الوضع المظلم
الإثنين ٢٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل يمكن أن يُعزل ترامب حقاً؟
هل يمكن أن يُعزل ترامب حقاً؟

وجّه مجلس النواب الأمريكي، اتهاماً للرئيس دونالد ترامب بإساءة استغلال سلطاته وعرقلة تحقيقات الكونغرس، ليواجه في المرحلة التالية عملية قد تفضي إلى عزله، إذا توفر دعم كاف في مجلس الشيوخ لذلك، وتتركز القضية كلها على إن كان من الصواب أو من غير الصواب أن يطلب ترامب المساعدة من أوكرانيا لتعزيز فرص إعادة انتخابه في 2020.


وبات ترامب بذلك هو الرئيس الثالث، في تاريخ الولايات المتحدة، الذي يتعرض لعملية قد تفضي إلى عزله، بعد أن صوّت أعضاء مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي، بالموافقة على إحالة القضية إلى مجلس الشيوخ، الذي يهيمن عليه الحزب الجمهوري، لبدء محاكمة ترامب من أجل عزله، فيما ينفي الرئيس ترامب بشدة، وهو جمهوري، ارتكاب أي خطأ.


وترامب متهم بالضغط على أوكرانيا لكشف معلومات مضرة لمنافسه الأساسي في الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة في 2020، جو بايدن، وابنه هانتر، فيما كان كان هانتر يعمل في شركة أوكرانية عندما كان جو بايدن نائباً للرئيس باراك أوباما، ويتهم ترامب بالربط بين أمرين كورقة مساومة مع أوكرانيا - احتجاز 400 مليون دولار مساعدات عسكرية لأوكرانيا، خصصها الكونغرس بالفعل، وترتيب اجتماع في البيت الأبيض للرئيس الأوكراني مع ترامب.


ويشير الديمقراطيون أن هذا يبلغ حد إساءة استغلال السلطة، واستخدام المنصب للحصول على مكاسب سياسية شخصية، والإضرار بالأمن القومي. وكانت أوكرانيا ستستخدم تلك المساعدات المالية في صراعها المستمر مع روسيا، كما يتهم ترامب أيضا بعرقلة الكونغرس، برفضه التعاون مع التحقيق الذي يجريه.


ويشير خبراء قانونيون إنه لا يمكن مقاضاة الرؤساء في الولايات المتحدة خلال وجودهم في سدة الحكم، ولذلك فالطريقة الوحيدة التي قد يمكن بها التخلص من الرئيس هي توجيه تهم إليه ثم محاكمته مما قد يفضي إلى عزله.


وضمن ذاك السياق، تعني عبارة "العزل" توجيه اتهامات في الكونغرس قد تشكل أسسا لإحالة الرئيس إلى المحاكمة، حيث ينص الدستور الأمريكي على أن الرئيس "قد يعزل من المنصب في حالة اتهامه بالخيانة، أو الرشوة، أو غيرها من الجرائم والتهم الخطيرة"، وينبغي أن تبدأ الإجراءات من مجلس النواب، ولا تحتاج إلا إلى أغلبية بسيطة لتمريرها. أما محاكمة الرئيس فيجب أن تتم في مجلس الشيوخ.


وخلال ذلك، سيكون من الضروري الحصول على أصوات ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ من أجل تمرير قرار عزل الرئيس، وهو أمر لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، بينما لم يواجه هذه الإجراءات إلا رئيسان أمريكيان في تاريخ الولايات المتحدة، بالرغم من التهديدات التي أطلقت في مناسبات عدة.


حيث واجه بيل كلينتون - الرئيس الـ42 للولايات المتحدة - إمكانية عزله بتهم الكذب أمام هيئة محلفين كبرى، وعرقلة مجرى العدالة، وذلك بعد كذبه حول طبيعة العلاقة التي ربطته بمونيكا لوينسكي، وطلبه منها أن تكذب حول الموضوع بعد ذلك، وكان مجلس النواب قد صوت بأغلبية 228 مقابل 206 لتوجيه التهمة الأولى إلى كلينتون، و221 لـ 212 فيما يخص التهمة الثانية.


