الوضع المظلم
الأحد ١٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
من صفحات نضال المرأة العربية
المرأة العربية

مشوار طويل ومضنٍ لتنامي المجتمع العربي الذي أمضى تاريخاً طويلا تحت نير الإستعمار من العثمانيين إلى الإنكليز والفرنسيين والإسبان والإيطاليين والصهاينة والأمريكان معاناة طويلة قاسية، وولدت معاناة المرأة العربية من رحم معاناة المجتمع العربي لكن معاناة المرأة العربية كانت أشد قسوة، وفي تاريخ نضال المرأة العربية بدأت نضالها أوائل القرن العشرين بمرحلة نفض الغبار عنها، وهي مرحلة ما قبل بدء مسيرتها في مجتمع ذكوري يعاني الفقر والأمية وأمراض اجتماعية منها العنف والعنصرية، وعلى الرغم من تكريم الإسلام للمرأة التي شاركت حتى بمعارك المسلمين الأوائل إلا أن خصالً من الجاهلية بقيت مرافقة وسارية بالمجتمع العربي الذي تحول إلى مجتمعات بفعل الاستعمار بالإضافة إلى عامل الخلط بين الأعراف والدين، وللإنصاف لم تكن المرأة العربية مستعبدة بل كانت ذات دورٍ محدود في حضورها الاجتماعي وفي أسرتها ومحيطها، وفي مجتمعاتنا العربية وأكثر المجتمعات البشرية وبدافع الجهل كان ولا زال المولود الذكر مرحباً به أكثر من الأنثى، كما أن البعض كان ولا زال لا يريد مولوداً أنثى ومن هذا المنطلق كانت الابنة تعاني منذ ولادتها من الإهمال وعدم الاكتراث لوجودها علماً بأن من يكرهون مجيئها قد أنجبتهم نساء وجعلت منهم رجالا وفرساناً وقادة ووجهاء مجتمع وأطباء ومهندسين وقضاة ومعلمين وغير ذلك حتى إن بعض الأمهات والجدات يفرحن كثيراً بالمولود الذكر؛ إذن هي أعراف اجتماعية دأب المجتمع عليها وعلى المرأة أن تبدأ مسيرتها من سالب عشرة حتى يُعد وصولها اليوم إلى موجب 3 إنجازاً عظيماً.

ورغم العقبات والصعوبات والكوارث والمآسي التي عاشها المجتمع العربي وتحمل المرأة العربية لجانبٍ عظيمٍ منها ارتقت المرأة العربية سُلم المجد بجدارة وبإحساسٍ عالٍ بالمسؤولية ليس تجاه قضية المرأة فحسب بل تجاه مجتمعها وقضاياه وقضايا أمتها وتحرر المرأة في المنطقة والعالم من الظلم والاستبداد والتعسف والعنصرية والإعدامات في الأنظمة الدكتاتورية، قيود الاستعباد المعاصرة الممارسة ضدها حتى داخل المجتمعات التي تدعي الرقي والتطور.

واقع المرأة العربية اليوم

انتقلت المرأة العربية في مسار نموٍ وترقٍ أبرز هذا المسار حقها وقدراتها وعظمة دورها وحجم استعدادها للكفاح والصمود والعطاء، وقد بدأت مرحلة نهضة المرأة العربية في عشرينيات القرن الماضي وظهرت ملامح تلك المرحلة في خمسينيات القرن الماضي من خلال إتاحة فرص التعليم وحصول المرأة على شهادات عليا وعلى فرصٍ متكافئة للمشاركة في المسيرة العلمية كذلك المشاركة في الحياة العامة وإدارة شؤون الدولة كواقعٍ متنامي خاصة في ظل تطور المسيرة التعليمية والمؤسساتية داخل الدول العربية، ورغم الواقع المرير للدول العربية من حروب وتبعاتها ومؤامرات دولية تحاك ضد الدول العربية من داخل الشرق الأوسط وخارجه.

