الوضع المظلم
الإثنين ٢٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
من الموت حياة.. في مواجهة القاتل
من الموت حياة.. في مواجهة القاتل

يرسم أكرم أبو الفوز على مخلفات القذائف والصواريخ التي تطلقها قوات النظام السوري والطائرات الروسية، والتي خلّفت في الوقت ذاته مئات الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ القابعين في منازلهم.


أكرم سويدان، شاب ثلاثيني من مواليد مدينة دوما بريف دمشق، وكما يعرف بـ "أكرم أبو الفوز"، يحاول إيصال رسالة الشعب السوري الذي يُقتل منذ نحو ثمانية سنوات، بآلة إجرام القوات الحكومية السورية والطائرات الروسية، وذلك عبر الرسم على مخلفات أو فارغ الصواريخ والقذائف التي تدك منازل المدنيين، وتحويلها إلى روح فنية تبعث الحياة.


وبدأ أكرم أبو الفوز بالرسم على فارغات الصواريخ التي تنهال على مدينة دوما منذ عام 2014، كما أطلق مشروعه الأول الذي حمل عنوان "الرسم على الموت"، الذي واجه فيه شدة القصف والحصار الذي تعرضت له الغوطة الشرقية من قبل القوات الحكومية.


زارت جريدة "ليفانت" منزل أكرم أبو الفوز في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، وقال أبو الفوز: "الزخرفة والرسم هي هوايتي منذ الصغر، كنتُ أهوى كل الزخارف التي امتاز بها الدمشقيون بطابعها العريق والقديم على حدٍ سواء".


وأضاف: "اختيار زمان أو مكان الرسم صعب جدًا، وكذلك اختيار القذائف لم يكن لجمالية الرسم عليها، ولكن لمدلولها في الحرب ورسالة من الشعب السوري الذي لا زال يواجه الظلم بشتى أنواعه"، واستغل أكرم أبو الفوز المناسبات الثورية والسياسية الخاصة بسوريا لتوجيه رسالته حيث تنوعت أعماله بين ذكريات السوريين وأحداث جرت خلال الثورة السورية.


وهُجّر أكرم من مدينة دوما في نيسان / أبريل من 2018 خلال عملية تهجير قسري قادتها القوات الحكومية السورية والروسية في الغوطة الشرقية، لكن أكرم لم يستطيع إخراج أعماله من مدينة دوما والتي تنوعت في العديد من القضايا والمناسبات السورية.


وبعد عملية التهجير إلى الشمال السوري أطلق أكرم مشروع "راجعين" إشارةً إلى العودة القريبة التي يتأملها إلى مدينته دوما، واعتبر أكرم أن مشروع راجعين هو ينتمي إلى مشروع الرسم على الموت ولكن تصدر أول أعماله في الغربة عن مدينته.


ويظهر عمله الحنين والشوق للديار ولمدينة دوما على وجه التحديد التي عايشت جذوره الأولى، كما تضمن العمل الذي أقامه على فارغة صاروخ عنقودي، كتبت عليه أسماء المناطق والمدن والبلدات السورية التي تعرضت لعملية التهجير منذ بدايات الثورة.


وقام بعدة أعمال خلال إقامته في مدينة الباب، من ضمنها في اليوم العالمي للغة العربية 18 كانون الأول/ ديسمبر، ويتكون العمل من صاروخ فراغي عنقودي كتب عليه بالخط الكوفي التربيعي (لا للتهجير.. نعم للوطن)، (لا للاعتقال.. نعم للحرية)، (لا للإرهاب.. نعم للسلام)، (لا للقتل.. نعم للحياة)، وأيضًا عبارة كتبت بأسفل الفارغة (إن السلام كالحرب).


 


وقام أبو الفوز بعمل فني بمناسبة عيد الحب 14 شباط / فبراير، عبارة عن باقة حمراء في داخلها فارغ رصاصات لونها أحمر كنايةً عن المناسبة، وقال لـ "ليفانت": "العالم يحي عيد الحب بتبادل الورود، بينما سوريا والسوريون تنزف دمائهم دون رادع".


وبمناسبة ذكرى الثورة السورية الثامن في الثامن عشر من آذار/ مارس قدّم أبو الفوز عمل فني، على فارغة صاروخ ألقي من الطيران الحربي، وكتب عليه الرقم (8)، وشعار "صورة حتى النصر"، ومع مطلع شهر رمضان المبارك قدّم عمل فني أطلق عليه "مدفع رمضان"، حيث يتألف العمل من فارغة رشاش 23، وذلك بمناسبة رمضان الثاني بعيدًا عن دوما كما أوضح لـ "ليفانت".


 


وتحمل أعمال الفنان السوري أكرم أبو الفوز طابعًا خاصًا نظرًا للمادة المستخدمة في الرسم، وتعتبر قريبة لأعمال الفن الدمشقي العجمي، كما ترتبط بفن الزخارف الإسلامية والعربية، ويستخدم في رسمه الألوان الزيتية ومحددات الزجاج وهي مادة نافرة شبيهة بمادة السيليكون.


وشاركت أعماله في عدة معارض خاصة، في دول عربية وغربية من بينها قطر وأمريكيا والسويد وألمانيا وبلجيكيا، لكن هذه المعارض اقتصرت على الصور فقط مؤكدًا لـ "ليفانت": "أنه لم يخرج أية قطعة من أعماله خارج سوريا، والمعارض تفتقر لحضوره الشخصي".


ويتمنى أكرم أبو الفوز أن يخرج بأعماله خارج هذه البقعة الجغرافية وإنشاء معارض في الدول العربية والغربية لإيصال رسالته بشكل واقعي، وأضاف: "تفاجأتُ بأنني خرجت من حصار الطعام فقط، ولا زلت في حصاري الجغرافي، وكسوري ممنوع عني السفر".


 وعمل أكرم أبو الفوز بعدة مجالات قبيل اندلاع الثورة السورية المطالبة بالتغيير الديموقراطي منتصف 2011، آخرها صيانة وتجارة الأجهزة الخلوية، إلى جانب عمله في الديكورات المنزلية والرسوم الشرقية على الزجاج الذي اعتبره كشغف وهواية ليس أكثر.


من الموت حياة.. في مواجهة القاتل


من الموت حياة.. في مواجهة القاتل


النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!