الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • الدنمارك ما تزال متصلبة في مواقفها من اللاجئين وملف الأقليات

  • الإجراءات التمييزية التي تفرضها حكومة الدنمارك على الأقليات في مناطق "غيتو" تسهم في تأجيج كراهية الأجانب والتحيز العنصري والتعصب ضد الأقليات الضعيفة
الدنمارك ما تزال متصلبة في مواقفها من اللاجئين وملف الأقليات
اللاجئين في الدنمارك

كثُرت في الأعوام الخمسة الأخيرة التقارير الحقوقية حول التمييز العنصري والمعاملة المهينة التي يتعرّض لها اللاجئون في الدنمارك، واحتجاز الشرطة للرجال من الأصول الشرق أوسطية والأفارقة في أي وقت، وتفيد مصادر أن الشرطة تستخدم الإهانات والألفاظ النابية المذلة للاجئين، ولا تتردد في اعتقال الأشخاص غير البيض الذين يقودون سيارات حديثة حتى عندما يقودون أطفالهم إلى روضة الأطفال.

هذه مجرد أمثلة لمجموعة من الممارسات القائمة على التنميط العرقي للمهاجرين الدنماركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و48 عاماً. ناهيك عن بعض التصرفات التي لا يلتفت إليها اللاجئون، مثل تفتيش هواتفهم النقالة، وهو ما رفضه "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" في كلمة له أمام مجلس حقوق الإنسان، واعتبره تصاعداً في عمليات التدخل غير المشروعة وغير المتناسبة وغير الضرورية في البيانات الشخصية للأفراد في أوروبا، وخاصة طالبي اللجوء الذين يُعاملون على أنّهم كاذبون حتى يثبت صدقهم.

اقرأ المزيد: الدنمارك تواجه الانتقادات بسبب الترحيب بالأوكرانيين وإبعاد السوريين

ودعا حينها المرصد الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في بيانه إلى وقف جميع إجراءات التدخل غير القانونية وانتهاك الخصوصية، سواء على مستوى المواطنين أو غير المواطنين؛ والسماح لطالبي اللجوء بأن يقرروا بأنفسهم المعلومات التي يمكن الكشف عنها واستخدامها في إجراءات اللجوء الخاصة بهم.

لكن الأفظع من ذلك، ما ذكرته صحف ومراكز حقوقية عديدة عن اقتحام الأمن الدنماركي، يوم الأربعاء الفائت، 30 آذار/ مارس الساعة 3.20 فجراً، مركزاً للجوء في بلدة هفالسو في مدينة ليجري، ليقوموا بترحيل امرأة إيرانية من أصول كردية مع طفليها، تاركين الزوج وطفلاً آخر بعمر سنة ونصف في غرفتهم بالمركز.

وتبيّن المصادر أنّ المرأة التي تقيم في الدنمارك منذ 7 سنوات، حاولت منع عناصر الشرطة من أخذها بالقوة إلى مركز الترحيل، مما اضطرهم للتعامل معها بقسوة شديدة، وكان ذلك أمام مرأى أطفالها وزوجها.

وللوقوف على هذه الحادثة، اتصلت "ليفانت نيوز" مع الناشط الحقوقي، يوسف بكداش، المقيم في الدنمارك، ليبيّن حقيقة ما جرى، فأوضح أن المرأة تم إعلامها بالترحيل في وقت سابق، وأثناء نقلها إلى المطار، قامت بضرب رأسها بقارورة زجاجية مما أدى لإصابتها بأضرار كبيرة في رأسها ووجهها.

وأضاف، أن "السلطات أعادتها إلى المدينة التي تقيم فيها لمعالجتها وتطبيب رأسها". وتأسّف على تعامل السلطات معها بهذا الأسلوب، مبيناً، أن قانون الهجرة في الدانمارك، سيء للغاية، وبأن الأمن سيقومون بترحليها بعد شفائها.

وبيّن الحقوقي، أن "المرأة من عائلة معارضة في إيران، وأن أباها قيد الاعتقال وأخاها قُتل تحت التعذيب، لكن هذا لا يشفع لها بالبقاء في الدنمارك، وفقاً لقوانينهم".

وبحسب صحف إيرانية، أنه وفقاً للأنباء المنشورة حول تصرف الشرطة الدنماركية، اتصل برلماني دنماركي -لم يتم الإفصاح عن اسمه- يوم الخميس، بوزير الهجرة والاندماج وطلب إيضاحاً عن سلوك الشرطة.

إلا أن الحقوقي بكداش، أكد أن ما تقوم به شرطة الترحيل، يعتبر قانوني وفقاً لقانون الهجرة في الدنمارك، ويمكنهم أن يقوموا بتخدير الشخص الذي صُدر بحقه قرار الترحيل فيما لو قاومهم ومنعهم من تطبيق القرار.

