-
ممتهنو الطب يتعدون على الجراحات التجميلية.. والضحايا سوريون وعرب
خاص ليفانت - جوري محمد - دمشق
تتجول أربع فتيات تتراوح أعمارهن بين ال 19 وال 30 عاماً في سوق الحمرا وسط العاصمة دمشق وقد بدت آثار العمليات التجميلية على وجوههن. تقول رزان 22 سنة لبنانية الجنسية أتيت إلى سورية بعد أن شجعتني صديقتي التي أجرت عملية تجميلية لأنفها وكانت ناجحة وبتكلفة أقل مما يجريها الأطباء في لبنان، تتابع رزان لم تتجاوز تكلفة العملية مع الإقامة لمدة ثلاثة أيام وزيارة لبعض المعالم السياحية مع مراجعة مجانية بعد ستة أشهر سوى 1200 دولار وهي أقل بكثير من تكلفة إجرائها في لبنان. أما سيا صديقة رزان والتي أجرت عملية تجريف للذقن وحقن للخدود تقول تعرفنا على الطبيب عبر صديقة لنا ووضعنا على كروب عبر تطبيق الواتس أب لنصور أنفسنا ويتابع تطور حالتنا الطبية مضيفة تعرفت على عدد من الفتيات اللواتي حضرنا لإجراء عمليات تجميلية من خلال البرنامج السياحي للعمليات.
طبيب (بتاع كله)
يذيل الطبيب عبد الرحمن محمد اختصاص أذن أنف حنجرة اللافتة المخصصة لعيادته في منطقة عرطوز ريف دمشق بسطر يعدد فيه الشهادات الحاصلة عليها في تخصص التجميل. ويقول لنا: "تخرجت قبل سبعة عشر عاماً من كلية الطب في دمشق باختصاص أنف أذن حنجرة وكان يرد إلينا عدد من العمليات التي تتطلب القيام بتجميل طبي وخاصة الأنف". مضيفاً "لكن عمليات التجميل لم تكن منتشرة بين السوريين ومن يريد القيام بهذه العمليات كان يتوجه إلى لبنان. وبعد ازدياد الطلب على التجميل قررت التخصص بجراحة التجميل للرأس والحمد لله استقبل مرضى من كافة المناطق السورية ومن خارج سورية بعد أن انضممت للعمل ضمن مركز للتجميل". يتابع عبد الرحمن "يتمتع الأطباء السوريون بسمعة جيدة في المنطقة حيث نستقبل مرضى من لبنان والأردن والعراق".
وعن الأخطاء التي ممكن أن تحصل للمرضى بعد العمليات الجراحية. يقول عبد الرحمن: "كل عمل جراحي يحتمل وقوع مضاعفات حسب جسم المريض واهتمامه بجرحه، لذلك نتابع مرضانا عبر الاتصالات ومتابعة الصور ولنا عدد من الأطباء الأصدقاء الموجودين في البلدان المجاورة يقومون بالمتابعة في حال احتاج الأمر. لكن ما يضرنا حالياً هو انتشار عمليات التجميل يقوم بها أطباء غير مختصين ويجرون هذه العلميات ضمن عيادات غير مخصصة للعمليات الجراحية ولا يتابعون مرضاهم بعد العمليات ونكتشف هذا الأمر بعد أن يزورنا المرضى المتضررين ومع الأسف هناك حالات لا نستطيع معالجة الضرر الذي وقع وتحصل تشوهات وخاصة الأنف".
سماسرة
يقف علي في بهو مشفى الفيحاء في دمشق ويصطاد زبائنه باحتراف فيستهدف الأشخاص الذين يعانون من البدانة وغالباً ما يكونون في زيارة أحد الأقارب في المشفى ليبدأ بعملية الترويج لعملية قص المعدة (تكميم المعدة) ويشرح للشخص الذي يصادفه عن فوائد هذه العملية وعن شطارة الطبيب الذي أجرى له العملية ويقلّب صور له على هاتفه المحمول قبل اجراء العملية وبعدها ليدخل على الخط فتاتان لتقنعك بنفع العملية ومزاياها. يعمل علي سمسار ويجلب المرضى لطبيب اختصاص جراحة عامة يجري عمليات قص المعدة بالجملة. غالبية مرضى علي هم من العراق وغالباً يكونون غروبات لا تقل عن العشرة مرضى مع مرافقيهم إضافة للسوريين الذين يغريهم علي بحسم يصل إلى مائة ألف ليرة سورية (ما يقارب المائة دولار حالياً) وتبلغ كلفة العملية للسوريين ألفان وثلاثمائة دولار. فيما يدفع غير السوريين أكثر بمرتين.
