الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • من البغدادي إلى القرشي.. المناطق المُدارة تركياً ملاذ للإرهاب العالمي

من البغدادي إلى القرشي.. المناطق المُدارة تركياً ملاذ للإرهاب العالمي
داعش وتركيا \ ليفانت نيوز

أعادانا إعلان الرئيس الأميركي "جو بايدن"، يوم الخميس، عن مقتل "أبو إبراهيم الهاشمي القرشي"، زعيم تنظيم "داعش"، في عملية إنزال جوية نفذتها القوات الأميركية، فجراً في بلدة أطمة بريف إدلب شمال غرب سوريا، إلى السابع والعشرين من أكتوبر العام 2019، عندما تم الإعلان عن مقتل الزعيم السابق لتنظيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي، في قرية "باريشا" بإدلب، ليفتح مكان استهداف المتزعميّن، الأبواب من جديد حول العلاقة التي تربط تركيا وميلشياتها من جهة، والإرهاب العالمي من جهة ثانية.

اقرأ أيضاً: داعش هرّب إرهابييه بالساعات الأولى للهجوم على سجن الحسكة

فهؤلاء (أي إرهابيو داعش وأخواتها)، لا يجدون مكاناً في سوريا، يوفر لهم الحماية والمدد، إلا في المناطق التي تديرها تركيا عملياً، عبر عشرات القواعد وميليشياتها المعروفة بمسمى "الجيش الوطني السوري"، في عفرين وإعزاز والباب وجرابلس ورأس العين وتل أبيض، وباقي مدن شمال غرب سوريا، أو إدلب المدارة من قبل "هيئة تحرير الشام" المعروف سابقاً بمسمى "جبهة النصرة".

وتركيا، الطرف الوحيد الذي يستطيع أن يدخل لمناطق إدلب، وهي دلائل وقرائن تكفي المتابعين لبرهنة العلاقة الوثيقة التي تربط الطرفين، إلى جانب أن تركيا من تمنع سيطرة روسيا والنظام السوري على إدلب، وحشدت سابقاً آلاف الجنود ومئات المدرعات لمنعهما من التقدم، ما يعني أن إدلب عملياً تحت الوصاية التركية، بأيدي "هيئة تحرير الشام".

سجناء داعش بسجن غويران \ متداول

علاقة تركيا وداعش

خلال السنوات السابقة، وردت العديد من التقارير حول علاقة تنظيم داعش الإرهابي مع تركيا وميلشياتها السورية على اختلاف مسمياتها، وكان محور ذلك التعاون هو القضاء على المكون الكردي السوري، عبر استهداف قواه العسكرية والسياسية والإدارية، وما احتلال عفرين في مارس العام 2018، واحتلال رأس العين وتل أبيض في أكتوبر العام 2019، إلا إثباتاً لتلك الفرضيات، بجانب ما أقر به إرهابيو داعش أنفسهم.

ففي نوفمبر العام 2019، فضح الإرهابي طه عبد الرحيم عبدالله، مساعد البغدادي المعتقل لدى قوات سوريا الديمقراطية، العلاقة التي تجمع زعيم تنظيم "داعش" المقتول أبوبكر البغدادي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقال الإرهابي الداعشي إن الهجوم الذي نفذه تنظيم "داعش" من قبل على مدينة "كوباني" في شمال سوريا، تم بأمر من أبوبكر البغدادي بناء على طلب وإصرار تركي، موضحاً إن هجوم داعش على كوباني، وحصارها منذ سبتمبر/أيلول 2014 وحتى يناير/ كانون الثاني 2015، والذي أدى لنزوح عشرات آلاف الأكراد نحو جنوب تركيا تم بأمر من أردوغان.