تحملت المرأة العربية واقع مجتمعها وتحملت مسؤولياتها كاملة في ظل الحروب القاسية التي تحملتها الدول العربية ومجتمعاتها وشاركت المسؤولية الوطنية في كافة الميادين جنباً إلى جنب الرجال، وقد كان ذلك نتاجاً لمرحلة تطور فكري وثقافي واجتماعي داخل المجتمع بعد تغير المفاهيم والموروث وتوافر القناعات بشراكة الواجب في المجتمع بين شقيه الرجل والمرأة، وبات واجبٌ على كل شق من شقي المجتمع أن يكون مؤمنا بدور الآخر وأهميته للفرد والأسرة والمجتمع والوطن.

في ظل هذا التطور ونتيجة له نجد المرأة اليوم في الجيش والشرطة والأمن والاقتصاد والتعليم والبيئة والصحة، ونائبة برلمانية ومُشرِعة، وسفيرة ووزيرة وقائدة ورائدة، وطرفا مباشراً في العملية السياسية كاستحقاق لها، ولم يعد تغيير النظرة والموقف قاصراً على موقف الحكومة من المرأة وحقوقها بل تغيرت نظرة وطريقة تفكير المجتمع أيضاً، ولا يقتصر هذا التطور في مجال حقوق المرأة على دولة عربية بعينها فهناك العديد من الدول العربية التي نهضت فيها المرأة وكانت لها مكانتها التي تليق، والأردن أحد الدول العربية المتقدمة في مجال حقوق المرأة.

نماذج لتطور نضال المرأة العربية

المرأة الأردنية: وصلت المرأة الأردنية بفضل القيادة الهاشمية الحكيمة والتشريعات الأردنية الدقيقة إلى مكانة رفيعة في المجتمع والدولة وارتقت إلى مراتب علمية مرموقة، ومناصب قيادية رفيعة، وفي ظل التوجيهات الملكية السامية بضرورة مشاركة واسعة للمرأة والشباب بالعملية السياسية باتت المملكة الأردنية الهاشمية في مقدمة الدول العربية التي تولي اهتماماً خاصاً بالمرأة وترفع من شأنها ومكانتها.

المرأة الفلسطينية: المرأة الفلسطينية عنوان وأيقونة النضال ونموذج التضحية والصبر والله مع الصابرين وها هي لا تزال صامدة صابرة تقاوم وتضحي وتقدم الأخ والزوج والابن شهداء لأجل امتها وتراب فلسطين محتفلة بشهادتهم متفاخرة وتقول يستشهدون وننجب نجباء آخرين ليستشهدوا.. وها هي المرأة الفلسطينية في غزة تقاتل صامدة صابرة ويشهد القاصي والداني والعدو والصديق على صمودها، وتستمر مسيرتها حتى تحرير فلسطين ونيل كامل حقوق الشعب الفلسطيني، وتقف كل الكلمات قاصرة أمام نضال المرأة الفلسطينية.

المرأة المصرية: لقد بدأت نهضة المرأة في مصر منذ عشرينيات القرن الماضي وتنامى دور المرأة المصرية مع تنامي الحركة التعليمية والفكرية والثقافية والفنية في مصر وتتواصل مسيرة نهضة المرأة في مصر إلى اليوم بوتيرة متفاوتة. 

المرأة العراقية: لقد كانت مسيرة نهضة المرأة في العراق من الناحية العملية في مقدمة مسيرة نهضة وتقدم وتطور المرأة العربية منذ عشرينيات القرن الماضي وقد ساعد في ذلك تطور المسيرة العلمية والاقتصادية في العراق واستمرت عملية تطور نهضة المرأة العراقية في كافة الميادين حتى احتلال العراق سنة 2003.. وتلا ذلك تدهورا كبيرا في مجال حقوق المرأة على الرغم الصورة المتهرأة لواقع العمل المدني والسياسي والإداري في العراق خاصة بعد هيمنة الجماعات الموالية للنظام الإيراني وهدم المؤسسات الوطنية العراقية وظهور هيكلية جديدة غير مسؤولة في الدولة في ظل حالة الفتنة والهدم القائمين في العراق، وتردي مستوى التعليم.

