-
في ذكرى الاحتلال.. تركيا تواصل سياسة التتريك في المناطق الكردية
خرجت في العديد من دول العالم، عشرات المظاهرات، احتجاجاً واستنكاراً لاحتلال مدينة عفرين الواقعة في شمال غرب سوريا، مع حلول الذكرى السنوية الثالثة لاحتلال المدينة من قبل تركيا ومرتزقتها المسلحة.
وتتزامن ذكرى احتلال مدينة عفرين السورية، مع الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة السورية الكبرى في عامها العاشر، حيث جاء الاحتلال لتقويض فرص تحقيق الأهداف والغاية التي انتفض من أجلها الشعب السوري، منذ عقد من الزمن.
وتسببت عوامل عديدة أبرزها، الصراع الدموي الذي قاده النظام، في دمشق، وشركاؤه والإقليميون والدوليون، في إنتاج الصراعات الطائفية والجهوية، إثر تطييف الاحتجاجات التي كانت تنبذ التكتلات الضيقة والبراغماتية.
ونتيجة التدخلات الخارجية التي سمح بها النظام السوري، لشرعنة روسيا وإيران بقتل المزيد من الشعب السوري، تحت مسميات مختلفة، فضلاً عن أطراف المعارضة السورية المسلحة، سقطت أقدام ملونة ومتباينة على الخريطة الجيوسياسية لسوريا؛ تفرض هيمنتها وتبعث مخططاتها، وتحقق أهدافها، كما هو الحال، بين تركيا وإيران، من ناحية، وروسيا والولايات المتحدة، من ناحية أخرى.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) عام 2019، أمر الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، بشنّ عمل عسكري على شمال شرق سوريا، في العملية التي عرفت بـ"نبع السلام"، بالرغم من الاتفاق التركي الروسي على وقف القتال، برزت حقائق، ميدانية وسياسية، من خلال جملة وقائع لافتة، لاسيما وأنّ العملية الأخيرة كانت قد سبقتها عدة عمليات مماثلة، وقعت في الفترة بين عامي 2015 و2018، من بينها: "درع الفرات" و"غصن الزيتون".
حرب إبادة والتغيّر الديموغرافي
انكشفت الأنياب عن تلك العمليات، بعد أن استخدمت "أنقرة" عناصرها الميليشياوية، لطرد السكان الكرد الأصليين من المناطق ذات الغالبية الكردية، تحت مزاعم مختلفة، فضلاً عن المجازر والانتهاكات بحق الكورد المدنيين، وقد وصفتها المنظمات الحقوقية، المحلية والأممية، بأنّها "جرائم حرب"؛ إذ تنوّعت بين التطهير العرقي، والقتل على أساس الهوية، واستهداف المدنيين، ناهيك عن حوادث الاغتصاب والسرقة وعمليات الاختطاف بغية أخد أتاوات.
نتائج الهجوم التركي
أسفر الهجوم التركي في العملية المسلحة الأخيرة، عن نزوح ما يقارب الـ300 ألف شخص، من بينهم 70 ألف طفل، وفقاً لإحصائية المرصد السوري لحقوق الإنسان وتقارير أممية، وقتلى بين المدنيين قضى فيها نحو 235 مدنياً، إلى جانب إصابة أكثر من 700 آخرين، إضافة إلى نهب ثروات وممتلكات السوريين، العرب والأكراد والسريان، على حدّ سواء، وممارسات عنصرية واضطهاد قومي.
ارتكاب جرائم ضد الإنسانيّة
يقول الصحفي السوري "شيار خليل"، مدير تحرير صحيفة "ليفانت"، ومقرّها في لندن، "إنّ النظام التركي استطاع من خلال أذرعه السورية في الائتلاف السوري المعارض، وما يعرف بـ"الجيش السوري الوطني"، الذي ينتمي غالبية عناصره إلى تنظيمات إسلامية متشددة، مثل "داعش وجبهة النصرة"، اللتين صنفتا على قوائم الإرهاب، بثّ الرعب والخوف بين أكراد عفرين بهدف إجبارهم على النزوح والهروب، مما نجم عنه إحداث تغيير ديموغرافي كامل في المنطقة".
حيث حاولت الميليشيات المدعومة من "تركيا" تغير ديمغرافية المنطقة، خلال الثلاث سنوات الماضية، عبر تهجير السكان وتغير أسماء القرى، وممارسة الإرهاب بحقهم.
لذلك فإنه في "عفرين" والمناطق المحاذية لها، تزداد الأوضاع سوءاً، وذلك عقب مخالفة تركيا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، عبر اجتياحها للأراضي السورية.
وأضاف "خليل"، أنّ "هذا الاجتياح يعتبر احتلالاً، بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبحسب اتفاقية لاهاي 1907".
وأردف أنّه "بعد سيطرة الفصائل المدعومة من أنقرة على المدينة، تم تحويلها إلى كنتونات استعمارية يمارس فيها مختلف أشكال الاضطهاد القومي والعرقي، بالإضافة إلى عمليات القتل والسرقة والاغتصاب، التي تشكل منهجاً متبعاً بحق أهالي المنطقة الأصليين".
