الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
ماذا لو تعايشت إيران؟
خالد الجاسر

ماذا لو تعايشت إيران؟ و«الفوضى الحقيقية» بشأن الاضطراب الحكومي وسوء الإدارة في تأمين لقاح «كورونا» وحملة التطعيم، مقارنةً بما يحدث في العالم ودول الجوار، لنشهد اضطراباً تاماً بالمعنى الحقيقي للكلمة، تزامناً مع بعض الشكوك غير المُبرَّرة حول اللقاح المحلِّي الصُنع، وسوء الإدارة القائم بشأن كيفية تأمين اللقاح المستورد ثمّ توزيعه، وللأسف، لم يحدُث شيء جيِّد في هذه المجالات، فالناس تدرك أنَّه على خلاف بلادنا، فإنَّ الدول المتقدِّمة وحتّى الجارة الغربية (تركيا) قد طعَّمت أغلب شعبها، وباتت ترفع تدريجياً من قيود كورونا. ولماذا إيران ليست هكذا؟ وإلى متى ستظلّ الشعارات والتكتُّم على سوء الإدارة خلف هذه الشعارات؟.


ماذا لو تعايشت إيران؟ والاستبداد الديني.. بين عهد أردشير الأول (180-242م)، ودستور الخميني، وهو من المواثيق المهمة بالنسبة للإرث السياسيّ الفارسيّ، كدستور للدولة الفارسية؛ ليُبنى فكر الخمينيّ السياسيّ والولائيّ فيما بعد، من حيث موقع الدين في جهاز الحكم، والعلاقة بين رجال الدين ومؤسسات الدولة. حيث حيث يرى أنَّ الدين والدولة منصهران لا ينفكان، فأحيا أردشير الديانة الزرادشتية، وحطّم الأصنام وأزال الصور، ومنح رجالَ الدين سلطة واسعة في إدارة الدولة، لذا نصحَ باستلاب الدولةِ للدين، وهذا شبيهٌ بما تمارسه الدولة الإيرانية اليوم في العهدِ الولائيّ، وهو ما سمَّاه الشبستري بــ"الولاية الثقافية"، فيكون الدينُ هو الذي يقتُلهم ويُريح النظام منهم، وهو ما يتبعه خامنئي بمُحاكَم مئات الإيرانيين سنويًّا باسم الدين وحرية التعبير والطائفية، فلم يتوانَ أردشير والنظام الحالي في استعمال القوّة المفرطة واللجوء إلى العسف والقتل لتحقيق غايته المنشودة، وهي "صحّة الملك"، وفقاً لمركز رصانة.


ماذا لو تعايشت إيران؟ ومقولة رجل الدين مصباح يزدي (1935-2021م) أحد منظّري النظام الإيراني، عندما يُنظّر للتعذيب والعسف فيقول: «الكمّ ليس معياراً في الحفاظ على الحكومة، بل المعيار أن يقدّم عددٌ من أتباع الإمام عليه السلام، أو ولاية الفقيه المشروعة دعمَهم للمحافظة على الحكومة، أحيانًا تكون نسبة هؤلاء 90%، أو 50%، أو 40%. إنّه الولي الفقيه، مأمورٌ بالمحافظة على الحكومة «الإسلامية».. إذاً، عليه أن يُبيد الشعب الإيراني ثُم إحراق نفسهُ كنيرون وما فعل بدولته.


ولذا يُحذّر يزدي من اجتماع كلمة الشعب ضد الدولة، وتوحُّدهم، فيقول: «ثمّ يتولَّدُ من كثرتهم أن يَجْبُن الملوك عن الإقدامِ عليهم فإنّ إقدام الملك على جميع الرعية تغريرٌ بنفسه ومُلْكِه»؛ ولذا ينبغي مواجهتهم والعسف ضدهم قبل كثرتهم أو اجتماع كلمتهم، وتوحُّد غايتهم.


ماذا لو تعايشت إيران؟ وثورتها الدستورية 1905م، وتغريب الحياة الثقافية والسياسية الإيرانية؛ لنرى عدائية الخميني وتوافقه والشيخ فضل الله النوري رأسُ فقهاء «المستبدة»، والعدوّ الأول للثورة الدستورية. فيقول الخميني عن دستور 1906م: "ما علاقة بنود الدستور جميعاً بالإسلام؟ ثمّة فرقٌ جوهريّ بين الحكومة «الإسلامية» من جهة، والملكية الدستورية أو الجمهورية من جهةٍ أخرى، ففي حين يملك ممثلو الشعب أو الملك في الأنظمة الأخيرة السلطة التشريعية الكاملة، تكون السلطةُ التشريعية في الإسلام وسلطة التشريع لله الخالق القادر حصراً، وليس لأحدٍ حقٌّ في التشريع، ولا يجوز تنفيذ أي قانونٍ يصدُر عن غير المشرّع الإلهي".


إذن يُبينُ (الخميني والولائيون المعاصرون) موضعَ الخلاف الرئيسي بينهم وبين الدستوريّة، فالدستورية إذا أعطت العامّة حريةَ الاختيار، والانتخاب، وبالتالي السلطةَ التشريعية، فإنّ الخمينيّ يرفض هذا الحقّ ويستلبُه من العامّة؛ لأنّ السلطة التشريعية في نظره هي لله حصراً وإنفاذها عن طريقِ الوليّ الفقيه.


ماذا لو تعايشت إيران؟ قراءتها المُتطرفة للدين والمذهب بمُخالفةِ الشائع من الإرث الحوزوي في الفكر السياسيّ، واستقاء أفكارها وطريقتها في إدارة الشأن العام، بل أيضاً باندماج وتقاطع تلك القراءة مع قراءةٍ متطرفة أُخرى للإرث السياسي الفارسيّ، وانعكاسَ ذلك على الشأنِ العام، لمختلف القضايا الشائكة في الداخل والخارج، وفوز التابع إبراهيم رئيسي، أحد أهمِّ زعامات «التيار المحافظ»، بالدورة الـ13 لانتخابات الرئاسة، بعد اتهاماتٍ طالَت مجلسَ صيانة الدستور بهندسةِ الانتخابات، ومقاطعةٍ كبيرة من عمومِ الشعب الإيراني.


ماذا لو تعايشت إيران؟ وموقع الشعب في نظام الحكمِ، لترسُمَ ملامحَ مرحلةٍ تُعتَبر تكريساً وامتداداً للفكر الخميني – الأردشيري، التي من المرجّح أن تستمرَ طويلاً، بوجود الشخص الذي تمّ تقديمه كرئيس للبلاد -إبراهيم رئيسي- هو أحد مرتكبي وآمري إسقاط الرحلة 752.


وفي ليلة 8 يناير، كان أحد الأعضاء الرئيسيين في المجلس الأعلى للأمن القومي، وجرائم أُخرى، في العقود الأربعة الماضية بإيران، وهو من أمر بفتح أجواء إيران، وحقوق أُسر ضحايا الطائرة الأوكرانية بعدم السماح بشطب اسمه من قائمة العقوبات الدولية، بل ينبغي إضافته إلى قائمة الأشخاص الخاضعين للعقوبات من قِبَل كندا ودول أُخرى.. التي طالت إيران ثُم حجب نطاق مواقع إلكترونية لقنوات تلفزيونية مرتبطة بإيران.


خالد الجاسر

ليفانت - خالد الجاسر

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!