-
التوسع التركي شمال سوريا ترسيخ للضغائن بين السوريين والإخوان المسلمون يدعمونها
قالت وكالة "تاس" الروسية نقلاً عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قوله الأربعاء، إن أنقرة أبلغت موسكو أنها لا تخطط لعملية جديدة بسوريا، رغم تصريحات سابقة عن عزمها القيام بذلك.
وجاء ذلك عقب استنكار روسي أمس الثلاثاء، لتهديدات تركية متجددة عن بدء عملية عسكرية جديدة ضد قوات سوريا الديمقراطية شمال سوريا، وهو إعلان دعا الجانب الروسي ووزارة دفاعه للتأكيد على نيتها إرسال مزيد من عناصر الشرطة العسكرية لنشرهم على الحدود السورية مع تركيا.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الاثنين، إن أنقرة ستشن عملية عسكرية جديدة في شمال شرق سوريا إذا لم يتم تطهير المنطقة ممن وصفهم بـ "الإرهابيين".
وفي الوقت الذي تصف فيه تركيا المقاتلين الأكراد والسوريين المتحالفين معهم ضمن تشكيلات قسد بالإرهابيين، تطال اتهامات مماثلة الجانب التركي والمسلحين المقاتلين تحت لوائهم فيما تسمى بفصائل "الجيش الوطني السوري"، الذين لا يتوانون عن رفع الأعلام التركية على مقراتهم وعرباتهم.
وعقب شنها هجوماً مسلحاً على شمال سوريا في التاسع من أكتور الماضي، اتفقت تركيا مع روسيا والولايات المتحدة، لإقامة ما تسميها "منطقة آمنة" داخل الأراضي السورية بطول 120 كيلومتر تشمل تل أبيض وتقع مباشرة تحت السيطرة التركية.
كما تم الاتفاق على إقامة شريط حدودي بعمق 30 كيلومتراُ شرق وغرب تلك المنطقة، يكون خالياً من قوات سوريا الديمقراطية، على أن يتم تسيير دوريات تركية وروسية فيه بعمق عشرة كيلومترات ضمنها.
هندسة ديموغرافية..
وتقول أنقرة أنها تريد إعادة أكثر من 3,6 ملايين لاجئ سوري يتواجدون حالياً على أراضيها إلى تلك المنطقة، رغم أن غالبية هؤلاء ينتمون إلى مناطق داخلية كحلب وحمص ودمشق وحماه وغيرها، إضافة إلى خلو المنطقة بين راس العين إلى تل ابيض من مقومات بناء تجمعات سكانية كبيرة.
ويتهم ناشطو شمال سوريا من مكونات عرقية مختلفة كالكرد والعرب والسريان والآشوريين، الجانب التركي بالسعي إلى تهجيرهم من أرضهم وإعادة توطين غرباء عن المنطقة فيها بحجة أنهم سوريون، مؤكدين على ضرورة إعادة المهجرين في تركيا إلى مناطقهم الأصلية التي ينتمون لها، وهو أمر مُمكن بالتنسيق بين الجانبين التركي والروسي لو أمتلكت انقرة الرغبة في ذلك.
ويؤكد هؤلاء أن الهجوم التركي تسبب بتهجير أكثر من 300 ألف شخص، وهو رقم أكدته مصادرة عدة متقاطعة، ومن الواضح أن الجانب التركي يريد إعادة توطين موالين له في تلك المنطقة، خاصة من أنصار تنظيم الإخوان المسلمين، الذي رحّب بالعملية التركية عند بدئها وساندها.
بيان صريح..
ففي العاشر من أكتوبر، عقب يوم واحد من بدء الهجوم التركي على شمال سوريا، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا تأييدها للعملية العسكرية، وقالت في بيان نشرته على صفحاتها الرسمية.
وهو موقفٌ دفع "رياض درار" الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، للقول بإن جماعة الإخوان في سوريا تُسوق للعدوان التركي على شمال شرق سوريا وتقوم بدعم هذا العدوان، موضحًا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يزعم أنه يريد أن يُحرر منطقة شمال شرق سوريا من العناصر الإرهابية ورغم ذلك يحارب الأكراد، رغم أن الأكراد تّعد المجموعة التي حملت راية القتال ضد "داعش".
وأضاف درار، خلال تصريحه لإحدى القنوات المصرية، أن الأكراد في شمال شرق سوريا ليسوا ذو مطالب قومية خاصة ولا يريدون الانفصال، بل يريدون أن يعيشوا كأكراد في سوريا فقط، بينما أردوغان في كل لقاءاته يصدر رسالة للخارج أنه في أزمة كبيرة بسبب الأكراد وبسبب غيرها المشكلات التي تواجهه.
قطر تؤيد..
وفي الإطار ذاته، أعلن وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الخامس عشر من أكتوبر، أنّ الهجوم التركي على مناطق الأكراد في سوريا هدفه القضاء على "تهديد وشيك"، قائلاً: "لا يمكننا أن نلقي اللوم على تركيا وحدها"، مضيفاً أن أنقرة ردّت على "خطر وشيك يستهدف الأمن التركي".
لكن المقاربة التركية للمشهد في شمال سوريا لم تقتصر فيما يبدو على دعم سياسي، بل طالها إلى دعم مالي، استنتج من خلال تزامن العملية مع إعلان قطري عن قرب الانتهاء من تشييد قرية نموذجية للاجئين السوريين، على مقربة من الحدود التركية السورية، وفق ما ذكرته مؤسسة “قطر الخيرية”، التي أوضحت أن القرية النموذجية سيستفيد منها حوالي 400 أسرة سورية، وقد بلغت تكلفة إقامتها الإجمالية حوالي 2 مليون دولار أمريكي.
وفي الثالث من نوفمر الجاري، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في حسابه على موقع "تويتر": "خلال لقائنا مع أمير قطر الشقيقة في الدوحة، بلغنا تحيات رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان. ونشكر قطر على دعمها" للعملية العسكرية.
ترسيخ لضغائن..
ويحذّر مراقبون من نوايا تركيا في جعل المكونات السورية في مواجهة بعضها، عبر تهجير إحداها وتوطين أخرى بديلاً عنها، وهو ما حصل سابقاً في عفرين، التي يقول الأكراد أنهم هجروا منها بفعل عملية "غصن الزيتون"، حيث تبعها توطين نازحين من أرياف دمشق وحمص وحماه ودير الزور وغيرها فيها، بينما لا يزال أهلها في العراء شمال حلب منذ عام ونيف.
ليفانت-خاص
متابعة وإعداد: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!