وأشار "خليل" إلى أنّه "من بين تلك الممارسات العدوانية التي تتبعها تلك الميليشيات، والتي دفعت الأكراد للنزوح والهرب، من خلال فرض إتاوت مالية على منازل المدنيين وأراضيهم، وبالتبعية، وسرقة محاصيلهم الزراعية، ويضاف لذلك عمليات الخطف مقابل الفدية؛ حيث تصل المبالغ الخاصة بعمليات الخطف إلى 30-40 ألف دولار مقابل الإفراج عن الضحايا، وتوجيه تهم تتعلق بالإرهاب بحق المدنيين، مما نجم عنه ضحايا تقدر أعدادهم بالآلاف من المدنيين".
انتهاكات أنقرة والميليشيات الحليفة لها
وقالت منظمة العفو الدولية: "إنّ القوات التركية، وتحالف الجماعات المسلحة السورية المدعومة من "أنقرة"، قد أظهرت ازدراءً مشيناً لحياة المدنيين؛ فارتكبت انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، من ضمنها القتل المتعمد، والهجمات غير القانونية التي أدّت إلى قتل وإصابة مدنيين في الهجوم الأخير على شمال شرق سوريا".
وعمدت المنظمة إلى توثيق شهادات واقعيّة وميدانية لــ17 شخصاً، ومن بينهم: عاملون في المجال الطبي، وعمال الإنقاذ، والمدنيون النازحون، والصحفيون، وعاملون في المجال الإنساني المحلي والدولي، خلال معاينتها للأحداث في الفترة بين 12 و16 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2019، فضلاً عن عشرات التسجيلات المصورة التي تم التحقق منها، بجانب التقارير الطبية وغيرها من الوثائق.
وتقدّم تلك الوثائق والمعلومات أدلة واضحة على اتباع الهجمات العشوائية ضمن المناطق السكنية، كالهجمات على المنازل والمخابز والمدارس التي نفذتها "تركيا" والميلشيات السورية المتحالفه معها.
وفي تصريح لـ"كومي نايدو"، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية: "أسفر الهجوم العسكري التركي على شمال شرق سوريا إلى تدمير حياة المدنيين السوريين الذين أجبروا مرة أخرى على الفرار من ديارهم، والعيش في خوف دائم من القصف العشوائي وعمليات الاختطاف، وأعمال القتل الميداني"، مشيراً إلى أنّ القوات التركية وحلفاءها أبدوا ازدراء صارخاً لأرواح المدنيين.
سياسة التتريك في المناطق الكردية
تتعرض الأقليات الدينية في "عفرين" للاضطهاد عبر التهجير والقتل والتعذيب، وتعمد تحويل المراكز الدينية التابعة للإيزيديين والعلويين إلى مقرّات أمنية عسكرية، إضافة إلى إجبار بعضهم على إقامة الصلاة في المساجد التي أقيمت بعد الاحتلال التركي في قراهم، كما تعرّضت الكنيسة المسيحية الوحيدة في المنطقة للنهب والسرقة تحت إشراف وزارة الأوقاف التركية، التي تدير عملية تحويل المدارس والمراكز الدينية إلى بيئات حاضنة للإرهاب، بهدف تنفيذ أجنداتها الإقليمية ضمن مخطط للتتريك الذي يساهم فيه التركمان، وتم توطين التركمان عوضاً عن الأكراد كمكون قومي وعرقي.
اقرأ: سعياً لإنصاف ضحايا “نبع السلام”.. إطلاق رابطة “تآزر” شمال سوريا
وبحسب "خليل"، فإنّ الجهات التركية فتحت المجال أمام الميليشيات السورية، لسرقة الآثار والمعابد القديمة، مثل مقام النبي هوري وقلعة دير سمعان، وتم بيعها في الأسواق التركية، إضافة إلى حفر الخنادق للحصول على المقتنيات الأثرية وتدمير هوية المنطقة وتاريخها بجانب تدمير المقابر بحجة أنّها تابعة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني، وخربت شواهد القبور التي كتب عليها باللغة الكردية.
اقرأ: من اليونان إلى السودان.. الرياض وجهاً لوجه مع أنقرة (1)
وأشار "خليل" أنّ "الجهات التركية الاستخباراتية تسعى إلى فتح الباب أمام مختلف عناصر الإسلاميين، من أجل القدوم للمنطقة والاستيلاء على منازل فيها، إضافة إلى تحويل المنطقة إلى مركز لتخريج المرتزقة وتستخدمهم في الحروب التركية، في أرمينا واليمن وليبيا، حيث فتحت مكاتب خاصة لتلك الميليشيات تحت إشراف العسكر التركي لتقيد أسماء المرتزقة الذين يرغبون بالقتال خارج الأراضي السورية.
ليفانت - حفريات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!