الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
رمزية انتخاب بشار الأسد نفسه من دوما
تميم شيشكلي

هل فكرتم لم أصرّ بشار الأسد مراراً على التصوير وهو في دوما؟ سابقاً على جبهات القتال كصنديدٍ لا تهزّه صرخات الأسود الحقيقية في دوما وسوريا. ولاحقاً في المعارك الانتخابية الدونكيشوتية. هل فكرتم ما السبب وراء اختياره دوما منذ أيام، بينما يعتذر منه المواطنون الصالحون المضللون أو مُغتَصَبو الإرادة من قبل الإرهابيين في دوما وباقي سوريا؟ دوما


لماذا دوما بالذات؟


حسناً السبب ليس كما قال بشار ونقلت عنه RT الروسية:



إن إدلاءه بصوته من مدينة دوما يمثل دليلاً على وحدة الشعب السوري في مواجهة الإرهاب وتأكيداً على أن سوريا


"ليست منطقة ضد منطقة أو طائفة ضد طائفة". 



هذا مجرد استغلال للحدث قدر الإمكان وشفط لدم اللحظات التاريخية التي يقضيها سيادته أثناء التشفي بجراح السوريين. أما السبب الحقيقي فهو موضح في الجملة التي نقلتها أيضا القناة الروسية RT ذاتها، وفي نفس المقال:



رسالة إلى الدول الغربية عامة وأروبا خصوصاً بأن "قيمة آرائكم هي صفر".



هنا مربط الفرس.. يعلن بشار من على منبر الدم الدوماني نصره ليقول للعالم لقد انتصرت وها هي دمشق كلها آمنة، وهاهم السوريون في المناطق التي حررتها من الإرهاب يعترفون أنهم كانوا مكرهون. وها أنا ذا في دوما دون خوفٍ من شعبي الذي يحبني.


وليس هذا فحسب.. القادم أعظم، فبشار الأسد في خطاب النصر (التاريخي أيضاً) أبدا حقداً واضحاً في كل حركاته، وكان خطابه هنا موجه إلى السوريين وخاصة في أروبا، ويتوعدهم بالقادم..


فما القصة؟


عمد النظام السوري طيلة الأعوام السابقة، منذ بدء موجات اللجوء، إلى تجنيد عناصر تنقل أخبار اللاجئين السوريين بالتفصيل- عناوينهم، أرقامهم، وتفاصيل أخرى كثيرة_ كما سمح للاجئين العائدين إلى سوريا للزيارة بالدخول والخروج دون أن تتعرض لهم الأجهزة الأمنية. بل وسهل دخولهم وخروجهم بجوازات السفر السورية أو حتى تهريباً عن طريق لبنان، خاصة أنه يمتلك كافة بيانتهم التي حصل عليها بأساليبه.


والمؤسف أن السوريين في الخارج وبالآلاف اشتروا وجددوا مرة أخرى جواز السفر السوري من النظام، بل وسجلوا أبناءهم المولودين حديثاً في دول اللجوء في سجلات النظام السوري كي يحصلوا على الجنسية السورية واشتروا عقارات في سوريا والكثيرون دفعوا البدل لخدمة العلم. وكل هذا كان دون عقبات تذكر، وطبعاً كل ذلك مسجلٌ وتم تسريبه إلى الأوربيين.. لماذا؟


النظام السوري يميني متطرف بامتياز أو ربما يساري متطرف لا مشكلة، المهم أنّه متطرّف بشدة وعلى صلة مع اليمين المتطرّف الأوربي، ولا يخفى أن العديد من الأوربيين اليمينيين قد زاروه خلال الأعوام الماضية، وفي دمشق. لم تكن هذه الزيارات عبثية، طبعاً كان لها عرابها وأهدافها، ليكون الجميع بالنهاية راضين إلا الشعب السوري. دوما


خلال الاجتماعات العلنية أو السرية سرب النظام قوائم أكثر من 17000 شخص سوري عاد إلى سوريا وخرج منها مرة أخرى إلى أوربا دون أن يمسّه النظام بسوء. وهي الأرقام التي قدمتها الدنمارك منذ أيام عند إعلانها سبب طردها للاجئين السوريين.


وأثبت النظام أن السوريين يشترون عقارات في سوريا أي أنهم بمجرد الحصول على الجنسية فلا مشكلة لديهم من زيارة سوريا بالتأكيد، وإلا لما اشتروا عقارات في مناطق النظام.


عدا عن سجلاتٍ بأسماء ملايين السوريين الذين يحولون الأموال إلى ذويهم بشكلٍ غير قانوني (بالأسود) والتي هي للأسف بحوزته كاملة بالتفصيل الممل، وهي تعني هروب الأموال من أوربا بشكل مخالف للقوانين ولجهات مجهولة تماماً بالنسبة لهم في قلب سوريا.


فهل توضحت الفكرة؟


النظام قال للحكومات الأوربية إن آراءهم صفر، لأن لديه الدليل القاطع أن دمشق آمنة وشعبها كان مضللاً، وأنّ آلاف اللاجئين كاذبون وهم يزورون سوريا دون خوف ولا قلق ويعودون إلى أوربا مرة أخرى.


نعم.. يريد النظام الشعب السوري مجدداً تحت رحمته فهو لم يشفِ غليله بعد، لذلك كان خطابه الأخير مليئاً بالحقد والتهديد والوعيد.


فهل سينجح؟


للأسف.. المؤشرات حتى الآن تشير إلى أن ضغط الأحزاب اليمينيّة في أوربا، خاصة في فترات الانتخابات يؤتي ثماره كما يخطط النظام، أيضاً الضغط الروسي الذي يعمل جاهداً على إعادة تسويق النظام،  اللافت أن هناك دولاً أوربية أعادت العلاقات الدبلوماسية مرة أخرى مع دمشق بعد الانتخابات مباشرة. وهذا مؤشر شؤم وربما هو خطرٌ كبيرٌ قادمٌ على السوريين في أوربا.


علينا أن ندرك أنّ النظام السوري ورأسه يعرفون تماماً السياسة الغربية وما يؤثر فيها، وأنّ لديهم مافيات ليس بالضرورة أن تكون سورية، ممكن أن تكون لبنانية أو عراقية مثلاً، تعمل ليل نهار على دعمه، وهو ما شاهدناه في الانتخابات الهزلية التي انتشرت فضائحها عبر الإنترنيت.


يبدو جلياً أنّ الشيء الوحيد المؤكد حتى الآن هو أن التغريبة السورية ما تزال في مراحلها الأولى. دوما


ليفانت _ تميم شيشكلي ليقانت 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!