الوضع المظلم
السبت ٣٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
المعارضة تتقرّب من نظام بشار أم تتحضّر لما بعده؟
عبد السلام حاج بكري


كان لافتاً في الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي اختتمت قبل أيام استخدام وفد المعارضة مفردات طالما أصرّ وفد النظام على استخدامها، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تماهى معه وابتعد عن نقاش موضوع الدستور لمصلحة الحديث عن عودة اللاجئين، رغم عدم صلاحية الطرفين بنقاش هذا الموضوع.


وباتت مصطلحات مثل “الوطني” “والدولة السورية” و”الحكومة السورية” تتردّد على ألسنة وفد المعارضة في لقاءاته الإعلامية، وخلال الحديث داخل جلسات التفاوض وكذلك في أروقتها، وغابت إلى حدّ كبير التوصيفات إلى اعتادت المعارضة على استخدامها، مثل “وفد النظام” و”حكومة النظام” و”سورية”، وتأتي هذه التغيّرات امتداداً لمفردات استخدمها الائتلاف في قرار تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات، والذي عاد عنه أو أجّله إلى وقت آخر تحت الضغط الشعبي لجمهور الثورة.


ترافق ذلك مع اجتماع طارئ لمنصّة القاهرة عقد على النت، تقرّر فيه توسيع المنصّة من خلال رفدها بشخصيات مؤثّرة وفاعلة في الداخل والخارج، إضافة لتكثيف الاتصالات مع ما وصفتها بالقوى الوطنية، كمنصّة موسكو وهيئة التنسيق، بغية تشكيل جسم موازٍ للائتلاف الذي ترى أنّه يتبع لجهات خارجية.


وفي السياق، تتوالى الأنباء عن تحضيرات تقوم بها مجموعة من الشخصيات المحسوبة على المعارضة لتشكيل جسم سياسي معارض في أوروبا، يبدو أنّ طليعة أهدافه تتمثّل بسحب البساط من تحت الائتلاف وهيئة التفاوض، حسب تسريبات من أشخاص مشاركين فيه.


يرى متابعون أنّ قرار الائتلاف تشكيل هيئة للانتخابات لم يكن خطأ غير متعمد، بل كان عملاً مدروساً بعناية، هدفه جسّ نبض الشارع السوري المعارض لاحتماليّة مشاركة الائتلاف في الانتخابات الرئاسيّة القادمة في سورية إلى جانب بشار الأسد، ولم يكن وقف العمل بالقرار إغلاقاً لهذا الباب بالكامل، فاستخدام وفد المعارضة بجنيف للمصطلحات التي يستخدمها وفد النظام إلا انعكاس لتغيير ما تنتهجه هيئة التفاوض والائتلاف تجاه النظام، وهذا بالتأكيد لا تعارضه منصتا القاهرة وموسكو.


يحمل تزامن حراك أكثر من جهة سياسية سورية معارضة في طيّاته مؤشرات على أنّ قادة هذه الأجسام تلقّت إشارات معينة من الجهات والدول التي تتبع لها أو تمتثل لأوامرها، لم تتضح معالمها بعد، فقد تكون استعداداً لمرحلة ما بعد بشار الأسد أو تهيئة لمشاركته الحكم والسلطة.


وصول بايدن للرئاسة الأمريكية يقتضي فعلاً إيجابياً نشطاً من المعارضة يستدعي انتباهه للقضية السورية لإنهاء استعصائها، وقد بدأ الشرق الأوسط يشهد متغيرات واضحة منذ الإعلان عن فوزه بالانتخابات الأمريكية، فالبعض يريد استثمار ما تبقى من فترة حكم ترامب لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، وفي طليعة هؤلاء إسرائيل، فيما تنتظر إيران بفارغ الصبر استلام بايدن لمهامه أملاً في رفع العقوبات عنها والعودة للاتفاق النووي.


وفيما يبدو أنّه استعداد للتعامل مع حكم الحزب الديموقراطي في أمريكا، بادرت دول الخليج لطيّ صفحة الخلافات فيما بينها وإعادة إنعاش العلاقات بين السعودية ومصر والإمارات من طرف مع تركيا من الطرف الآخر، وقد يكون لهذا التطوّر الأثر الأكبر على القضية السورية، لا سيما مع فاعلية الفرقاء في تكويناتها السياسية والعسكرية المعارضة والموالية، وكانت أمريكا ترامب تركت لهم مع روسيا تقرير مصير سوريا.


رغم أنّ الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ارتكب ويكرر ارتكاب الأخطاء، ولسنا بوارد حصرها، إلا أنّه مدعو اليوم وأكثر من أي وقت مضى، إن أراد الاستمرار، لإجراء إصلاحات عاجلة في بنيته ونهجه، لأنّ المناخات السياسية التي عمل فيها سابقاً تغيّرت اليوم، فالمصالحات الخليجية والتقارب مع تركيا، يقتضي تغيير الشخصيات التي عملت في الأجواء السابقة وانتخاب شخصيات جديدة مقبولة من كل الأطراف، والأهم أن تكون مقبولة من السوريين، يأتون من صفوفهم، يحملون همومهم وطموحاتهم.


استحقاق كبير ينتظر المنطقة، ولا سيما سورية، وهذا ما حملته مؤشرات صدرت من فريق بايدن، وقد أدركته المعارضة، لذلك فإنّ على كل منصّاتها وتشكيلاتها توحيد الرؤى، والعمل بروح الفريق الحريص على البلد، وتجاوز التنافسيّة والمشاحنات، إذا ما كانت حريصة حقّاً على مستقبل سورية، وقد تكون الأجواء مناسبة لمثل هذا العمل، وهذا يقطع الطريق على ما يخطط له نظام بشار الأسد من استثمار في الخلافات البينية لاستمالة بعض أطراف المعارضة بدعم من روسيا التي لا تبدو سعيدة بالجو الإيجابي الذي يسود منطقة الشرق الأوسط، ولا بوصول بايدن لرئاسة أمريكا ورحيل ترامب، وهي تسابق الزمن لتحقيق ذلك قبل مغادرته.


 


ليفانت – عبد السلام حاج بكري








 




كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!