الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل انسحبت روسيا من السويداء.. ولمصلحة من؟
وفد روسي يزور السويداء/ أرشيفية

رغم أنه لا يُلمس لليوم وجود مباشر للقوات الروسية في السويداء خلافاً لباقي المحافظات السورية التي دخلتها بالقوة العسكرية، أو بالاتفاق السياسي مع السلطة، إلا أنّ حضورها في ملفات المنطقة الجنوبية والسويداء، خاصة، كان بادياً بأكثر من طريقة، أهمها:

دعم بعض الأجهزة الأمنية وتقويتها على حساب أخرى مدعومة إيرانياً.

الدخول على خط التسويات المتعلقة بالخدمة العسكرية.

محاولتها المتكررة طرح إمكانية تشكيل فصيل يتبع لقيادة الفيلق الخامس الذي تشرف عليه مباشرة، المحاولة التي فشلت في تحقيقها عامي 2020 - 2021.

ومحاولة استمالة السكان والأهالي من خلال تقديم المساعدات والسلال الغذائية والتي جوبهت بالرفض مراراً، آخرها كان الأمس في بلدة القريا، بلدة قائد الثورة السورية الكبرى سلطان الأطرش، جنوب السويداء، وقبلها ليس بفترة طويلة بقرية المزرعة.

كما وعملت بشكل مستمر على التهدئة في محافظة السويداء والعمل على لجم تغول السلطات الأمنية بقمع المتظاهرين، سواء بداية هذا العام أو العام الفائت 2021، مع محاولة دائمة لاستمالة الفصائل المحلية والشارع السياسي المتظاهر، والتي لم تجد استجابة جدية للتعامل والثقة معها لليوم. بالمقابل وحتى بتجنيد المرتزقة في حروبها الخارجية، سواء في ليبيا أو فنزويلا واليوم بأوكرانيا، لم تجد سوى أعداداً محدودة من المأجورين أو الذين ضاقت بهم سبل العيش وبأعداد قليلة، خلاف ما كان يتوقع بعد الظروف المعاشية القاسية في المنطقة.

السويداء، وكما أفدنا في تقارير سابقة، لا تشكل محور اهتمام اقتصادي لروسيا، حيث لا توجد بها مقومات مادية قابلة للاستثمار سوى خزانها البشري من الشباب، لكن وجودها كمحافظة ذات أقلية دينية وبجوار الحدود الأردنية وبالقرب من المحيط الحيوي الإسرائيلي، جعل للسويداء أهمية نسبية جيوسياسية في معادلة الجنوب السوري. حاولت الكثير من الأطراف العمل على تجنيده لصالحها، سواء الأردن أو غرفة موك سابقاً في المنطقة الجنوبية، أو مشاريع الانفصال الطائفية التي تأتي بتحريض استخباراتي متعدد الأطراف، أو باستمالات واسعة من سلطة النظام ذاته.. ومع هذا لم ينجح فريق في استقطابها لمصلحته.

اقرأ المزيد: السويداء.. أحداث غامضة وصراع الأجنحة الأمنية

فيما برز تنافس أمني مدعوم من قبل الروس مرة، وإيران وحزب الله في المقابل، بمحاولة إحكام السيطرة على محافظة السويداء، وباءت كل هذه المحاولات بالفشل. إذ لطالما كررت حركة رجال الكرامة، والفصائل ذاتية التسليح فيها رفضها للوجود الإيراني في المنطقة، كما رفض الانجرار في أية مشاريع طائفية بالمقابل، أو تشكيل إدارة ذاتية برعاية روسية، كما جرى في بصرى الشام، في ريف درعا الشرقي. فيما بقي تأمين طرق تهريب المخدرات سرياً وغير مكشوف وبإدارة أمنية محكمة بمساعدة ميليشيات محلية تابعة لها.

اليوم، ثمة أحداث تتطور في المعادلة السورية، وعراب هذا التطور هو روسيا التي تخوض معركتها الكبرى في أوكرانيا، دون أن تحقق النتائج التي تريد منها. في هذا السياق، أكدت شبكات سورية محلية عن قيام روسيا بتسليم مواقع لها في البوكمال ودير الزور وحلب وشرق الرقة للميليشيات الإيرانية، في محاولة منها لتعزيز اتفاقياتها مع إيران، خاصة أمام استمالة الغرب لها في مفاوضات الملف النووي، وأيضاً في محاولة روسية لإراحة الجبهة السورية أثناء انشغالها في الحرب الأوكرانية.

اقرأ المزيد: مقتل شخصين في ظروف غامضة بريف السويداء

الواضح للمتابع للسياسة الروسية، أنّ جلّ همّها في سوريا قبل مشاريع إعادة الإعمار المرتبطة بالحل السوري، منطقة الساحل ومطار حميميم، وبالتالي ما يمكن أن يفسّر تلك الانسحابات من العمق السوري الشرقي لمصلحة إيران. لكن ما يلفت للنظر هو السويداء والمنطقة الجنوبية، التي لم تأتِ على ذكرها تلك التقارير.

في هذا الصدد، تحدّث شهود عيان عن إعادة حواجز الفرقة الرابعة إلى طريق السويداء - الشام ولكن بجوار الحواجز الرئيسة الموجودة سلفاً في منطقة المسمية، وإحداث ثلاث نقاط أخرى لها مدعومة إيرانياً في البادية الشرقية من السويداء، ما يجعل السؤال الذي بدأ يتضح مع الزمن دون ضجة إعلامية: هل تنسحب روسيا من السويداء لمصلحة الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية الداعمة لها؟ وما موقف أبناء السويداء الرافض للفرقة الرابعة وإيران بالأساس؟ وما هو موقف الأردن وإسرائيل التي أبرمت اتفاقيتي عمان 2017 والاتفاق الأمني الإسرائيلي الروسي الأمريكي 2018، واللذين يشتركان بإلزام روسيا بإبعاد الميليشيات الإيرانية بعمق يصل لـ 100 كم من الحدود الجنوبية؟

هل تريد روسيا فتح الطريق لإيران للضغط على الأردن، وخاصة إسرائيل، في مواقفها من الحرب الأوكرانية؟ وهل من احتمال مواجهات قادمة تكون ساحتها السويداء والمنطقة الجنوبية؟ أسئلة إجابتها لا تطول كثيراً، فما يهيئ في الغرف الاستخباراتية اليوم سيتضح أسرع مما تحلله السياسة الظاهرة.

ليفانت - سالم المعروفي

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!