الوضع المظلم
الخميس ٢٨ / مارس / ٢٠٢٤
Logo
تقرير: مساع أممية لكشف مصير المفقودين في سوريا
السجون السورية \ تعبيرية

أقرّت الأمم المتحدة بضرورة إنشاء منظمة دولية جديدة للمساعدة في البحث عن نحو 150 ألف سوري ما زالوا في عداد المفقودين منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011. 

ووفقاً لتقرير نشرته "DW"، فيما يتعلق بأوضاع المفقودين السوريين، نقلت الوكالة عن السورية فدوى محمود، حيث مر عقد على اختفاء زوجها وابنها. وهما من بين أكثر من 100 ألف مفقود منذ بدء النزاع في سوريا.

وقالت فدوى، "لا يعلم أي شخص مدى الألم الذي نعاني منه في كل دقيقة تمر بنا منذ أن فقدنا زوجي وابني. أكثر من عشر سنوات مرت دون أخبار. أريد فقط معرفة ما إذا كانا على قيد الحياة أم أنهما قد توفيا".

والمواطنة السورية فدوى تعيش حاليا في برلين، أوضحت في حديثها أن زوجها "عبد العزيز الخير وابنها ماهر قد اختفيا بعد أن ذهب ماهر إلى مطار دمشق لاصطحاب والده في العشرين من سبتمبر/ أيلول عام 2012"، وأشارت إلى أن عبد العزيز كان عضواً معروفاً في المعارضة السورية، وكان يُرجح أن يتعرض للاعتقال من قبل عناصر المخابرات.

من جانبها، قالت لأمم المتحدة إن "الدلائل تشير الى أن النظام السوري يتمسك ببيروقراطية تفصيلية فيما يتعلق بالمحتجزين. فيما تواصل قواته إخفاء مصير وأماكن وجود المختفين قسرا عن عمد".

وأشارت الأمم المتحدة إلى أن هؤلاء المفقودين ربما لا يزالون محتجزين داخل السجون الخاضعة لإدارة الحكومة أو تعرضوا للتعذيب أو القتل، أو ربما جرى اختطافهم من قبل المليشيات المنخرطة في القتال السوري وربما لا يزال الكثير منهم على قيد الحياة.

اقرأ أيضاً: تأكيد سعودي على الحل وفق القرار 2254 في سوريا

واللافت أن الحكومة السورية أعلنت في عام 2018 أنها أصدرت شهادات وفاة لمئات المعتقلين، لكن فيما بعد تبين أن بعضهم على قيد الحياة. وفي ذلك، يقول محمود الذي يعمل في منظمة "عائلات من أجل الحرية" التي تعمل على تعقب المفقودين والعمل على إطلاق سراحهم، إنه وعائلات المفقودين "يناضلون لحشد الدعم الدولي للحصول على إجابات". ويضيف بأن هذا الأمر يشمل إنشاء "مؤسسة يكون دورها النظر في هذه القضية بشكل محدد".

وأصدر المكتب التنفيذي للأمين العام للأمم المتحدة، في نهاية آب/ أغسطس الفائت، تقريراً يوصي بإنشاء "آلية مستقلة" جديدة يمكن أن تساعد في البحث عن الأشخاص المفقودين. وقدمت الأمم المتحدة في السابق توصيات مماثلة، لكن من المؤكد أن أي منظمة جديدة ستعمل كمركز لجمع المعلومات عن السوريين المفقودين.

إلى ذلك، قال جيريمي ساركين، معد التقرير والأستاذ بجامعة نوفا في لشبونة، لـ DW، إن هناك العديد من الأشخاص "قد اختفوا وباتوا في نظام السجون. هناك وثائق وشهادات لم يتم جمعها مطلقا ولم يتم استخدامها لأغراض إنسانية". وأضاف ساركين الذي ألف كتابا عن الأزمة السورية عام 2021 تحت عنوان "الصراع في سوريا وفشل القانون الدولي في حماية الناس على مستوى العالم"، إن هذا الكم الهائل من المعلومات "يجعل التعاون الكامل مع الحكومة السورية ليس ضروريا لنجاح المنظمة الجديدة".

وفي هذا السياق، قالت آن ماساجي، المسؤولة عن الملف السوري في مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنه "يتعين على أفراد أسر المفقودين البحث في شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم العثور على ذويهم المفقودين." وأضافت أن "السؤال الملح هو كيف يمكننا مساعدتهم، خاصة وأن عملية البحث تتطلب طرق أبواب 12 مؤسسة مختلفة أو يتعين عليهم مشاهدة مقاطع فيديو بشعة سوف يكون واقعها صعب عليهم؟"

لكن لا يتوقف عمل المنظمة الجديدة على جمع المعلومات، وإنما يشمل تقديم المزيد من الدعم لأسر المفقودين ومساعدتهم على تجنب الوقوع في فخ الابتزاز في إطار محاولتهم معرفة أي معلومات عن ذويهم المفقودين، وأيضا مساعدتهم في حل المشاكل الأسرية التي قد تنجم عن اختفاء الأب أو الزوج. وشددت ماساجي على أن المنظمة الجديدة سوف تتعامل "بشفافية مع جميع الجهات الفاعلة في الصراع السوري بما في ذلك الحكومة. نظرا لوجود مفقودين من كافة الأطراف".

وقوبلت توصيات إنشاء منظمة أممية جديدة بالترحاب من قبل النشطاء المنخرطين في ملف المفقودين، وفقا لما ذكرته سارة حشاش، مديرة الاتصالات في حملة "من أجل سوريا". وقالت إن إنشاء مثل هذه الآلية "سيكون إنجازا مهما بعد سنوات من الصمت والتقاعس" عن الانخراط في الملف المفقودين، مضيفة أن هذه الآلية ستقدم "لعائلات المفقودين بصيصا من الأمل، لكن الأمر يتعلق بالتطبيق".

يشار إلى أن ملف المفقودين السوريين يضم أيضا حالات مثل المفقودين في قبرص في سبعينيات القرن الماضي، إذ لا يزال مصيرهم مجهولا رغم مرور كل هذه الأعوام. ولا يزال هناك اشخاص يتعرضون للاختفاء في سوريا حتى الآن، حيث أحصت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قرابة 139 حالة اختفاء قسري نفذتها مجموعات مختلفة في أغسطس/ آب الماضي حيث وقع معظمها بعد قيام القوات الحكومية بحملة اعتقالات تعسفية.

بدوره، يشير ساركين إلى أنه يتعين العمل بشكل خاص على ملف المفقودين الذين من المحتمل أن يكونوا على قيد الحياة وربما يتعرضون للتعذيب أو يعيشون في ظروف قاسية ومروعة. ويضيف لـ DW بأن هؤلاء يعيشون في "خطر وشيك وسيكون اهتمامي منصبا على إنقاذ حياتهم. وفي حالة الحصول على معلومات سوف نبعث برسالة إلى الحكومة السورية مفادها: نعلم باحتجازكم لهم، لذا نطالب الدولة بحمايتهم وتمكين اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارتهم".

وفي ضوء كل هذه المعلومات، تتساءل السورية فدوى محمود عن مدى قدرة هذه المنظمة الجديدة على مساعدتها لمعرفة مصير ذويها، مضيفة "بعد سنوات من عدم اليقين، فإنه من الصعب الاعتقاد بأني قد أحصل على إجابة". ورغم ذلك، قالت إنه لا يزال يحدوها الأمل في معرفة مصير زوجها وابنها، مضيفة "سنمضي قدما في اقتفاء أثار أحبائنا".

ليفانت نيوز_ "DW"

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!