اقرأ أيضاً: إلى 373 قتيلاً من داعش وقسد.. حصيلة معارك غويران

إذ بيّن مساعد البغدادي، خلال التحقيقات معه، أن البغدادي كان في عام 2014 يستعد للهجوم على دمشق، إلا أنه غير الخطة إلى مدينة “كوباني” الكردية في اللحظات الأخيرة، وقال عبد الرحيم: “البغدادي طلب منا الهجوم على كوباني، اعترضنا على هذا الأمر، ولكنه لم يوافق، وبعد ذلك علمنا أن التغيير في الخطة جاء بناءً على إصرار من أردوغان”.

أسئلة مشروعة حول تركيا

وجود البغدادي في إدلب، كان قد دفع الكاتب إيلي لايك في مقال نشره في موقع "بلومبرغ" في نوفمبر العام 2019، إلى الاستفسار عن سؤال مركزي، وهو كيف تمكن البغدادي من إيجاد ملجأ في محافظة إدلب السورية الواقعة تحت النفوذ التركي ونفوذ وكلاء انقرة في سوريا، مضيفاً أنه ثمة سؤال محوري تبحث الاستخبارات الأمريكية عن جواب له وهي تقلب الوثائق التي عثر عليها في مجمع البغدادي، ومع الناطق باسم داعش أبو الحسن المهاجر الذي قتل في غارة ثانية بعيد قتل البغدادي، يتعلق بالعلاقة بين الاستخبارات التركية وداعش، حيث كان الرجلان يختبئان قريباً من الحدود التركية، إذ عثر على المهاجر في جرابلس.

اقرأ أيضاً: قسد تلقي بالمسؤولية الأكبر عن الهجوم الداعشي بالحسكة على تركيا

وبظل الاتهامات والأصابع التي وجهت إلى تركيا، عقب مقتل البغدادي في إدلب، حاولت أنقرة الالتفاف على التهم، من خلال ادعاء أنها تحارب التنظيم الإرهابي، فأعلن أردوغان في السادس من نوفمبر 2019، أن القوات التركية ألقت القبض على زوجة زعيم تنظيم "داعش" السابق، أبو بكر البغدادي، وشقيقته وصهره،  في حين اتهمت قوات سوريا الديمقراطية ، تركيا بوجود علاقة مع التنظيم، مُستدلة على ذلك بوجود البغدادي في منطقة واقعة ضمن النفوذ التركي، بجانب إعلان قسد عن قتل اليد اليمنى لزعيم تنظيم "داعش"، قرب مدينة جرابلس شمال حلب، في عملية مشتركة مع المخابرات الأمريكية.

شكوك في النوايا التركية

وبينما كان الرئيس التركي ينتظر ردود فعل إيجابية بشأن اعتقال أرملة وشقيقة زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، أعرب مراقبون ونشطاء عن شكوكهم إزاء أهداف ذلك الإعلان، حيث رأى مغردون وقتها، أن هدف تركيا من وراء اعتقال أرملة وشقيقة البغدادي هو تغطية تقصيرها بخصوص عدم اعتقال زعيم تنظيم داعش، رغم وجوده على بعد كيلومترات من أراضيها، بينما رأى آخرون أن اعتقال أقارب البغدادي لم يكن إلا للتغطية على "التواطؤ التركي" في التستر على مكان زعيم تنظيم داعش، الذي كان يحتمي في محافظة إدلب الخاضعة لتركيا وميلشياتها.

وشدد متابعون آنذاك على إن الولايات المتحدة فقدت الثقة في تركيا، حيث اختارت إطلاق عملية القضاء على البغدادي من العراق، وليس من تركيا رغم قرب موقعه من الحدود التركية، وقال وقتها المبعوث الأميركي السابق إلى التحالف الدولي ضد داعش، "بريت مكغورك" الذي يشغل حالياً منصب منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط: "من المهم التنبه إلى أن الجيش الأميركي اختار إطلاق هذه العملية على بعد مئات الأميال من العراق، عوضاً عن المنشآت الموجودة في تركيا، الحليفة في الناتو، والقريبة من الموقع" المستهدف.

