، فهناك فرق بين التفسير المنطقي والسببي، اذ يعتمد التفسير السببي على البيانات التجريبية، وقد يكون غير متوقع وغير منطقي لأولئك الذين طوروا التفكير العقلاني المحدود الأفق، ويمكن لنفس الصحفيين العلميين الوثوق بالعلماء أو الاعتماد على آرائهم، أو أن يكونوا منطقيين، وإيجاد طرق أخرى لشرح أي ظاهرة تبدو منطقية لهم وللمجتمع، ولذا نتساءل هل التواصل العلمي هو أكثر أهمية للعلم من المجتمع؟ الحسية الجديدة


يمتلك الأشخاص بالفعل كل ما يحتاجون إليه، كما يبدو لهم، من حيث المعرفة والآراء، ولا يهمهم ما إذا كانت هذه المعرفة صحيحة أم لا، أم أنّها مفيدة لهم، ومن المهم أن نفهم أنّ النظام الحاكم أينما كان، فلم يعد هو المنبع الوحيد للأفكار والآراء المتاحة للناس، وإنّه لم يعد السبيل الوحيد للوصول إلى المعرفة العلمية، لأنّه فقد الاحتكار، ولدى الناس أسئلة، ويمكنهم اختيار مصادر بديلة للإجابات عبر الدين أو الأساطير أو المحتوى الإعلامي الذي لا علاقة له بالعلوم، ولذلك يمثل الحصول على موافقة المجتمع تحدياً كبيراً للعديد من المعاهد والمراكز العلمية، ومع ذلك فإنّ المجتمع بدرجة أو بأخرى يدعم العلم ليس فقط من خلال الضرائب، ولكن ببساطة عن طريق إرسال أبنائه إلى الجامعات للدراسة وللتدريب، والآن هناك إعادة تقييم لنظام المعرفة، وأنواع المعتقدات العلمية.


ويمكن للجميع اختيار الجانب الذي ينضمون إليه، فعلى سبيل المثال، لا تعتمد منظمة الاتحاد الأوروبي عند اتخاذ أي قرار  على آراء العلماء فحسب، بل تعتمد أيضاً على آراء المجموعات والمجتمعات العامة، لذلك فالتواصل العلمي ليس فقط تقدم العلم، إنّما فهم للأهمية الاجتماعية للعلم، لذلك كله يجب علينا تثقيف الناس في كل مكان وفي كل زمان وبأكبر قدر معرفي ممكن، ولكن يجب أن نفهم أنّه وبدون الانعكاس الاجتماعي لما نقوم به، يمكن أن يؤدي هذا إلى تأثير معاكس، فإذا كنا ننشر المعرفة العلمية في بيئة غير أكاديمية وتقليدية للغاية، فيمكننا توليد ظواهر شبه علمية.


ونحن بالتأكيد بحاجة إلى معرفة ما نروّج له، فما علينا هنا هو التركيز لنقل المعرفة العلمية والمساعدة في بناء الثقة المجتمعية في العلم واحترامه، ويبدو لي أنّه بالنسبة للأشخاص الذين لا يواجهون العلم كل يوم، ويعرفون عنه فقط من تجربة استخدام الأجهزة المنزلية، فإنّ مهمتنا تجاههم وإستراتيجيتنا، هي حسية جديدة، بغرس احترام المؤسسات العلمية في نفوسهم، كما ويجب تشكيل وتصميم ثقة حقيقية للجمهور في العلم، وكلامنا هذا معناه صياغة نوع جديد من العقد الاجتماعي بين المجتمع والعلم، فنحن جميعا نثق في الأطباء، على الرغم من عدم فهمنا أي شيء في الجراحة وأمراض القلب، لذا يجب أن نثق ببعض وننشر الثقة الكبيرة والراسخة في مجال العلوم والتواصل العلمي لخير البشرية جمعاء. الحسية الجديدة


ليفانت – ميثاق بيات الضيفي 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!