الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
بوتين يتلاعب بأردوغان كما يريد ويحصد الأرباح
بوتين يلعب بأردوغان كما يريد ويحصد الأرباح

رأى ستيفان كوك في مقاله المنشور في مجلة "فورين بوليسي Foreign Policy"  بتاريخ 3 سبتمبر، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان يتلاعب بواشنطن من خلال مزيجٍ من الخداع والتهديد والوعيد.


واستطاع أردوغان إقناع الولايات المتحدة بالتوصل إلى اتفاقٍ في شمال سوريا يضفي إلى منع الغزو التركي.


ويخلص الكاتب أن الاتفاق الحاصل يأتي على حساب الأكراد الذين تحملوا وطأة القتال ضد "داعش". وأيًا كان الرأي تجاه الأكراد، ينبغي أن يُعامل عزمهم وتضحيتهم على أنه من المصالح العامة الدولية، إذ إنهم أوقفوا ودمروا إحدى أخطر الجماعات ذات النزعة القتالية التي عرفها العالم الحديث، فعلى النقيض من ذلك، لم يسهم الأتراك بتاتًا في هذا المسعى.


ومع ذلك، إن كان أردوغان قد نجح في التلاعب بواشنطن، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام في المقابل بالتلاعب به على أكمل وجه.


وأثناء زيارة أردوغان إلى موسكو مؤخرا، عرض بوتين على الزعيم التركي المنبهر للغاية، أحدث المعدات العسكرية الروسية، بما في ذلك المقاتلات الجوية إس يو-35 وإس يو-57، حيث يُشار للأخيرة بأنها المقاتلة المنافسة للجيل القادم من مقاتلات إف-35 التابعة للولايات المتحدة والناتو.


وتأتي زيارة أردوغان إلى موسكو في أعقاب تسليم بطاريات منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400 لتركيا.



أنقرة حُذّرت مرارًا وتكرارًا من أن هذه البطاريات من شأنها أن توفر للروس فرصةً لفك تشفير تقنية الشبح الخاصة بمقاتلات إف-35، مما يعرّض أمن برنامج هذه المقاتلات بأكمله للخطر.



ويرى الكاتب مفارقة في انزياح تركيا عن واشنطن ويقول: "لم تكن مجرد مستفيد مستقبلي لما يزيد عن 100 مقاتلة من طراز إف-35، بل كانت أيضًا مُنتِجًا مشاركًا للمقاتلة.


وفيما كان يمثّل بادرة مهمة، عرضت واشنطن على الأتراك دورًا يكّمن في تصنيع العديد من مكونات مقاتلة الإف-35، بما في ذلك أجزاء من هيكل الطائرة. ولقد كان من الممكن أن تجني أنقرة مليارات الدولارات من مبيعات التصدير، وأن تكتسب خبرة تقنية قيّمة فيما يخص صناعة الأسلحة، إذ إنه يعد هدفًا منشودًا منذ أمدٍ بعيد.


ويعتقد كوك أن تقرّب أردوغان من بوتين، سيجلب الخسائر على مستقبل الصناعات الدفاعية التركية إذا ما فكّر في شراء المقاتلة الروسية، وبالتالي المزيد من تعميق الخلاف مع الولايات المتحدة.



تركيا خسرت فرصة نقل التكنولوجيا وكسب مليارات الدولارات من فرص التصدير. فبدلًا من ذلك، فإن بوتين يكسب المليارات من الدولارات بينما ينجح في التسبب في توتر العلاقات بين حليفتين من الناتو منذ أمدٍ بعيد.



بوتين و أردوغان يقفان على طرفي نقيض تمامًا حول سوريا. وكانت روسيا، إلى جانب إيران، قد أنقذت نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بينما قدّم الأتراك منذ بداية الثورة دعمهم لمعارضة الأسد بما في ذلك المكونات الجهادية.


الاتفاقية التي تفاوضت تركيا بشأنها مع الروس بخصوص مستقبل آخر المعاقل للمعارضة في محافظة إدلب، قد أخذت في الانهيار بسبب شروع النظام السوري في جهودٍ حثيثة لاسترداد المنطقة، ما أدى إلى تعريض المدنيين للأذى، ليس ذلك فحسب، بل شمل أيضًا العديد من مراكز المراقبة العسكرية التركية الموضوعة بغرض مراقبة المنطقة.


لقد كان الأمل يحدو تركيا في أن تستمر محافظة إدلب في كونها تُمثل جيبًا مفصولًا يعزل تركيا عن نزوح آخر للاجئين السوريين حتى يُحل النزاع السوري.


وتُشير كل الدلائل إلى أن التقدم العسكري السوري على حساب حُلفاء تركيا والجهاديين المتعاونين معها سوف يكتسب زخمًا. ومن الواضح أن بوتين يعلم كيفية التلاعب بالرئيس التركي، فقد بسط له السجادة الحمراء وجعل أردوغان يُبدي إعجابه بمعداته العسكرية ليُضيق الخناق عليه في سوريا مرة أخرى.


لقد وضع بوتين أردوغان في الموضع الذي أراده تمامًا. وهو يعلم أن أردوغان لن يجرؤ على انتقاده، ولكون أردوغان نفر الكثير منه في واشنطن، فإن خياراته محدودة. فعوضًا عن ذلك، سوف يستمر أردوغان وأتباعه في الحكومة وإعلامه في التنديد بالولايات المتحدة بكونها تُمثل عدو تركيا الرئيسي. قد يكون أردوغان يتلاعب في واشنطن، بيد أن بوتين هو من يُحقق وهو يضح أرباحًا كبيرة.


 


ليفانت_ فورن بولسي

المقال كاملا : هنا

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!