الوضع المظلم
الجمعة ١٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
مسعود البارزاني ملجأ كورد سوريا الأخير
شفان ابراهيم

شفان إبراهيم - كاتب وصحفي


يقول الرئيس مسعود البارزاني: "الكورد كسائر الأمم والشعوب، لهم أمة تجمعهم، وكورد سوريا جزءٌ أساسي من هذه الأمة"

منذ بدايات الحدث السوري، دخل الإقليم على خط الأزمة سواء عبر استيعاب مئات الآلاف من اللاجئين السوريين كورداً وعرباً، أو عبر الدعم العسكري والسياسي للكورد السوريين على "طرفي الحدود". فتأسست بشمركة روز كأحد الأزرع الهادفة لملئ الفراغ الناتج عن تقلص سيطرة الدولة السورية.. وطيلة السنوات التسعة التي مضت من عمر الأزمة، كان الإقليم يتعرض لضغوطات وابتزاز من العمق العربي في العراق، وإيران، وتركيا، وسوريا؛ بسبب موقفه من الحدث السوري ووقوفه إلى جانب قضية السوريين عامة في اختيار نظامٍ ديمقراطي عادل. أو عبر مدِّ ودعم الإتحاد الديمقراطي على صعدً مُختلفة، ولو حملت الحدود بين الطرفين لساناً لصاح بلغاتً شتى عن حجم الدعم الذي قُدم للإتحاد الديمقراطي على الصعيد العسكري ومستلزماته من سلاحٍ وعتادٍ، أو حتى بمدهم بمجموعاتً من البشمركة كما حصل في فترة هجوم جبهة النُصرة على معبر تل كوجر والتدخل الحاسم لقوات البشمركة، ودور الرئيس البارزاني لدى التحالف بغية مساعدتهم لمنع انتصار الإرهاب على الكورد في سوريا. كما لازالت ملحمة كوباني بادية للعيان ودور البشمركة في منع انتصار داعش على قوات الحماية الشعبية هناك بعد انحسار وجودهم إلى بضع كيلومترات.


تتحدث المواقف عن التوجه العام للبارزاني: ليَّ في سوريا موقفين، أحداهما داعمٌ للسوريين في اختيار ما يشاءون واحترام رغبتهم في التعبير مؤيداً ومسانداً لحقهم؛ منطلقاً من كونه أحد دعائم تطبيق الديمقراطية في المنطقة. والثاني: ليَّ وللكورد في العراق أخوة يعيشون على الطرف الأخر من النهر، يتوجب عليّنا مدّ يدّ العون لهم؛ كونه ينطلق كحاملاً للهّمِ والمشروع القومي. وتقول المرويات عن مُجالسيه أنه يؤمن بحقه في تأييد حقوق الكورد في سوريا وكل مكان، متكئاً على إرثه النضالي ومدرستهم القومية منذ قرنً كامل.


لازال الإقليم جريحاً جراء التآمر الدولي والمحلي والإقليمي على حقهم في تقرير مصيرهم، خاصة وإن شعب كوردستان أطاح بالأفكار الديكتاتورية التي حاولت شتى الدول زرعها في المخيال الكوردي؛ لامتزاج الخوف من انتقال العدوى إليهم، مع الحرص على عدم تعرف الشعوب على تجربة فريدة وجديدة، مع ذلك لم يلن للبارزاني طرفٌ قبل إيصال الكورد في سوريا إلى بر الأمان.