وقال بكداش، إن موضوع المرأة الإيرانية الكردية، لم يأخذ صدى كبيراً في البلاد، كما حصل مع امرأة أخرى، حاولت الانتحار عندما جاءت الشرطة لأخذها إلى الترحيل.

الدنمارك ترحل معارضة كردية إيرانية بالقوة.. وهي من أب معتقل وأخ شهيد رأي 

وختم حديثه، بأن اللاجئين الأوكرانيين القادمين حديثاً، وبعد أن رأوا المعاملة والبيروقراطية المعقدة، يحاولون بشتى الوسائل أن ينتقلوا إلى دول أخرى في أوروبا يكون التعامل فيها أفضل مما وجدوا عليه الأمور في الدنمارك.

وكان المرصد الأورومتوسطي، قد حذّر من أنّ مثل هذه السياسات التمييزية تتسبب في زرع الخوف وانعدام الأمن والثقة بين المجموعات المستهدفة بتلك السياسات، مشيراً إلى أنّ الحكومة الدنماركية تنتهك بممارستها لتلك السياسات الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وقانون الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بحقوق عدم التمييز والمساواة.

وأكدت الباحثة في شؤون الهجرة واللجوء لدى الأورومتوسطي، ميكيلا بولييزي، في كلمتها أمام مجلس حقوق الإنسان، أنّه "في بعض الأحيان، تتم معاملة المهاجرين وطالبي اللجوء كفئران تجارب لاختبار تقنيات التحكم والمراقبة الجديدة والجائرة، والتي قد تستخدم أيضاً للتجسس على المواطنين في تلك الدول، إذ استخدمت بعض الدول برنامج التجسس "بيغاسوس"، التابع لشركة "إن إس أو" الإسرائيلية، لمراقبة مئات الصحفيين والنشطاء والطلاب الذين ينتقدون حكومتهم".

ونبّهت أنّ "تقنيات المراقبة غير القانونية التي تستخدمها دول أوروبية تنطوي على مخاطر كبيرة فيما يتعلق بكرامة الأفراد واستقلاليتهم وخصوصيتهم، وكذلك على الحق في حرية الحركة، والحق في حرية التعبير، والحق في حرية تكوين الجمعيات".

وفي الوقت نفسه، دعا المرصد الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في بيانه إلى وقف جميع إجراءات التدخل غير القانونية في الخصوصية، سواء على مستوى المواطنين أو غير المواطنين؛ والسماح لطالبي اللجوء بأن يقرروا بأنفسهم المعلومات التي يمكن الكشف عنها واستخدامها في إجراءات اللجوء الخاصة بهم.

وسبق أن أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن "الإجراءات التمييزية التي تفرضها حكومة الدنمارك على الأقليات في مناطق "غيتو" تسهم في تأجيج كراهية الأجانب والتحيز العنصري والتعصب ضد الأقليات الضعيفة".

وأوضح التقرير أنّ الحكومة الدنماركية تنفذ ممارسات قد تدخل ضمن إطار الابتزاز ضد العائلات في تلك المناطق، إذ تستخدم مخصصات الرعاية الاجتماعية التي تعتمد عليها تلك العائلات للبقاء على قيد الحياة كأداة ضغط لإجبارهم على إرسال أطفالهم، بدءاً من عمر السنة الواحدة، إلى دور الحضانة ورياض الأطفال الإجبارية "لتعلم القيم الدنماركية" لمدة 25 ساعة في الأسبوع، باستثناء وقت القيلولة، مع الإشارة إلى أنّ نسبة استيعاب المهاجرين في دور الحضانة ورياض الأطفال تلك لا تتجاوز الـ 30% بحد أقصى.

من جانبه، فإن وزير الهجرة والاندماج في الدنمارك، ماتياس تيسفاي، ما يزال متصلباً في مواقفه من تغيير القوانين، على الرغم من الاحتجاجات التي شهدتها مدن دنماركية والبرلمان، منتصف العام الماضي، ويصر على اعتبار اللاجئين السوريين، وتحديداً من دمشق وريفها، لاجئين بصفة مؤقتة.

ويقول إن "اللاجئين السوريين الذين قدموا خلال الحرب الأهلية المأساوية في وطنهم يجب اعتبارهم مقيمين بصفة مؤقتة". ويعلل موقف بلاده المتشدد بالقول إن "المجتمع الدنماركي لا يستطيع تحمّل بقاء اللاجئين فيه إلى الأبد". 

ليفانت - خاص 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!