الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أمينة كاكابافه.. المرأة الكُردية التي انتصرت على تركيا في السويد

أمينة كاكابافه.. المرأة الكُردية التي انتصرت على تركيا في السويد
أمينة كاكابافه والسويد وتركيا \ ليفانت نيوز

مع توجه الدولتين الإسكندنافيتين، (السويد وفنلندا) لحسم قرارهما مؤخراً لصالح الانضمام إلى الناتو، في ظل المخاوف من أن يطال العدوان الروسي أراضيهما على غرار ما حصل لأوكرانيا، نهاية فبراير الماضي، خرجت تركيا معترضةً على ذلك، مبررة موقفها بأن البلدين يؤيدان "الإرهاب".

وما تعنيه أنقرة بطبيعة الحال عند حديثها عن "الإرهاب"، ليس تنظيم "داعش" الذي جاور لسنوات الجانب التركي دون أن يبدي أي امتعاض، ولا "جبهة النصرة" و"القاعدة"، اللذان ينسقان كل التنسيق مع الجانب التركي إلى الآن في إدلب، لدرجة أنه لا يمكن لقوة نظامية أياً كانت، باستثناء "الجيش التركي"، العبور في تلك المحافظة السورية، التي باتت مهددة مع غيرها من مناطق شمال سوريا، بتكرار سيناريو لواء الاسكندرون.

اقرأ أيضاً: السويد وفنلندا تطرقان باب الحلف الأطلسي.. وتركيا تعارض تخطيهما عتبة الناتو

بل ما تقصده أنقرة بـ"الإرهاب"، هو تحديداً القوى السياسية والعسكرية الكردية المناوئة لأنقرة، إن في شمال سوريا، أو في الداخل التركي، حيث ترفض أنقرة تسوية المعضلة الكردية في سوريا أو الداخل التركي بطرق دبلوماسية وسياسية، وتصر على حسمها بأسلوب عسكري بحت، رغم ما تحمله من دمار وتهجير وتغيير ديموغرافي مثلما حل في (عفرين ورأس العين وتل أبيض)، شمال سوريا.

اشتراطات تركية على السويد

وبالصدد، أفادت صحيفة "زمان" التركية المعارضة، في الثاني والعشرين من مايو الماضي، بأن أنقرة تطلب من السويد تسليم 33 مواطناً تركياً، وكذلك نائبة في البرلمان السويدي، مقابل إعطاء تركيا الضوء الأخضر لانضمامها إلى حلف الناتو، وحسب الصحيفة، فإن القائمة التي قدمتها أنقرة لاستوكهولم، ضمت أكراداً، فضلاً عن أعضاء في "حركة الخدمة" مؤسسة الداعية التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن.

وتحدثت التقارير عن أن أحد الأسماء المدرجة في القائمة، هو النائبة في البرلمان السويدي أمينة كاكابافه، وهي كردية من أصول إيرانية، كانت مقاتلة مع قوة كردية (مناوئة لسلطات طهران)، قبل أن تلجأ إلى السويد، في التسعينيات، لكن السفير التركي في السويد، إيمري يونت، نفى تصريحات نسبت له، بأن بلاده تريد تسليم كاكابافه كشرط لموافقة تركيا على انضمام السويد للناتو، حيث قال لراديو السويد، إنه كان هناك سوء فهم لتصريحاته، مدعياً أن كاكابافه ليست مدرجة في القائمة التي تم إرسالها إلى الحكومة من السويديين الذين تريد تركيا تسليمهم.

اقرأ أيضاً: خلال انضمامهما للناتو.. أمريكا ستحمي السويد وفنلندا

علماً أن وكالة الأنباء السويدية "تي تي"، ذكرت في العشرين من مايو، أن السفير قال رداً على سؤال مباشر من الوكالة، عما إذا كانت تركيا تريد تسليم كاكابافه: "نعم، إن أمكن، لكني لا أعرف ماذا عن كونها سويدية؟ من الصعب ترحيل مواطنيهم"، فيما علقت كاكابافه على ذلك الموقف عبر "إنستغرام" حيث كتبت: "أنا مواطنة سويدية، وتم انتخابي لتمثيل المواطنين السويديين في البرلمان السويدي، السفير هو الذي يجب إعادته إلى تركيا".

إضعاف الديموقراطية

كما علقت أمينة كاكابافه على مطالبات تركيا من السويد، بالقول: "إذا كنتم ترغبون في بيع كل شيء مقابل عضوية الناتو، فافعلوا ذلك، لكنني أعتقد أنه أمر مروع"، مضيفةً في مقابلة مع وكالة فرانس برس: "من المروع أن يتوقّف كل شيء على تسريع عضوية الناتو، حتى لو كان ذلك يعني إضعاف الديموقراطية".

وعلى غرارها، طالبت جهات سويدية بارزة، من أحزاب معارضة ونواب وشخصيات سياسية وثقافية، الحكومة في الأسابيع الأخيرة بعدم الانصياع لمطالب تركيا، وجاء في مقال رأي وقعته 17 شخصية ثقافية وأدبية في اليومية السويدية "داغينز نيهيتر" نهاية مايو، "دعونا لا نقع في فخ إردوغان".