نُصف الإدارة الذاتية سقطت مع سقوط عفرين، وهاهو النصف الأخر قاب قوسين أو أدنى من السقوط. في كل مرة يسعى فيه البارزاني لتنفيذ وصية ضميره وواعظه القومي والتزامه الإنساني والأخلاقي مع كورد سوريا، يكون الإقليم مُحاطاً بسياجً منيعاً من الأعداء، وفي كل تلك المرات يضع "أمير السلام" طاقاته وعلاقاته لصالح القضية الكوردية في سوريا. منذ أعوام وهو يصرّح ويؤكد على أن كورد سوريا لازالوا بلا مستقبل بسبب تفرقهم، ومخاوفه على ضياع الحلم الكوردي، هاهي النبوءة تتحقق مرفقة بأسفه وألمه على حالنا في ما تبقى من كوردستان سوريا. بالأمس ضغط على روسيا لأجل إيجادِ مخرجاً للقضية الكوردية وحمايتها من المجازر، وهي المطاليب نفسها التي ضغط بها على فرنسا وأمريكا وبريطانيا؛ بدليل أن جميع الدول ذيّ الشأن في الوضع السوري تتحاور وتتناقش مع البارزاني قُبيل الدخول في أيَّ حوراً مع كورد سوريا أنفسهم حول مستقبلهم.


لا تزال الفرصة سانحة بالرغم من ضعفها وتقلص مساحتها، إلا أن القارئ الجيد لعقلية وتاريخ البارزاني يُدرك جيداً أن العناد القومي الكوردستاني متأصلٌ في تطلعاته، فالانقسامات المجتمعية الكوردية داخلياً، والعلاقات الإشكالية بين الأحزاب في كوردستان سوريا، وتوتر العلاقات مع الجوار؛ كان لها جميعاً أن تخبوا وتنتهي، فقط لو تقيد كورد سوريا بأيَّ أتفاقً في هولير أو دهوك.


حين عيّرَ ترامب المقاتلين الكورد بأنهم قابضون للمال والسلاح لقاء حروبهم، عادَ العالمُ لمعرفة أن كورد سوريا ليسوا أيتاماً؛ عبر موقف البارزاني وتصديه لترامب، إنما فقط مُبتلين بقياداتً سخروا طاقات الشباب في غير موضعها.


الوقت يضيقُ أكثر، ولا أمل للإتحاد الديمقراطي بعد اليوم سوى باللجوء إلى الإقليم، والدخول في أتفاقً جديد تعود قيادة المنطقة للكورد السوريين، خاصة وأن الأحداث الأخيرة تشي باحتمالية بيعهم من قبل روسيا –وأمريكا. وإن لم يُسرع الإتحاد الديمقراطي لفعل ذلك، ما هي إلا أشهراً قليلة حتى تكون تركيا وجيشها السوري الوطني على أبواب معبر سيمالكا.


العالم، كُل العالم يتغير، وتبقى عقلية الاستفراد والإلغاء مسيطرة على عقليتهم، يتراجعون حين يشعرون بالحرج والمآزق، ثم يعودون إلى طبيعتهم. اليوم لم يعدّ أمام كورد سوريا سوى الاستفادة من العمق الدبلوماسي للبارزاني، وهي بطبيعة الحال –الحل- لن يكون بالمجان وليس بالإمكان إصلاح العُطبِ دون التشخيص والحلول التالية، فهل يفعلها الإتحاد الديمقراطي والعمال الكوردستاني؟ والتنازل عن عقدة وجود البارزانيين الملاصقة والملاحقة لهم في كل شيء، وسعيهم للعيش بعيداً عن الآخرين.


الكُل يضع سورة الأنفال على فوهة بنادقهم أثناء تعاملهم مع الكورد من أجل الطحن والمحق والسحق، حتى يحين الدور من جديد لاستعمال سورة الأنفال مرة أخرى، ولم يعد للكورد ملاذً سوى التجمع حول رأياً واحداً، حينها تُعاد سورة الأنفال إلى موضعها الطبيعي.


مسعود البارزاني ملجأ كورد سوريا الأخير مسعود البارزاني ملجأ كورد سوريا الأخير

دعوكم مما يحصل على شاشات التلفزة والإعلام، فما يُحاك في الخفاء وما يُشتغل عليه هو ما ينتظره كُرد سوريا. لعلني أختتم حديثي بتذكير الجميع بالسلاح النوعي الذي حصلت عليه قوات الحماية الشعبية في كوباني من إقليم كوردستان.

العلامات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!