المرأة المغربية: تُعد المملكة المغربية من الدول العربية المتطورة في مجال حقوق المرأة ومشاركتها في العملية السياسية والنيابية والنهضة التعليمية.

المرأة الجزائرية: لا يخفي على الجميع الدور التاريخي للمرأة الجزائرية في محاربة الاستعمار وتحقيق الاستقلال والحرية، وقد شاركت بالسلاح والمال والمشاركة في تنظيمات نسائية سرية وعلنية حتى استقلت الجزائر من الاحتلال الفرنسي آنذاك، وقد تكوّنت أول نواة تنظيم نسائي في الجزائر عام 1945 وبرزت عام 1947 باسم "جمعية النساء المسلمات الجزائريات" التي اندمجت بعد انطلاق ثورة أول نوفمبر كباقي القوى الوطنية دون تمييز تحت راية الثورة.

المرأة الموريتانية: تُعد موريتانيا على الرغم من فقرها وظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة من الدول المتقدمة في مجال مشاركة المرأة سياسياً ونيابياً.

نماذج استبدادية: من النماذج الاستبدادية العدوانية بحق المرأة والمجتمعات البشرية بشكل عام نموذج الحكم الاستبدادي القائم في إيران في ظل حكم ولاية الفقيه إذ يسوق هذا النظام فكراً رجعياً متطرفا تحت مسمى الإسلام ولا يمت للإسلام وسماحته بصلة، فالإسلام لا يأمر بقتل الأطفال والنساء ونشر المخدرات والإرهاب والعدوان على الجوار ونقض العهود، وإثارة الفتن والحروب.

تناضل المرأة الإيرانية على نحو يدعو إلى الفخر في مواجهة نظام الملالي الرجعي منذ عقود وقدمت عشرات الآلاف من الشهداء ولا زالت تقدم، كما تعاني السجينات السياسيات الإيرانيات من أشد أنواع التعذيب، ووفقاً لتقارير منظمة العفو الدولية وخاصة تقريرها الأخير أن المرأة الإيرانية الثائرة تتعرض للاغتصاب كنوع من التعذيب والتنكيل من أجل القضاء على الانتفاضة الإيرانية وحماية نظام ولاية الفقيه من السقوط والزوال، وتقف نساء العالم الحر إلى جانب انتفاضة المرأة الإيرانية وتقف المرأة العربية إلى جانب المرأة الإيرانية في نضالها؛ وقد تعرضت شعوب المنطقة أيضا إلى عدوان هذا النظام عليها سواء بالاحتلال أو نشر الفتن والمخدرات والإرهاب ومؤامرات أخرى.

أوردتُ في مقالي هذا مقتطفاتٌ من مسيرة نضال المرأة العربية في بعض الدول كنماذج مع الإقرار بفخر حول تقدم المرأة العربية في معظم الدول مع التفاوت الطبيعي من دولة لأخرى.. ولا يتسع هذا المقال لذكر البقية، وستشهد السنوات المقبلة نهضة كبيرة ورفعة لمكانة المرأة في جميع الدول العربية.

 وتستمر مسيرة نضال المرأة الأردنية وتنامي دورها وعلو مكانتها في ظل قيادة الأردن الهاشمية الحكيمة ووعي الشعب الأردني بأهمية دور المرأة في عملية البناء الوطني، وكامرأة مناضلة ونائبة أردنية أقول لقد حققت المرأة الأردنية مكانةً رفيعة لها تدعو إلى الفخر بدعم وتوجيه من صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية وصاحبة الجلالة الملكة رانيا واستقامة حكومة ومؤسسات الأردن.

عاش نضال المرأة العربية.

ليفانت: د. زينب البدول 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!