-
نظاما الجزائر وسوريا.. تواءمة بلا حدود
-
تسريبات خاصة لـ"ليفانت".. الجزائر تدعم النظام السوري بالنفط منذ بداية العقد الفائت
لم ترق فكرة ثورات الربيع العربي لكثير من الأنظمة العربية، لكن البعض منهم تعاطى معها كأمر واقع، والبعض الآخر حاول تجنيبها بلاده، على أمل أن لا تأخذ رياحها أنظمتهم وثرواتهم مع باقي الحرس القديم أو الطبقة المحيطة والمستفيدة، فانسحاب الرئيس التونسي الراحل "زين العابدين بن علي" وفراره مع أفراد أسرته من البلاد ولجوئه إلى المملكة العربية السعودية أعطت انطباعاً بأن الرياح لن تتوقف عنده.
ومنذ ذاك الحين والنظام الجزائري يتحوط وصول الربيع العربي إلى بلاده التي أكلها الفساد وأضاع خيراتها، حيث إن الجزائر من الدول المصدرة للغاز والنفط. لكن بالمقابل تقبع بين الدول الأكثر فساداً عربياً في الأعوام التي تلت الربيع العربي، فهي ضمن المربع الذي يضم سوريا والصومال والعراق وليبيا.
وبعد انهيار أسعار النفط عام 2014، شهدت البلاد سنوات من قيود الميزانية وانهيار العملة، تلاها صعود حركة احتجاجية وطنية، تُعرف باسم الحراك، وفي عام 2019 أدت الاحتجاجات إلى إطاحة الجيش بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في أبريل من ذلك العام. إلا أن حكم الجنرالات ما يزال يحكم الجزائر بعد وصول الرئيس الحالي عبد المجيد تبون إلى رأس السلطة، بل يكرس بحكمه القاسي الاستبداد والدولة الأمنية البوليسية الذي أورثه إياها الراحل بوتفليقة.
اقرأ المزيد: وزير الخارجية الجزائري في دمشق.. لهذه الأسباب
ولم تكتفِ الجزائر بقمع الحراك في بلادها، بل وقفت إلى جانب النظام السوري منذ اللحظات الأولى لثورة الشعب السوري، فقد كانت إلى جانب العراق، من حيث معارضتها لتجميد عضوية النظام السوري في مجلس الجامعة العربية في نوفمبر 2011.
دعم لا محدود لنظام الأسد
وقال دبلوماسي غربي لـ "ليفانت"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن "الجزائر لم تتوقف عن دعم نظام بشار الأسد في سوريا، وتزويده بالنفط ومصادر الطاقة منذ بداية الحراك الشعبي في سوريا حتى يومنا هذا".
وأضاف، بأن "الجزائر تسعى بكل قواها لإعادة علاقات النظام السوري مع الحكومة التركية"، مبيناً أن نظام الرئيس تبون، يحاول تعويم الأسد بعد كل ما مارسه من قتل وتدمير وتهجير للشعب السوري.
ويقول رشيد عوين المعارض الجزائري ورئيس منظمة شعاع الحقوقية في اتصال مع "ليفانت"، أن "النظام الجزائري كان دائماً معارضاً لأي تغيير في المنطقة العربية وخاصة سوريا، مضيفاً، أن "حكم العسكر في الجزائر بدلاً من محاسبة المتورطين في القتل والخيانة بحق الجزائريين"، إذ قام الرئيس تبون بتكريمهم وتقليدهم أرفع الأوسمة، مثل الجنرال "محمد مدين" مدير المخابرات الأسبق، وكذلك وزير الدفاع السابق خالد نزار، في 4 من الشهر الماضي".
ويتابع عوين قوله، أن "دعم النظام الجزائري لنظام بشار الأسد، يأتي من مبدأ منع أي تغيير في البلدان التي طالتها ثورات الربيع العربي"، مبيناً بالوقت نفسه، أن الأمر لم يقتصر على سوريا فحسب، بل كان للجنرالات الجزائرية دور في تقويض بذور الديمقراطية في تونس أيضاً، حسب ما نقله له أحد الرؤساء التونسيين بعد الثورة.
