الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • قصة عشق بين ترامب و«تويتر».. هل تتحوّل إلى مقتْ؟

قصة عشق بين ترامب و«تويتر».. هل تتحوّل إلى مقتْ؟
إبراهيم فضلون


صراع بين شرير والأكثر شرّاً منه هي حقيقة لم تعد خافية على أحد، مُفادها أنّ الإنترنت أضحى ملعباً رئيساً في صناعة السياسة الدولية، اتّخذ كثيرون من رؤساء وزعماء الدكتاتورية وأنصار الماسونية والتنظيمات الإرهابية، كداعش والقاعدة وغيرهما، ميّزة اعتمدوا عليها في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تُكمن في سهولة الوصول إليها، وفي تكلفتها المُنخفضة ورفعّ نسبة الإقبال عليها، مقارنة بوسائل التسويق والإعلام التقليدية. قصة عشق


ولمَ لا، وقد صارت الشبكة الرقمية “دعائية” بتطبيقاتها لتكون مرتعاً لهم لنشر أفكارهم ومشاريعهم الخفية، وما ورائها من ستائر انتخابية وأفكار تُعبر عن آرائهم لجذب الأنظار لما يَدينُون، حتى خرج علينا في يوم لم يطلع شمسه، حركات إرهابية صارت عبرها سرطاناً في أجسادنا، تدعمها دول ليست عنّا بخفية، كقناة الجزيرة القطرية والشرق التركية والعالم الإيرانية، من أجل توسيع دائرة انتشارها، ليتغلّبوا على عوائق الزمان والمكان عبر شبكة عنكبوتية توفر أساليب التخفي وصعوبة التتبع، كونها وسيط أو سمسار لعمليات التجنيد والتعبئة، لشنّ هجمات إلكترونية على البني التحتية لعدد من الدول، واختراق حساباتها السرية، كما فعل تنظيم “داعش” باختراق حساب القيادة المركزية الأميركية على تويتر، واختراق دول أوربية، ندّدت بها عبر مبادرة أقرّتها الجمعية الوطنية الفرنسية، منتصف 2019، مشروع قانون يُلزم مواقع التواصل الكبرى، بإزالة المحتوى الذي يتضمن خطاب كراهية خلال 24 ساعة، وإضافة أدوات تسمح للمستخدمين بالإبلاغ عما هو “محظور بوضوح”، مثل ما يتعلّق بالعرق والجنس والدين والميول الجنسية والإعاقة.


فمنذ أن بدأ تنظيم القاعدة، قبل نحو عقد من الزمن، في نشر بياناته عبر الإنترنت، حتى برز نشاطه الرقمي الفعّال، لتسويق هذه البيانات عبر مواقع التواصل، لاسيما فيسبوك وتويتر، وتبعها الإخوان المسلمون، المُحرّك الفاعل لدول ذات سياسات إرهابية في سعيه لتعزيز استراتيجية لا تهدف إلى نشر ثقافته المتطرفة والتكفيرية فحسب، بل إلى شنّ حرب نفسيّة للتأثير في الخصوم، والسعي إلى استقطاب الشباب، للتطوّع في صفوفه والقتال في البلدان التي يحارب فيها، مثل أفغانستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا ودول أخرى، مُستغلّين كل الفرص حتى وباء كورونا.


ولنرى قول أحد شهود اعتداء المسجدين في نيوزيلندا عن التواطؤ العُنصري لوسائل التواصل، وأوّلها تويتر، قبل النقل المباشرة لمقاطع من الاعتداء لمدة 17 دقيقة عبر فيسبوك، وأنّ ما حدث “أظهر أنّه يمكنك الاندماج في مجتمع جميل ولطيف، بل ويمكنه أيضاً أن ينخرط في مجتمع آخر يعزّز أفكاره وغضبه”، ولتفرد الصُحف الأجنبية عناوينها بأنّ “شركات التكنولوجيا العملاقة لا تفي بواجباتها في الحيلولة دون استغلال وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأفكار اليمين المتطرّف”، وبعنوان “صعود اليمين المتطرّف” للكاتب مارتن إيفانز، محذراً سير مارك رولي، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية من أنّ “الشركات المالكة لوسائل التواصل الاجتماعي تساعد في تقوية أيدولوجيات المتطرّفين لأنّها تساعدهم في الدعاية والنمو، كما تساعد الناس في تشكيل خلايا وشبكات من الأفراد التي تتفق مع أفكارها”.


