الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
هل يفعلها رياض حجاب؟
عبد السلام حاج بكري

مبارك كل جهد، جماعياً كان أم فردياً، حتى لو اقتصر على مجرد المناقشة والتفكير، ولو لم يحمل طروحات أو حلولاً مبتكرة للحل في سوريا، فالاجتماعات، إن حصلت في استوكهولم أو جنيف أو عبر النت، أو قد تعقد في أي مكان، لم تسرق سلبية البعض وسعيهم لتحقيق غايات شخصية هويتها العلنية، وغالباً الجوهرية، التي تسعى لتحريك الحالة الراكدة والبحث عن خرق يمكن أن يتسلل منه ضوء ما.

ولم ينجح الفشل الذي رافق اجتماعات عشر سنوات سابقة في توطين اليأس في نفوس السوريين، فتراهم يبادرون للفعل، ويدركون أنه سيكون عقيماً إذا لم يحظَ برعاية طرف فاعل في القضية السورية، وتزيد احتمالية سيره خطوة إذا ما توافق عليه طرف ثان، وهذا يدفعهم للسعي وراء راعٍ أو أكثر لفعلهم، رغم رغبة أكثرهم باستقلاليته.

في حالات كثيرة، جاء الحراك السوري بناء على إيعازات صدرت من عواصم مؤثرة، وكغيره لم يكتب له النجاح لأسباب كثيرة، منها ما هو موضوعي، ومنها راجع لتجاذبات إقليمية ودولية، ولن يكون مصير أي تحرك قادم إن كان بمبادرة سورية أو توجيه خارجي أفضل حالاً مما سبق ما لم يأخذ بالاعتبار التوافقات والتشابكات بين تلك الأطراف.

تتداول وسائل إعلام نقلاً عن مصادر تصفها بالدبلوماسية أو المطلعة نبأ عن قرب انعقاد اجتماع لمعارضين سوريين يقوده رياض حجاب في عاصمة خليجية، ولا تتوفر معلومات عن الأشخاص الذين سيحضرونه والمواضيع التي سيتداولها أو الهدف منه.

الاجتماع المذكور يأتي بناء على تفاهم أكثر من طرف ولا شك، لأنه من المستبعد أن يقدم حجاب شبه المحتجب منذ وقت طويل على الخوض في مثل هكذا حراك ما لم يتلقَّ وعوداً أو إشارات تحمل حدّاً أدنى من ضمانات النجاح، وهو الذي سبق له أن جرّب العمل في الأجواء التي ألفتها المعارضة، ولم يتمكن من تحقيق شيء يذكر، ولا يُنتظر منه الإقدام على تكرار تجربة الفشل، وهو الذي لم يعد يتحمل ذلك نفسياً وجسدياً.

سوريون كانوا، ومنهم كاتب المادة، قد ناشدوا السيد حجاب باعتباره يتمتع بخبرة سياسية جيدة، وهو الذي كان محافظاً سابقاً وعلى رأس حكومة النظام عندما أعلن انشقاقه، كما أنه الأكثر قبولاً في الشارع السوري، وهذا بناء على ما تحمله وسائل التواصل الاجتماعي من آراء السوريين، بأن يقود مشروعاً لحل المعضلة السورية، وهذا ما يجعله ملزماً أخلاقياً أمامهم بالسعي لبذل أقصى جهد لتحقيق شيء ما يؤمن استقرارهم وأمنهم ويبني لمستقبلهم.

نجاح الاجتماع، محور الحديث، إن كانت غايته التحضير للمرحلة الانتقالية أو تشكيل جسم معارض يحلّ عوضاً عن الأجسام المتهالكة القائمة حالياً، أو بناء مشروع سياسي سوري ما، يحتاج إضافة لما ذكر، جملة أمور مع التحضير لانعقاده وخلاله.

-ليس الاجتماع مؤتمراً وطنياً جامعاً، لكن يجب أن يحضره ممثلون عن الأحزاب السياسية التي أثبتت وجودها عملاً وفكراً خلال الثورة، وكفاءات وطنية مشهودة من كل الاختصاصات، وجوهر القضية عدم الإصرار على دعوة الشخصيات المتعفنة من مؤسسات المعارضة القائمة الآن.

-للمكان الذي سيعقد فيه الاجتماع دلالة كبيرة، يجب الحرص على انتقائه بعناية، بحيث ينتفي معه طغيان تأثير جهة أو دولة ما عليه، تجنباً لإثارة حساسية بقية الأطراف الدولية والمحلية، ولعلّ الابتعاد عن فكرة عقده في دولة إقليمية بعد نظر، ماذا لو عُقد في جنيف؟

-فليكن الاجتماع فرصة للحوار مع الشباب والاستماع لتطلعاتهم، بماذا يفكرون، وماذا لو تمت مناقشة ثوار التنسيقيات الأوائل وقدامى المنشقين من العسكر عبر ممثلين لهم يتم اختيارهم وفقاً للجدارة لا الاستنسابية.

-يوم، يومان، خمسة، لا بأس، المهم أن يخرج الدخان الأبيض وقد اتضحت صورة المشروع، وخطة بديلة تكون بمثابة مشروع بديل في حال التعثر، وتحديد الأطر الزمنية لكل هدف على حدة، واعتبار القائمين على المشروع في حالة اجتماع دائم.

-دعوة ممثلين عن الدول الكبيرة والفاعلة في القضية السورية إلى اجتماع يعقب اختتام اجتماع السوريين، يتم فيه إطلاعهم على المشروع بخطوطه العامة.

لن يرى المشروع النور ويصبح واقعاً إن لم يكن جريئاً ينسف المشاريع السابقة، يقدم استقلالية قراره على رغبات الآخرين العابرين للجوّ السوري، دون استفزاز لأي طرف، يعتمد حقوق الإنسان والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن كأساسٍ له.

ليفانت - عبد السلام حاج بكري

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!