-
مدينة نموذجية في “اللجاة” قيد البناء.. ما علاقة روسيا فيها؟
تستعدّ الهيئة “الشعبية للسلام والمصالحة”؛ المباشرة ببناء مدينة نموذجية في منطقة اللجاة، وعلى مساحة مائة وستين دونم ضمن أراضي قرية الخرسا _شمال غرب السويداء_ على أن تكون سكناً لعوائل الضحايا من الدروز والمسيحيين والبدو كنموذج للتعايش السلمي والعيش المشترك، وكخطوة أولى في التعميم على باقي المحافظات.
المعلومات الدقيقة تفيد بأنّ الأرض التي وقع عليها الاختيار، وصل سعر الدونم الزراعي الواحد إلى مليون وستمائة ألف ليرة، دفعت للسكان المحليين الذين اختار عدد كبير منهم هجر القرية لأسباب اقتصادية بحتة، والتوجّه نحو السويداء أو شهبا أو دمشق العاصمة للعمل والاستقرار.
أحد أعضاء لجنة المصالحة المحلية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أفاد بأنّ المشروع على أهميته في منطقة ميتة يثير الكثير من الأسئلة، خاصة لجهة الموقع والهدف، فهي تتوسط ثلاث محافظات بشكل تقريبي (درعا، السويداء، ريف دمشق)، وتبعد عن العاصمة مسافة خمسين كيلو متراً، ولكن أن يقطن فيها عوائل “الشهداء” أمر ليس مقنعاً، فلا يوجد عائلة “لشهيد” في السويداء ليس لديه مسكن، ولا يمكن لأي عائلة ترك مكان سكنها ومسقط رأسها والتوجّه إلى الخرسا لبداية حياة جديدة مهما كانت الإغراءات، وبالتالي هناك سر غير معلن وراءها، وهي ليست للسوريين كما يعتقد.
فيما أفاد أحد الأشخاص القريبين من الهيئة، أنّ المشروع روسي الفكرة والتمويل والهدف، وهيئة المصالحة منفذة وواجهة للعمل، والمخططات تفيد بإنشاء مساكن نموذجية حديثة مجانية للذين يقع عليهم الاختيار من مكونات المجتمع الجنوبي، وتعرضوا خلال الحرب لمآسٍ شتّى، وبالتالي لا يمتلكون مسكناً لائقاً، حيث تؤمن المدينة المدارس ومشفى خاص يقدّم خدماته مجاناً للسكان المحليين حصراً، وحدائق عامة، وبنية تحتية متكاملة، وطرق رئيسية جديدة توصل القرية بالمحافظات الثلاث، الأمر الذي يعني مليارات الليرات السورية.
وأكمل الشاب الثلاثيني، أنّ المشروع الروسي يعني بالمطلق سيطرة روسيا على ملف الجنوب، والمكان نقطة تقريبية يصلح لسكن الخبراء والجنود الروس وعوائلهم إذا اقتضت الحاجة، وليس لعوائل الشهداء كما يروّج، فمن عوائل المسيحيين سيأتي إلى الخرسا ويترك مدينته وعمله لكي يساهم في فكرة التعايش؟. ومتى كانت هذه الأفكار المشوشة موجودة أصلاً، خاصة أنّ الطوائف الثلاث متعايشة مع بعضها منذ مئات السنين في الجنوب السوري، وليست بحاجة لمصالحة؟.
وتابع قائلاً: «متى كانت روسيا تدفع المال بلا مقابل مهما كانت مصلحتها، والمنطقة المختارة آمنة ويمكن التحكم اللوجستي فيها، وبعيدة عن الصراعات المسلحة، وبالتالي هي مكان آمن للمواطنين الروس الذين سوف يتكاثرون بشكل تلقائي في سوريا ويحتاجون للتجمع المدني بعيداً عن القواعد العسكرية الروسية أو مناطق الصراع، ومن الطبيعي أن تفكر في البنية التحتية لمواطنيها؛ خاصة في الجنوب الذي تتصارع على التحكّم به، وطرد الإيرانيين منه».
وعن الدوافع وراء ورود اسم “الهيئة الشعبية للسلام والمصالحة السورية” بهكذا مشروع، قال: “إنّ الهيئة مؤتمرة بأوامر مركز المصالحة الروسية، وكثير من المرات كانوا تابعين في أي جولة روسية في الجنوب، وهم مجرد غطاء، فلا ميزانية لهم، والكل يعلم كيف جاؤوا، وكيف يعملون، ولمن يتبعون”.
وأكدت المعلومات أنّ رئيس الهيئة، الشيخ صالح الدلي النعيمي، سوف يعقد مؤتمراً صحفياً في السويداء خلال شهر حزيران، في حال سمح الوضع العام لذلك، يستعرض فيه فكرة المشروع، ويعلن انطلاق المرحلة الأولى منه.
يذكر أنّ اللجاة هي هضبة بازلتية صخرية وعرة يبلغ طولها 60 كيلو متراً، وعرضها 17 كيلو متراً، تعد مدينة شهبا حدودها الشمالية، تملؤها الشقوق والجروف الحادة والأحواض المنخفضة على سطح من الصخور السوداء، ويتخللها بعض الجيوب الترابية الصغيرة التي لا تمثُّل مساحتها سوى 20% من مساحة المنطقة. تشكلت من مقذوفات بركانية، ولهذا يسميها البعض “الحرّة”، والبعض أطلق عليها الموج الصخري، تتميز بالتنوع الحيوي من نبات وأشجار نادرة، وحيوانات متنوعة، وفيها أول محمية طبيعية للتنوع الحيوي، وتعتبر الملجأ الطبيعي لكل من يطلب الأمان. وقد شهدت معارك طاحنة بين الثوار وجيوش الاحتلالين التركي والفرنسي، وجرت في جروفها الوعرة الكثير من المعارك بين جيش النظام والمعارضة.
ليفانت – سميح عبدالله
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!