بيد أن الشعبية التي كان يتمتع بها كلينتون في ديسمبر/كانون الأول 1998 كانت كبيرة وبلغت آنذاك 72 في المئة، ولدى إحالت القضية إلى مجلس الشيوخ في عام 1999، لم تحظ بتأييد ثلثي الأعضاء لتمريرها. وجاء في تحليل لبي بي سي نشر وقتها أن "أعضاء المجلس، في سعيهم الحثيث والدؤوب للتخلص من الرئيس، لم يفكروا إن كان من الممكن إثبات التهم الموجهة إليه دون أدنى شك".


اما الحالة الثانية لم تتعلق بريتشارد نيكسون، كما قد يتوقع كثيرون. فقد نجا نيكسون بنفسه عندما عرف أن التيار يسير ضده، فاستقال من منصبه، لكن الرئيس الأمريكي الوحيد الآخر الذي واجه إجراءات الاتهام والمحاكمة كان هو أندرو جونسون، الذي تولى منصب الرئاسة في عام 1865، وكان الرئيس الـ17 للولايات المتحدة.


وإتهم مجلس النواب الرئيس جونسون وطالب بعزله في عام 1868. وجاء التصويت بعد محاكمته في مجلس الشيوخ بعد مضي 11 يوما فقط، عقب تنحيته وزير الدفاع أدوين ستانتون بسبب عدم اتفاق الأخير مع سياساته، ولم تغفل الصحافة الأمريكية أوجه الشبه بين تنحية ستانتون في عام 1868، وقرار الرئيس ترامب بطرد رئيس مكتب التحقيقات الاتحادي، جيمس كومي، الذي لم يتفق مع الكثير من سياساته.


علاوة على ذلك، نجا جونسون من العزل بفارق قليل جداً من الأصوات، بخلاف الوضع مع كلينتون، إذ فشلت محاولة عزله بصوت واحد بفضل تصويت الجمهوريين، بينما قال عضو مجلس الشيوخ عن ولاية آيوا، السيناتور جيمس غرايمز، عقب التصويت "لا أستطيع أن أوافق على تقويض العمل التوافقي للدستور من أجل التخلص من رئيس غير مقبول".


ومنذ هور، يتلاعب الزعماء الديمقراطيون في مجلس النواب الأمريكي بالألفاظ، فهم يريدون من النواب الذين عارضوا إجراءات اتهام ترامب، ومن أيدوها أن يفكروا مليا فيما يريدون، وإن كانوا سيحصلون على ما يبتغون، وقد أثارت هذه السياسة مخاوف رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، وغيرها من أن هذا قد يهدد حظوظهم في انتخابات الرئاسة في 2020.


بيد أنه يبدو أن هذه التقديرات قد تغيرت بشكل جذري، وذلك عقب انتشار أخبار حول الاتصالات التي أجراها ترامب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وأدت أنباء هذه الاتصالات، حتى بين السياسيين المعتدلين، إلى تأييد التوجه نحو إطلاق إجراءات الاتهام والمحاكمة.


وأقرت بيلوسي - التي تتمتع بقدرة كبيرة على جس نبض مؤيديها - التحول من موقفها السابق في التصدي لمحاولات عزل ترامب إلى موقف لا تعارضه فيه، لكن يتمتع الجمهوريون بالأغلبية في مجلس الشيوخ، ولذلك فلن يكون من الممكن إزاحة ترامب من موقعه ما لم ينقلب أعضاء حزبه عليه.


ووفق الواضح، فإن أغلبية النواب والشيوخ الجمهوريين ما زالوا موالين له، وهناك استثناءات لهذا المبدأ بالطبع، مثل عضو مجلس الشيوخ ميت رومني الذي كان الوحيد من الجمهوريين الذين طالبوا البيت الأبيض بالمزيد من الشفافية حول الاتصالات التي أجراها ترامب مع أوكرانيا.


ورغم ذلك، يبدو أن ترامب، سيبقى في نهاية المطاف، في موقعه في البيت الأبيض بفضل دعم الجمهوريين، أما بالنسبة إلى الجمهور الأمريكي الأوسع، فلا يتمتع ترامب بالكثير من الشعبية، ولكن الرغبة في عزله ما زالت ضعيفة، ففي استطلاع أجرته جامعة مونماوث في وقت سابق، قبل انتشار المسألة الأوكرانية، تبين أن 35 في المئة من الأمريكيين يرون أنه ينبغي محاكمة ترامب وعزله.


ليفانت-وكالات

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!