الوضع المظلم
الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
ما الذي يجري في العالم؟!
حسين أحمد

منذ اندلاع ثورات الربيع العربي أو ما يعرف باسم ربيع المظلومين، والعالم يشهد تغيرات دراماتيكية سريعة نحو التكتلات والانقسامات والتحالفات التي تعيد إلى ذاكرتنا تاريخ ومسارات ونتائج الحرب العالمية الأولى والثانية وتداعياتها من تقسيم وهيمنة الدول الكبيرة، وكأن خرائط وبلدان جديدة ستظهر في المستقبل القريب، ولكننا كشعب كردي ما يهمنا تماماً من كل هذه المعمعة الكونية والحبكة السياسية والأمنية التي يراد منها خياطة ثوب جديد لخارطة منطقة الشرق الاوسط هي بكل تأكيد الكيان الكردي ووجودها كدولة قومية، فما مدى صحة العبارة السياسية الرائجة إعلامياً (الشرق الأوسط الجديد)؟ وبرؤية ثاقبة وتحليلية وقراءة المشهدين السياسي والإعلامي الكرديين ومتابعتها بدقة ستظهر جلية كل هذه التحولات في المواقف الدولية وأن هذه التحولات التي سماتها الحروب المفاجئة و(المصطنعة)، وتبدو سريعة على أكثر من مسار، حيث تحمل بين طياتها جوانب عدة فمنها سياسية وأخرى اقتصادية واجتماعية حيث كانت الثورة السورية هي الفيصل في إظهار العديد من ملامح التغير إن صح التعبير.


فيمكننا تصنيف الثورة السورية كثاني حدث يجري في التاريخ الحديث وخاصة بعد الأحداث التي جرت في العراق 2003 وما ترتب عليها من دخول أمريكا إلى العراق من تقسيم إلى كيانات مذهبية وقومية فكان للكورد حصتهم من تحقيق الحلم في الإعلان عن الفدرالية التي تم النقاش فيها مع المعارضة العراقية في اجتماعات التي جرت في بريطانيا ومن ثم في لبنان وكان اخر هذه اللقاءات في هولير، أما السؤال الأهم هل سيشهد العالم ولادة دولة كردستان التي لطالما راود هذا الحلم الكرد طيلة مئات السنوات؟ومن جانب أخر ما مدى صحة انسياق واشنطن لاستخدام عبارة الشرق الأوسط الجديد؟ حيث أكدت الإدارة الأمريكية السابقة بأنه حان الوقت لإجراء عملية تغير شاملة لمنطقة الشرق الأوسط وثانياً رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد سيكون مفتاح أمان لتحقيق استقرار سياسي واجتماعي بهدف حماية المصالح الأمريكية في المنطقة وفي صدارتها السيطرة على موارد النفط.


وما يؤكد مضي الإدارة الأمريكية في هذا الطريق هي مقال للخبير العسكري الاستراتيجي الأميركي "رالف بيترس" في شهر يونيو 2006 بعنوان: (الحدود الدموي - كيف يمكن رؤية الشرق الأوسط بشكل أفضل؟) حيث نشرت هذه المقالة في العدد السادس من المجلة العسكرية الأمريكية، تضمنت خارطة جديدة للمنطقة مفصلة على أساس عرقي ومذهبي، أما المؤكد في هذا الطرح سيكون حكماً متجاوز للتقاليد السياسية والمحرمات السابقة عبر إقامة دولة كردية والسؤال الذي يطرح نفسه هل الصراع الخفي الحالي بين الدول العظمى هي للاستحواذ على مناطق نفوذ استراتيجية وكسب زعامة العالم اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً؟ وهل سوريا هي ساحة الصراع على ذلك النفوذ؟


أما بالعودة إلى ما يحدث في العالم من أحداث عديدة، هناك من الأحداث ما يستدعي التأمل في ماهيتها وكيف حدثت وبأي طريقة فشلت أحداث أخرى كانت مخططة لها. ومن كل ما يحدث يمكننا استخلاص بعض الأسئلة التي تكون بحاجة ماسة إلى مناقشتها والبحث فيها من قبل المهتمين بالشأن السياسي والإعلامي بهدف الوصول إلى أبعادها والدراية بها دراية واقعية ومن هذه الاسئلة 1- هل اتفاقية سايكس بيكو ستبقى سارية المفعول لمئة عام أخرى أم انتهى مفعولها؟ 2- هل فشل الانقلاب العسكري التركي كان بسبب تدخل جهات خفية وبدعم من الماسونية العالمية؟ 3- لما لم تتدخل دول مجاورة "لتونس" في زوبعة ثورات الربيع العربي كالمغرب مثلاً رغم ما يجري في المغرب لا يقل واقعاً وممارسة لسلطة استبدادية؟ 4 - هل قتل هذا العدد الهائل من البشر في الشرق الأوسط وعلى مرأى ومسمع من دول العالم مدروس ومخطط؟ وإن كان كذلك ما الهدف منه؟ 5- ما دور بريطانيا في كل هذا الصراع؟ ولماذا خرجت من المجموعة الأوربية في الوقت الذي كانت أوربا بحاجة ماسة إلى الدعم  بريطانية لها؟ 6- هل هذه التغيرات القادمة ستطال الدول الأوربية في الأحداث المقبلة؟ 7- كيف سيكون مصير "داعش" خاصة بعد التغيرات الجديدة التي من الوارد أن تجري على خارطة المنطقة من قبل الدول التي صنعت تنظيم داعش لتكون أدوات لهذه التغيرات؟


إن التغيرات الجيوبوليتيكية آتية صوب الشرق الأوسط وسوف تجتاح منطقة بأكملها وستعصف بالأنظمة الاستبدادية والتي صنعتها دول ذات المصالح الاقتصادية في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وأن القادم من الأيام حبلى بتغيرات جذرية على خارطة المنطقة مما يوحي للشعوب التي كانت تعاني من القهر والظلم بظهور خريطة جديدة على الأرض تحمل كيانات طائفية ومذهبية وقومية ربما تكون لدولة كردستان عنوان بارز ضمن خارطة الطريق التي ترسمها دول ذات القرار الاستراتيجي في العالم ولا شك فيه أن الذي لم يتفهم هذه المجريات القادمة لكل هذه التغيرات إدراكاً دقيقاً سيسقط من ورقة التاريخ، وسيخسر عقود أخرى من الزمن.


كاتب سوري

العلامات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!