الاصطفاف إلى جانب المحور الشرقي
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في فبراير/ شباط الماضي، أصبح جلياً أن الجزائر اختارت أن تكون في المعسكر الشرقي مع روسيا، ولهذا تطالب الجزائر بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وهذا ما صرح به بشار الأسد بقوله إنَّ الجزائر، هم الأقرب إلينا في الوطن العربي، وفقاً للمعارض الجزائري رشيد عوين.
ومع ذلك، وسط كل الصعوبات، فإن هيكل السلطة في الجزائر -المكون من مجموعة متنوعة من الأفراد العسكريين ونشطاء الأجهزة السرية والسياسيين المسنين- يستفيد الآن من أفضل الظروف منذ سنوات لضمان قبضته على السلطة.
وحتى وقت قريب، كان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، يزور دمشق ويقدم الدعم للنظام السوري، في محاولة لإعادة تعويمه وتسويقه على أمل إقناع الحكومات العربية بقبول حضور بشار الأسد القمة العربية التي من المقرر انعقادها في العاصمة الجزائرية، في نوفمبر من العام الحالي.
قد يهمك: الرئيس الجزائري يؤكد استعداد بلاده للانضمام إلى مجموعة "بريكس"
حتى قبل بدء الصراع في أوكرانيا، بدا أن السلطات الجزائرية قلقة من أن ارتفاع التضخم العالمي، وخاصة في أسعار السلع الغذائية، قد يطلق العنان لموجة جديدة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد.
وفي منتصف فبراير، أصدر الرئيس تبون إعلاناً مفاجئاً، قال فيه "سيتم تجميد الزيادات الضريبية على بعض المنتجات الغذائية التي كانت مدرجة في ميزانية 2022".
وإلى جانب ضخ السيولة التي تشتد الحاجة إليها في خزائن الجزائر، عززت الحرب في أوكرانيا أيضاً المكانة الدبلوماسية للبلاد. لكن بالمقابل عزز أسلوب الجنرالات المسنين الغامض في التعامل مع القوى الأجنبية وعجزهم عن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية سمعة الجزائر كنوع من الدولة المنبوذة، على الرغم من أهميتها كمنتج للطاقة وأهميتها الاستراتيجية في التعامل مع عدم الاستقرار في منطقة الساحل.
أزمة استخباراتية
سبق أن كشف الناشط الحقوقي، أنور مالك، في برنامجه على قناته في يوتيوب، أن صراعات كبيرة تحدث داخل جهاز المخابرات الجزائرية وعدم تنسيق في ملفات عدة، في حالة صراع بيني على الانفراد بالملفات الحساسة.
وأضاف الحقوقي نقلاً عن مصادره الخاصة في الجزائر، أن الرئيس عبد المجيد تبون والفريق السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي أطلقا مبادرة لاحتواء الخلافات ولم شمل الجهاز الأمني، لإفشال أي مخطط يزعزع سلطتهم الأمنية.
ووفق ما نقله الحقوقي الجزائري، فإن الصراع الأمني يكمن بين جهاز الأمن الداخلي وقادة في الجيش والعسكر القديم.
ومن جهة الرئيس تبون، فإنه يحاول مراعاة مصالح الطرفين وترفيع رتب لكل من النافذين في الجهاز الاستخباراتي، ليضمن ولاءهم له ولسلطته.
وأظهر مالك مدى الخلاف والنزاع الحاصل بين الأطراف والتي من الممكن أن تنعكس على الرئيس الجزائري بشكل مباشر، بسبب إحكام قبضته الأمنية في سائر البلاد.
ولم يخفِ الدور الذي تقوم به الاستخبارات الجزائرية في ملاحقة معارضي الحكم في الخارج وقتل البعض منهم، للحفاظ على السلطة وعدم مشاركة المعارضين في الحياة السياسية.
ويضيف مالك، أن تبون ما يهمه في هذا الصراع هو الحافظ على الأمن الداخلي، وفي الدرجة الثانية يأتي الأمن الخارجي ومن يعارضه من خارج البلاد.
ليفانت - خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!