-
ما الثمن للجولة الأمريكية بالخليج العربي؟
ما الثمن ومن تنازل لمن ومن الذي تراجع وتقهقر ومن رضخ لمن مُقابل الاحترام الفعلي، الذي جاء به الدبلوماسي الأمريكي الأسبق، ألبيرتو ميغيل فيرنانديز؟
هذا تنازل واضح من قبل "بايدن" بعد الأشياء الغبية التي قالها عن السعودية خلال الانتخابات وبداية إدارته. لكن كلماته الناعمة هي بسبب التركيز الأمريكي على روسيا أكثر من الاحترام الفعلي.. بل وتنازل أردوغان، وخفف من توترات حالاته الانفعالية وقابل ولي العهد. فالسياسية لا كبير لها، والجميع يُقدم تنازلات لأجل مصالحه ولو على حسابه الشخصي وكرامته.
لذا كُشف الآن اللثام عن التحول الكبير عالمياً أمام القوة الاقتصادية السعودية وسياستها الخارجية، وذلك يعني أن العالم لم يفهم السعودية الجديدة جيداً، والأعجب امتلاكهم مراكز تفكير عالمية تعمل على المديين المتوسط والبعيد، إلا أنها قد فشلت في الحالة السعودية ومثلها الحالة المصرية، فيُحرك اقتراب زيارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى السعودية، منتصف يوليو الحالي، العديد من التساؤلات حول دلالاتها.
فمنذ تولي "بايدن" وهو يسعى لتحقيق مصالح آنية واستراتيجية لواشنطن عبر حُلفاء مُؤثرين، وكلها بمثابة لجوء لخيارات غير مريحة لكلا الطرفين. فولي العهد السعودي عليه أن يتجرع كلمات "بايدن" عن المملكة خلال حملته الانتخابية، عندما تعهد بجعلها مملكة منبوذة، ولكن منّ الله على الأمير برجاحة العقل، باختصار "لا أهتم"، والآن يُناقض شرطي العالم نفسه كما غيره مُتعهداً خلال حملته الانتخابية بإعادة القيم الديمقراطية إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة والسعي إلى إعادة ضبط العلاقات مع الرياض.. لتُعيد هي له ضبط الأمور وإعادتها للطريق الصحيح عبر خُماسية محورية أهمها: احتواءان هما الأزمة العالمية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا بعد مرور نصف عام تقريباً، واحتواء الطموحات النووية الإيرانية المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) وفشل استراتيجية استبدال "الضغوط القصوى" بـ"الدبلوماسية القصوى"، ثالثهما إحياء محادثات السلام المتجمدة بين إسرائيل والفلسطينيين، وإنهاء الحرب في اليمن، ثُم العالم وأمريكا، خاصة بحاجة ملحة لزيادة إنتاج النفط السعودي؛ من أجل تخفيض أسعاره عالمياً في ظل أزمة الطاقة الراهنة، ليكون أخيراً فك الجمود في العلاقات السعودية الأمريكية، حيث لم تكن العلاقات بين البلدين جيدة منذ اليوم الأول لوصول "بايدن" إلى البيت الأبيض.
ولا ننسى عجباً أن "بايدن" لم يعط منذ بداية حكمه الاهتمام الكافي والمطلوب بالشرق الأوسط، وحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لتكون مُصيبته في فشله الإداري بقراره سحب القوات الأمريكية بصورة عشوائية من أفغانستان الصيف الماضي، ولمصلحة الولايات المتحدة والغرب على المديين المتوسط والاستراتيجي، لتدارك تداعيات الارتفاع الجنوني في أسعار الطاقة، حيث كان الإنتاج الأمريكي في عهد سلفه ترامب نحو 15 مليون برميل نفط يومياً، مما كان يسمح بتزويد أوروبا بحاجتها اليومية من النفط وكذلك الغاز؛ لكن منذ قدوم "بايدن" لسدة الحكم تم تخفيض الإنتاج إلى 11 مليوناً لحماية البيئة، هذه السياسة الاقتصادية كان لها أثرها المُباشر على ارتفاع التضخم والفائدة العالمية الدولارية، وزيادة أسعار معظم السلع الغذائية داخل أمريكا وغيرها، حتى لجأ الشعب الألماني لبيوت الطعام، وهو ما قد يلقي بظلال سلبية على فُرص الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المُقررة نوفمبر المقبل، كما تُحاول أمريكا تشكيل تحالف عسكري استراتيجي من دول المنطقة الصديقة بمشاركة إسرائيل، استعداداً لأي مواجهة عسكرية ضد طهران وحُلفائها بالمنطقة، روسيا والصين.
إذاً الزيارة تحمل تغييراً ملحوظاً وتراجعات في موقف الإدارة الأمريكية المتأرجحة وغياب الاتفاق بين الحزبين من دول الخليج عامة، والمنطقة، خاصة السعودية، بعد حالة الجفاء معها منذ بداية حكمه، وتحقيق منافسيها (روسيا والصين وتركيا) تقدماً ملحوظاً في علاقاتهما مع دول المنطقة..
ويبقى السؤال: هل زيارة "بايدن" إلى السعودية اضطرار أم اقتناع؟ بالطبع جاءت عن اقتناع واعترافها بأنها لم تفهم السعودية بل هي التي فهمتها وتعاملت معهم حتى جاؤوا إليها، فدول المنطقة العربية والخليج العربي لن تقبل بالإملاءات وأن تكون تابعة لأحد بعد اليوم.
ايفانت - إبراهيم جلال فضلون
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!