-
ليّ الذراع.. نهج إيران لمُبادلة مُجرميها مع أبرياء أوروبيين
شهدت الأشهر الأربعة المنصرمة، ارتفاعاً في لغة المواجهة بين الاتحاد الأوروبي من جهة، وإيران من جهة ثانية، فمع تطبيق دول الاتحاد للقوانين كانت تلجئ طهران لاستخدام سياسة ليّ الذراع، عبر تنفيذ اعتقالات ضمن صفوف السياح على أراضيها بتهم واهية وجاهزة، وهو ما أدى في بعض المواضع لتراجع أوروبي مخيب لآمال المدافعين عن حقوق الإيرانيين المضطهدين داخل البلاد وخارجها.
أزمة مع السويد
ففي الرابع من مايو، أفادت وسائل إعلام محلية، أن إيران تعتزم تنفيذ حكم الإعدام بحق باحث إيراني سويدي سجين منذ عام 2016، في تصعيد للتوترات بين البلدين، ونقل تقرير، صادر عن وكالة أنباء "إسنا" شبه الرسمية، عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن إيران ستنفذ عقوبة الإعدام بحق أحمد رضا جلالي، بحلول 21 مايو على أبعد تقدير، وهو طبيب سويدي إيراني متخصص في الإغاثة من الكوارث، وقام بالتدريس في جامعات أوروبية.
وأدانت جماعات حقوقية اعتقاله، قائلة إنه يتبع نمطاً من قيام إيران باحتجاز مزدوجي الجنسية والمغتربين، إلى أجل غير مسمى دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وقد صدر بحقه حكم بالإعدام في 2017 بتهم "تجسس"، وأدين الحكم على نطاق واسع، خاصة بعدما أذاع التلفزيون الإيراني الرسمي ما بدا أنه اعتراف قسري من جلالي، قال فيه إنه نقل معلومات إلى أجهزة استخبارات أجنبية حول علماء نوويين إيرانيين.
وجاء الإعلان حينها، عن إعدامه الوشيك، بعد استدعاء إيران لمبعوث السويد لديها، بشأن محاكمة في السويد لمواطن إيراني متهم بارتكاب جرائم حرب خطيرة خلال المرحلة الأخيرة من الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، حيث طالب الادعاء السويدي بالسجن المؤبد لحميد نوري، المحتجز في السويد منذ اعتقاله في ستوكهولم في نوفمبر 2019.
الإعدام الوشيك لرهينة
وفي منتصف مايو، طلب معاون وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، انريكي مورا من إيران، الإفراج عن الأكاديمي الإيراني-السويدي أحمد رضا جلالي المدان بالتجسس والمحكوم بالإعدام ويخشى أن يتم تنفيذه حيث زار الدبلوماسي الأوروبي طهران، وبعيد مغادرته، أكد أنه طرح خلال زيارته قضية جلالي الذي تفيد تقارير صحافية إيرانية أن الحكم بحقه سينفذ بحلول 21 مايو، وكتب على تويتر "أريد أن أشدد على أنني في طهران أثرت مسألة ضرورة الامتناع عن إعدام أحمد رضا جلالي، وطلبت الإفراج عنه لأسباب إنسانية".
في حين قالت منظمة العفو الدولية، في التاسع عشر من مايو، إن السلطات الإيرانية تحتجز مواطناً إيرانياً سويدياً يواجه عقوبة الإعدام الوشيك، كرهينة، في محاولة لمقايضته بمسؤولين إيرانيين سابقين، مشيرةً إلى أن "المواطن أحمد رضا جلالي، محتجز كرهينة في محاولة لإجبار بلجيكا والسويد على تقديم تنازلات في قضيتين تتعلقان بمسؤولين إيرانيين سابقين".
وأضافت: "تشير الأدلة المتزايدة بقوة إلى أن السلطات الإيرانية تحتجز جلال رهينة وتهدد بإعدامه لإجبار أطراف ثالثة على مقايضته بمسؤولين إيرانيين سابقين أدينوا أو يخضعون للمحاكمة في الخارج".
وأشارت العفو الدولية إلى قضية محكمة حميد نوري، الذي اعتقل في السويد في نوفمبر 2019، لتورطه في مذابح في سجون إيرانية عام 1988، وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مدير المنظمة للشرق الأوسط والشمال في لندن، إن "السلطات الإيرانية تستغل حياة أحمد رضا جلالي كبيدق في لعبة سياسية قاسية"، وأضافت أنه منذ أواخر عام 2020، كانت السلطات الإيرانية "تشترط" مصير جلالي بالسعي إلى "صفقة" مع بلجيكا لمبادلته بالأسدي ومع السويد بنوري.
