-
هل يتحول ائتلاف إدارة الدولة في العراق إلى حقيقة؟
بعد أن أصيب الشعب العراقي بخيبة أمل كبرى بالعملية الديمقراطية التي كانوا يصبون إليها، وبعدما تم تفريغ تلك العملية من محتواها الرصين، وتخريبها وتشويهها وإيصالها إلى حافة الهاوية وحالة اليأس نتيجة لتهميش الدستور وعدم احترام نتائج الانتخابات وتحويل الخاسرين إلى فائزين، وتمكينهم وفق عملية ممنهجة من سلب حق الآخرين، تدارك الخاسرون الوضع وتناقض ادعاءاتهم مع الزمن فأخذوا يبحثون بشتى الوسائل والطرق عن خارطة طريق غير محددة لعبور النفق المظلم، وعن ترقيعات تنتشلهم أو في أقل تقدير توقف الانهيار الشامل لمنظومتهم وتدحرجهم نحو النهاية الصفرية.
لبسوا لباس الوطنية وطرحوا مبادرات تهدف لترطيب الأجواء وفك العقد، وأعلنوا عزمهم على تسوية كل المشكلات مع الكورد والعرب السنة (رغم أنهم لم يعتبروهم شركاء حقيقيين ولم ينظروا إليهم بعين الود)، وأعلنوا عن رغبتهم في تشكيل (ائتلاف لإدارة الدولة) معهم.
الكورد والسنة الذين لديهم حساباتهم القومية والوطنية، رغم يقينهم من أن التحالف أو حتى الاتفاق معهم صعب وبعيد عن المنال وعقد الآمال عليه سيكون دون جدوى ومن المستحيل أن يؤسس لدولة تليق بالعراق وأهله، تجاوبوا لدعوتهم ليخففوا من حدة التوترات وليتحدثوا معهم بصراحة عن قضايا تستوجب تقديم تنازلات ملموسة، وانخرطوا معهم في حوارات دخلت بعضها في أدق تفاصيل المشكلات. وأكد بعضها الآخر على ضرورة رؤية الماضي كما هو بحسناته وسيئاته، ووضع الأمور في نصابها وعدم إهدار الفرص وإضاعة الوقت في أخذ المسكنات والهدن المؤقتة وترحيل الأزمات، وتحدثوا معهم عن تجاوزاتهم ومراوغاتهم ومناوراتهم وعدم التزامهم بالعهود والوعود والمواثيق والاتفاقات، وقالوا لهم إنكم السبب لانعدام الثقة بيننا وبينكم، وبخطواتكم تسببتم بافتعال مشكلات معقدة ومتشابكة، وأسهمتم في الخلط بين عناصر خارجية وداخلية لتشكيل تهديدات ومؤثرات قوية على المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، وبمغالطاتكم وعمليات تشويش متعمدة وبكل ما تملكون من وسائل، حاولتم خنق ثقافة التسامح والقضاء على كلّ ما هو جميل، وحرمان العراقيين عموماً من حقوقهم الدستورية ومكاسبهم التي حصلوا عليها بتضحياتهم ودمائهم.
للأسف، قبل أن يتم اختبار نواياهم، أحسن البعض الظن بهم أكثر من اللازم فعبروا عن تفاؤلهم بالتوصل معهم إلى اتفاقات تضمن الشراكة والتوافق والتوازن في الحكومة المقبلة، وصدرت عنهم بيانات وبلاغات يستطيع كل طرف أن يجد فيها ما يريد، ويؤكد على تحقيق نصر سياسي ومعنوي. علماً أنّ المراقب للأوضاع يعلم أن عقد اجتماع واحد، أو عشر اجتماعات أو مئة مع هؤلاء لا تكفي لتسوية المشكلات وإنهاء الخلافات المستمرة معهم منذ سنوات، ولا يستطيع التفاؤل بتنفيذ الاتفاقات معهم لأنهم سبق لهم وأن ضربوا عرض الحائط باتفاقيات كثيرة.
مع ذلك يمكن انتظار التطورات التي تتكفل بفك الألغاز وحل المعادلات المختلفة وتحويل ائتلاف إدارة الدولة إلى حقيقة تتعايش مع الواقع العراقي الراهن أو إلى وَهمٌ يمنح العراقيين بعض المسكنات التي لا تعالج جراحهم التي ما زالت تنزف، وَهَمٌّ يُعقد التشابكات، خاصة وأن الاتجاهات السياسية في العراق لا تبشر بالخير، والكثير من اللاعبين السياسيين لا يكترثون بالنتائج التي تأتي بعد نسف الاتفاقات، وحتماً حينها، وبكل بساطة، سيديرون ظهورهم للكورد والعرب السنة ويمضون في طريق إيجاد المبررات التي تساعدهم على الهروب إلى الأمام وإلقاء المسؤولية على الآخرين.
صبحي ساله يي
حول الكاتب
- صبحي ساله يي
- كاتب عراقي
لمحة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!