الرخص بيعمل هيك
تراجع أمل (40سنة) أحد الأطباء بعد حصول مضاعفات لها والتصاقات نتيجة اجراء عملية قص المعدة على يد أحد الجراحين. وتقول: "أجريت العملية بعد أن تجاوز وزني المائة والعشرين كيلو غرام ولم أتمكن من انزاله بالريجيم أو أي وسيلة ثانية"، تضيف "نصحني أحد الأقارب بإجراء العملية لدى طبيب جراح وبعد زيارة الطبيب الذي اكتفى بأخذ وزني وسألني إذا كنت أعاني من الضغط أو السكري دون إجراء التحاليل اللازمة ويوم العملية لم أشاهد الطبيب سوى في غرفة العمليات. وبعد استيقاظي من البنج مر الطبيب على غرفتي وأخذ باقي مبلغ كلفة العملية". متابعة "فضّل الطبيب تقاضي المبلغ بالدولار علماً أن المشفى لم يسجل دخولنا إليه قائلين أن الطبيب هو من يستوفي الأجرة كاملة وعند صعودنا إلى الطابق السادس اكتشفنا من مرافقي المرضى الآخرين والممرضين أن هذا الطابق مخصص لمرضى الطبيب ومعظمهم من العراق حيث أجرى الطبيب خمس عمليات نفس عمليتي". تقول أمل "المشكلة أن الطبيب لم يعطيني أي إرشادات بعد العملية الجراحية سوى تناول السوائل وبعد معاناتي من آلام شديدة وافق على مقابلتي والكشف علي ليقول أن حالتي طبيعية وبعد ازدياد الآلام رفض التعرف علي وقال أنه لا يملك الوقت لمتابعتي وأنا عمليته نظيفة لكن الإهمال كان مني". متابعة اخترت هذا الطبيب لأنه يتقاضى أقل من غيره بخمسمائة ألف ليرة سورية. واليوم مضى سنة كاملة على العملية وأنا أعاني من الآلام الناتجة عن الالتصاقات ما بعد الجراحة وتساقط شعري وأشعر بوهن دائم. لم ينزل وزني سوى ثلاثين كيلو بينما كان من المفترض أن ينزل أكثر من خمسين كيلو.
غياب ثقافة الشكوى
يعاني أطباء التجميل والمرضى السوريين على حدا سواء من انتشار مراكز تجميلية غير مرخصة مما يؤدي إلى تضرر سمعة أطباء التجميل نتيجة الأخطاء التي تقع في تلك المراكز من قبل غير المختصين ويتضرر المرضى من الخدمة غير الآمنة.
يقول رئيس الرابطة السورية للجراحة التجميلية والترميمية والحروق وائل برازي: "نحاول ضبط التجاوزات التي تحدث مع كل من وزارتي الصحة والتعليم العالي إلى جانب نقابة الأطباء وقد نقلنا عدد كبير من الشكاوى التي تردنا إلى وزارة الصحة لضبط هذه التصرفات لكننا لا نزال نعاني من ضعف الشكوى من قبل المتضررين حيث لا يمكننا اتخاذ إجراءات قانونية بحق المخطئين دون وجود شكاوى. ففي السنوات الأخيرة لاحظنا قيام عدد من القابلات والممرضين باجراء بعض العمليات التجميلية أدى معظمها لمضاعفات طبية مؤذية للمرضى. وأوضحت الرابطة أنه وفي العام 2019 قدرت العمليات التجميلية التي تجرى شهرياً في سورية بمختلف أنواعها بقرابة 3000 عملية تجميل وترميم. ويضيف برازي أن تداعيات الحرب وارتفاع الإصابة الحربية والحروق أدت إلى ازدياد الطلب على هذا النوع من العمليات". متابعاً إن "عدد أطباء التجميل المختصين المسجلين في وزارة الصحة السورية هو 150 طبيباً فقط". وفيما يتعلق بجراحات التجميل يقول برازي: "تحتل عمليات تجميل الأنف المرتبة الأولى يليها شفط الدهون ونحت الجسم، ثم عمليات تجميل الثدي، وأخيراً شدّ الوجه والجفون".
لم تعد عمليات التجميل حكراً على الإناث لكن آثارها السيئة مع الأسف باتت أكثر من فوائدها الطبية والتجميلية ولم تقتصر هذه الأثار على البسطاء، بل طالت عدداً من الفنانات السوريات والعربيات. وقادت عدد من الفنانات العربيات حملة للخروج بصور طبيعية دون مكياج للترويج للشكل الطبيعي بعد اتشار التشوهات الناتجة عن تقليد الفتيات للفنانات.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!