اقرأ أيضاً: الرئيس الأمريكي يعلن مقتل زعيم داعش في إنزال أطمة بريف إدلب

كما أن عملية اغتيال البغدادي، لم تتم بمشاركة تركيا أو علمها بطبيعة العملية، وقد نشر موقع جيروسالم بوست الإسرائيلي، مقالاً عن الموضوع استعرض تساؤلات حول "فشل عضو حلف شمال الأطلسي (تركيا) المجهز بالطائرات المسيرة والأجهزة المتطورة، فضلاً عن مواقع المراقبة في إدلب، وجهله بوجود البغدادي في المنطقة".

بينما قال الكاتب الصحافي التركي، الخبير في العلاقات الدبلوماسية فهيم تاشتاكين، “اقتصر التعاون بين أنقرة وواشنطن على استخدام القوات الأمريكية مجال تركيا الجوي فقط”، وأوضح أن القوات الأمريكية فضلت الحصول على المعلومات الاستخباراتية من قوات سوريا الديمقراطية التي يتشكل أغلبها من الأكراد، بالإضافة إلى جهاز الاستخبارات العراقية، “لأنها لا تريد أن تدع مجالاً لهروب البغدادي”، حيث كانت تخشى مشاركة المعلومات مع تركيا، حتى لا تتسرب، إلى داعش.

قسد: أنقرة توفر الحماية للإرهابيين

فيما حين قال القيادي في قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ريدور خليل، عقب تصفية “البغدادي”، في نهاية أكتوبر العام 2019، إن على تركيا الإجابة عن سبب تواجد زعيم تنظيم داعش الإرهابي في منطقة خاضعة لنفوذها في إدلب شمال سوريا، متهماً أنقرة بتوفير الحماية والتمويل للعناصر الإرهابية، مضيفاً إنه يجب على العالم أن يتساءل عن سبب تواجد أبو بكر البغدادي في منطقة سيطرة القوات التركية في إدلب، رغم النفي من السلطات التركية من أعلى السلطات بمعرفتهم بمناطق تواجد زعيم وعناصر تنظيم داعش”.

أما المبعوث الأمريكي السابق إلى التحالف الدولي لمناهضة داعش، بريت ماكغورك، فقد وجّه على تويتر مجموعة أسئلة، اقترح على الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أن يوجهها للرئيس التركي، نقلتها مواقع كردية، ومنها: كيف كان يعيش البغدادي في منزل آمن به أنفاق عديدة على بعد أقل من 5 كيلومترات من حدود تركيا؟ ولماذا تم العثور على المتحدث باسم داعش في مدينة جرابلس الحدودية الخاضعة للسيطرة التركية بالكامل؟ ولماذا المناطق السورية الخاضعة للسيطرة التركية هي ملاذات آمنة للإرهابيين من القاعدة وداعش؟

اقرأ أيضاً: زعيم داعش الإرهابي القتيل لديه عدة أسماء مستعارة.. تعرّف عليه

كل تلك الأسئلة المنطقية وغيرها الكثير، هي إلى الآن بلا إجابات، رغم مرور أكثر من عامين على مقتل البغدادي، ويبدو أنها ستبقى كذلك حتى بعد مقتل الخليفة المزعوم الثاني للتنظيم الإرهابي، بذات الأسلوب وفي ذات الشروط وضمن ذات المنطقة.. فقد برهن المجتمع الدولي أن المصالح ما تسيّره، وما أحداث سجن الحسكة الأخيرة، إلا برهاناً جلياً على استهتار المجتمع المتغني بالديمقراطية والعدالة بحيوات السوريين.. وما رميه بمسؤولية معاقبة الإرهابيين على "قوى محلية" تتعرض على الدوام للهجمات التركية بالتوازي مع الهجمات الداعشية، إلا برهانا جلياً على زيف نوايا إنهاء الإرهاب.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!