محاكمات في بلجيكا
وبجانب السويد التي تعتقل حميد نوري، حُكم على 3 إيرانيين بلجيكيين، في العاشر من مايو، في بلجيكا بالسجن من 17 إلى 18 عاماً، لمشاركتهم في التخطيط لهجوم على تجمع للمعارضة الإيرانية في فرنسا عام 2018، كما تم تجريد الثلاثة من جنسيتهم البلجيكية، وفقاً للحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في أنتويرب (شمال) وأرسل إلى الصحافة.
وكانت الخطة تقضي بتنفيذ هجوم بقنبلة في 30 حزيران/يونيو 2018 في فيلبانت بالقرب من باريس، ضد التجمع السنوي الكبير للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو ائتلاف من المعارضين لنظام طهران ومكونه الرئيسي هو منظمة مجاهدي خلق، وفي اليوم نفسه، أعلنت الشرطة البلجيكية توقيف زوجين بلجيكيين من أصل إيراني يعيشان في أنتويرب بالقرب من بروكسل وبحوزتهما 500 غرام من المتفجرات وصاعق في سيارتهما.
ويبدو أن طهران نجحت إلى حد ما في لي ذراع بروكسل، حيث أعطى مشرعون بلجيكيون موافقتهم المبدئية في السادس من يوليو الجاري، لمعاهدة لتبادل السجناء مع إيران قد تفضي إلى الإفراج عن أسد الله أسدي المحكوم بالسجن 20 عاماً في بلجيكا، لكونه المخطط الرئيسي لتفجير عام 2018، ورغم أنه لم يتبين متى قد يحدث تبادل للسجناء بين البلدين، فقد أظهر مجموعة من المشرعين البلجيكيين قلقاً من أن تؤدي المعاهدة المقترحة، إلى تأسيس ما يُطلق عليه "دبلوماسية الرهائن"، وتعرض بلجيكيين آخرين لخطر الاحتجاز.
إيران وسياسة الابتزاز
وضمن أسلوب الابتزاز وليّ الذراع الإيراني، أعلنت وزارة الأمن في إيران، في الحادي عشر من مايو، عن اعتقال مواطنين أوروبيين 2 بتهمة تنظيم أعمال شغب وفوضى، وأوضحت ما تسمى بـ"العلاقات العامة لوزارة الاستخبارات الإيرانية"، بالقول: "تم التعرف على شخصين من أوروبا، دخلا البلاد بهدف استغلال مطالب بعض النقابات وطبقات الشعب وتغيير اتجاه مطالبهم بهدف إثارة الفوضى والاضطراب الاجتماعي وزعزعة استقرار المجتمع، وتم اعتقالهما من قبل قوات الأمن الإيرانية".
لتعقب وزارة الخارجية الفرنسية، في الثاني عشر من مايو على الإعلان الإيراني، وتؤكد توقيف مواطنين فرنسيين في إيران، مطالبة بالإفراج عنهما "فوراً"، قائلةً إنها "أبلغت باعتقال مواطنين فرنسيين في إيران"، وتضيف إن سفير فرنسا في طهران، يسعى لمقابلة المعتقلين من قبل القنصلية، فيما استدعت أيضاً السفير الإيراني في باريس، وجاء في بيان وزارة الخارجية أن "الحكومة الفرنسية تدين هذه الاعتقالات التي لا أساس لها من الصحة".
السجن المؤبد
إلا أن المحاولات الإيرانية لليّ الذراع التي يبدو أنها قد نجحت مع بلجيكا، لم تنجح مع السويد أقله، إذ قضت محكمة سويدية، في الرابع عشر من يوليو الجاري، بالسجن المؤبد على حميد نوري بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب وقتل خلال المرحلة الأخيرة من الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي.
وقالت محكمة ستوكهولم الجزئية إن نوري شارك في فظائع خطيرة في يوليو وأغسطس عام 1988، أثناء عمله كمساعد لنائب المدعي العام في سجن غوهاردشت خارج مدينة كرج الإيرانية، فيما تعني عقوبة السجن المؤبد في السويد، البقاء ما لا يقل عن 20 إلى 25 سنة خلف القضبان، ولكن يمكن تمديدها، بينما استدعت وزارة الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال السويدي في طهران، وسلمته مذكرة احتجاج رسمية.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!