اقرأ أيضاً: زيارة عاجلة إلى أنقرة لمعالجة مخاوفها من انضمام فنلندا والسويد للحلف الأطلسي

ووسط ذلك الأخذ والجذب، اعتبر المعلق السياسي في التلفزيون السويدي ماتس كنوتسون، بداية يونيو الجاري، أنه من الصعب رؤية حل وسط بين عضوة البرلمان المستقلة، أمينة كاكابافه ورئيسة الوزراء، مجدلينا أندرشون بشأن مطالب كاكابافه حول المفاوضات مع تركيا للانضمام إلى الناتو، فيما كانت العيون قد توجهت إلى البرلمان السويدي، لجلسة التصويت على حجب الثقة عن وزير الداخلية والعدل، مورغان يوهانسون، (التي كان مزمعاً عقدها في السابع من يونيو)، بطلب من معظم أحزاب المعارضة، فيما كان صوت كاكابافه حاسماً للحيلولة دون حجب الثقة، أو حجب الثقة عنها.

ورأى كنوتسون أن المطالب التي تتقدم بها عضوة البرلمان تتعارض بشكل مباشر مع مطالب تركيا، ووفقًا لما قاله ماتس كنوتسون ، فقد انتهى الأمر بكاكابافه، بصفتها وحش سياسي، في موقع قوة، حيث تغتنم الفرصة لحل القضايا التي تؤمن فيها شخصياً، موضحاً أن الحكومة، قد تضطر إلى الاختيار بين دعم مطالب أمينة كاكابافه، أو دعم مطالب تركيا حول طلب انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي.

وتابع: "يمكن النظر إلى المناقشة الجارية الآن، وفق السياسة السويدية مع تركيا، على أنها تأكيد بأن كاكابافه لها تأثير كبير في السويد، وهذه مشكلة للحكومة"، وقال كنوتسون، إن ما يجري سيكون له بالفعل عواقب على طلب الناتو، لكنه قد يؤثر أيضاً على مصداقية السويد في المفاوضات الجارية حول عضوية الناتو.

عدم الرضوخ لمطالب تركيا

وفي ظل توجه الأنظار في السويد لجلسة البرلمان الحاسمة لمصير الحكومة في السابع من يونيو، أكدت النائبة المستقلة في البرلمان السويدي، أمينة كاكابافه، في السادس من يونو أنها ستعقد لقاءً جديداً مع الاشتراكيين الديمقراطيين، مشددةً على أنه بدون الوعود لعدم الرضوخ لمطالب تركيا، حول عضوية الناتو، فإنها ستصوت بحجب الثقة عن وزير العدل والداخلية مورغان يوهانسون.

وقالت في رسالة للتلفزيون السويدي: “بدون وعود تركيا للأسف سأصوت قسراً ضد الحكومة”، حيث وقع مستقبل الحكومة الحالية، على عاتق العضوة السابقة في حزب اليسار أمينة كاكابافه – التي أضحى صوتها حاسماً في جلسة البرلمان، فيما كانت لا تزال السيدة لم تقرر كيف تنوي التصويت على سحب الثقة ضد وزير العدل.

اقرأ أيضاً: تركيا والسويد.. الحرب داخل الناتو

وكتبت كاكابافه إلى SVT عبر رسالة نصية: “من المهم أن تدعم حكومة الاشتراكيين الاتفاقية، ولا تستسلم لأردوغان وتركيا”، حيث رغبت النائبة من الحكومة السويدية، أن تتبنى موقفاً أكثر صرامة ضد تركيا، في المفاوضات بشأن طلب السويد الانضمام لحلف شمال الأطلسي، وتابعت كاكابافه: “سألتقي الاشتراكيين مرة أخرى في وقت لاحق بعد الظهر، الكرة في ملعبهم”.

الحكومة السويدية تنتصر لكاكابافه

وفي السابع من يونيو، تجنبت الحكومة السويدية سحب ثقة البرلمان منها، بفضل صوت النائبة أمينة كاكابافه، إذ وبفارق صوت واحد، سقط اقتراح سحب الثقة الذي طال وزير الداخلية والعدل مورغان يوهانسون، والذي كان سيدفع رئيسة الحكومة ماغدالينا أندرسون إلى الاستقالة.

فقد استطاع اليمين المتطرف مع أحزاب اليمين من جمع 174 صوتاً من أصل 289، وفق ما أتى في نتائج التصويت في البرلمان، بيد أنه كان بحاجة إلى غالبية 175 صوتاً لإسقاط الوزير يوهانسون، فيما كانت قد أعلنت أندرسون، أنها ستستقيل إذا كسبت المعارضة التصويت على سحب الثقة الذي يستهدف الوزير المنتمي لحزبها، وتتهمه المعارضة بالإخفاق في التصدي لظهور عصابات في المجتمع السويدي مسؤولة عن موجة تصفية حسابات وعمليات إطلاق نار دامية.

اقرأ أيضاً: نائبة كُردية تجنب الحكومة السويدية التقدم باستقالتها

وقالت النائبة المستقلة "أمينة كاكابافه"، إنها لن تعطي صوتها للمعارضة، عقب مفاوضات طيلة عطلة نهاية الأسبوع، مع الحكومة الديموقراطية الاجتماعية، وأردفت: "أنا راضية"، قبل ساعات من الاقتراع، علماً أنها نبهت سابقاً، بأنها ستصوت ضد الوزير إذا لم تحصل على ضمانات بخصوص المفاوضات المعقّدة التي تجريها السويد مع تركيا، بشأن انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي.

وصرحت في البرلمان: "هل علينا أن نقيّد حريتنا في التعبير والاحتجاج نزولاً عند أوامر أردوغان؟"، ليحسم التصويت موقف الحكومة السويدية، التي اختارت الاستجابة للنائبة أمينة كاكابافه، وتنهي آمال الرئيس التركي بالحصول على تنازلات من الحكومة السويدية، لمقايضتها على قبول انضمامها للناتو، لقاء وصف القوى الكردية في سوريا، بإنها "إرهابية"، فتذهب مساوماته مع الريح.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!