والآن نرى نفس الشبكات تُفصح عن وجهها في الترويج لمُرشّحي الرئاسة الأميركية، كما تفوّق الجمهوري ترامب على خصمه الديمقراطي هيلاري كلينتون، مُستغلاً «تويتر» بتغريدات، استطاعت أن تجعل منه رئيساً للولايات المتحدة، مُكرراً بنفس التوقيت نفس المُسلسل الدرامي، بتغريداته التي ترسم ملامح اقتصاديات رأينا تأثيرها على بوينج العملاقة والصين، مُحرّكة بتصريحاته المُستفزة وأخرى وصفت بالعنصرية والطائفية لسياسات دول كُبري حتّى الأوربية، ليستطيع بجهد «توتري»، كسب غالبية الأصوات والتأييد والانتصار على منافسيه، وكأنّ بين “ترامب” و«توتير» علاقة لم يعايشها أي رئيس حول العالم، مُنتقداً الصحافة والإعلام بأنّها لو تعاطت بمهنية في تغطيته للأحداث لما كان ليلجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً “توتير”، وهو الشيء الوحيد الذي اتّفق فيه معه، لما داخل عالمنا الإعلامي من دُخلاء جعلت مواقع التواصل محسوبة على أقلامنا ورسالتها المهنية، بل وذكرت تقارير عدّة أنّ تغريدات ترامب المثيرة للجدل، كانت سبباً في شعبيته الكبيرة وخطرها الكبير تجاه السياسات الخارجية التي ينتهجها مُنذ تولّيه، فلم يتوانَ عن نشر تعليقاته بتغريدات تنتقد كثيرين وسياساتهم النقدية والعسكرية، سواء أكانوا أوطاناً، كالصين وإيران وتركيا وروسيا وغيرهم، أو أشخاصاً مشهورين في العالم، حتى لم تسلم منه الدارة البيضاء، مُنتقداً رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف، ورئيسة مجلس النواب، ومهاجمته بل وتوجيه الضربات لكبار المُشرّعين الديمقراطيين، ولكن ما السر؟. قصة عشق


الجواب، إنّه بحصانة حوالي 40 مليون متابع على حسابه الخاص، متجاوزاً بهم مُتابعي حسابات البابا فرانسيس بتسع لغات مختلفة والبالغ 39 مليوناً، كونه يستخدم لغة بسيطة قوية عبر مساعده، دان سكافينو، نائب رئيس أركان البيت الأبيض للاتصالات، ومدير وسائل التواصل الاجتماعي، والذي عمل مديراً سابقاً لنادي ترامب الوطني للجولف وستشستر، وحملته الرئاسية لعام 2016.


ليكون حسابه الشرير منصّة لتبرير جرائمه، ومن تعتبرهم أصدقاءها من صهيوني الهوى، لتحذف هذه المنصّة كل صورة لهم بحقّ الفلسطينيين والسوريين، وتأجيج الحرب عليهم، التي تسببت بمقتل مئات الآلاف، وتشريد مثلهم بكافة أصقاع الأرض بعدما ضاقت بهم، بل وتغلق حسابات كثيرة تناهض الظلم والعدوان في العالم، وهي منصّة يستخدمها الذباب الإلكتروني لمحاربة الحقيقة وكأنّه صراع بين شرير والأكثر شرّاً، أي بين المُفسد والسيء القبيح، تسبب بجنون الأخير بنرجسيته الكاذبة والفاقدة للمصداقية والمعتلّ، حسب وصف نعوم تشومسكي له. قصة عشق


هذا وقد هدّد ترامب كعادته توتير في تغريدته: “إنّ الجمهوريين يشعرون أنّ منصّات التواصل الاجتماعي تسكت أصوات المحافظين”، مؤكداً: “سنقوم بتنظيمها أو إغلاقها بالكامل قبل السماح بحدوث ذلك”، موقّعاً أمراً تنفيذياً قال إنّه “للدفاع عن حرية التعبير من قبل واحدة من أشدّ الأخطار التي تم مواجهتها في التاريخ الأمريكي”، فأين هي تلك الخطوة من وفاة المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد، وهو يُجاهد لالتقاط أنفاسه تحت ركبة ضابط شرطة أبيض، فأين تغريداته؟، وماذا فعلت توتير ووسائل التواصل، بعد أن باتت شبكاتها عالماً لا حدود له ولا حكومة؟، والتشريعات تلاحق ما يمكن رصده، لكن “للأسف” يأتي على حساب الوقت، والوقت هنا من دم ودمار، يستغلها كل من له مصالح ويد عُليا في دهاليز الفكر والمحتوى بتنظيماته المتطرّفة ودور الحكومات والشبكات. قصة عشق


ليفانت – د. إبراهيم بن جلال فضلون 








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!