-
ليبيا.. جمر الحرب الأهلية يستعر تحت رماد تشبث الدبيبة بالسلطة
-
بداية تفكك اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، التي قادت البلاد لوقف إطلاق النار
لا تزال ليبيا التي عاشت حرباً أهلية طويلة خلال السنوات الماضي، عقب إسقاط حكم الرئيس السابق معمر القذافي، تعاني من ويلات الحرب، في ظل المخاوف من نشوب أخرى جديدة، بعد إخفاق حكومة الدبيبة في تنظيم انتخابات كان يفترض عقدها في 24 ديسمبر الماضي، ما دفع البرلمان فيما بعد إلى انتخاب رئيس حكومة جديد، هو فتحي باشاغا، في العاشر من فبراير الماضي، ما رفع من احتمالات عودة الصدام المسلح.
اقرأ أيضاً: ليبيا.. شبح الصراع يعود مجدداً مع اتساع رقعة الانقسام السياسي
وبالصدد، نبهت اللجنة الليبية العسكرية المشتركة (5+5) في المنطقة الغربية، منتصف فبراير الماضي، من أن جهود السلام أضحت مهددة ومعرضة للانهيار، نتيجة الصراع بين الأطراف السياسية، مطالبةً كلّ الأطراف بـ"ضبط النفس، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الحزبية والشخصية، كون الأخطار باتت تحدق بالبلاد"، بجانب دعوة "الأطراف المحلية والدولية للإسراع في إجراء الانتخابات، باعتبارها البداية الحقيقية للوصول بالبلاد إلى بر الأمان".
الدبيبة يتحجج للامتناع عن تسليم السلطة
وكما هو الحل مع كل متشبث بالسلطة، لم يعدم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة الوسيلة، لتبرير لبقائه على الكرسي، فزعم أنه لم يسلم السلطة إلا عبر الانتخابات، وهو ما أخفق في تحقيقه سابقاً، وجعل حكومته منتهية الصلاحية، وبالتالي يفترض بأنه من يتحمل مسؤولية ما وصلت إليه الحال، لكونه عجز عن تنظيم الانتخابات التي شكلت حكومته كلها، على أساس عقدها.
اقرأ أيضاً: ليبيا.. شبح الصراع يعود مجدداً مع اتساع رقعة الانقسام السياسي
لكن ورغم حديث الدبيبة ذاك، فقد استحوذت حكومة فتحي باشاغا، في الأول من مارس الماضي، على ثقة البرلمان الليبي، بغية التُكلّف بقيادة مرحلة انتقالية ثانية في ليبيا، حتى بلوغ تنظيم انتخابات عامة خلال 14 شهراً، الأمر الذي لم تقبل به حكومة الدبيبة، متهمةً البرلمان بالتزوير، زاعمةً أنها مستمرة في أعمالها بشكل اعتيادي، ومنبهةً من أي محاولات لاقتحام مكاتبها.
حرب الأوامر والقرارات
لتصدر عقب ذلك، قرارات متعارضة من حكومة باشاغا، وأخرى من حكومة الدبيبة، تحذر فيها كل منهما، المؤسسات الليبية من التعامل مع الحكومة المناوئة، فوجّه الدبيبة، تحذيرات إلى باشاغا وداعميه، وهدّد باستخدام القوّة في حال الاقتراب من المقرات الحكومية في العاصمة طرابلس أو التعرض لها، وذكر إن الحكومة المشكلة "لن تعمل في الواقع ولن يكون لها مكان".
اقرأ أيضاً: ليبيا.. تحركات دولية لحل الأزمة بعد تصاعد التوتر
بينما كشف باشاغا أن حكومته "تدرس كل الخيارات لاستلام السلطة في طرابلس"، قائلاً: "سنباشر بدراسة جميع الخيارات لاستلام السلطة في طرابلس بقوة القانون وليس بقانون القوة، ونحن قادرون على أداء هذا الاستحقاق"، وطلب في الرابع من مارس، مؤسسات الدولة وجميع الجهات الرقابية والأمنية، بوقف التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية "التي انتهت ولايتها"، وعدم الاعتداد بأي قرارات صادرة عنها، ذاكراً إن حكومته التي حازت على ثقة البرلمان، هي "الممثل الشرعي والوحيد للسلطة التنفيذية في ليبيا".
انشقاقات بحكومة الدبيبة ورسائل دعم لباشاغا
وبالتوازي، أسهم الاضطراب الأخير، في دفع أن اثنين من حكومة الدبيبة، للإعلان عن استقالتهما، فقالا في بيان: "أعلن أنا عبد الفتاح الخوجة، وزير الخدمة المدنية في حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ووزير الدولة لشؤون الهجرة، احترامي للقرار الصادر عن مجلس النواب الليبي بشأن تكليف السيد فتحي باشاغا برئاسة الحكومة وقرار منح الثقة للحكومة الجديدة".
اقرأ أيضاً: مصر تدرس استثناء ليبيا من قرار منع تصدير السلع الغذائية إلى الخارج
في حين أكد مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، اللواء خالد المحجوب، منتصف مارس، أن الجيش يدعم تسلم حكومة فتحي باشاغا، التي انتخبت من مجلس النواب الليبي، الحكم لأنها الحكومة الشرعية، وقال إن "وجود حكومتين وضع مؤقت ولن يستمر، وهناك عمل للذهاب إلى الانتخابات، لأن مشكلة ليبيا هي مسألة الانتخابات"، مضيفاً: "للأسف حكومة الوحدة الوطنية التي تم تكليفها لم تكن حكومة وحدة وطنية، ولم تقم بتنفيذ أي من التزاماتها، والآن هناك فرصة لحكومة أخرى يعتقد الليبيون أنها أفضل، لأن حكومة الدبيبة هي الحكومة التي أفشلت الانتخابات".
أولى المواجهات المسلحة في طرابلس
وفي خضم حرب التصريحات والمواقف بين الحكومتين، اندلعت في الخامس من أبريل، اشتباكات مسلحة بين ميليشيات "النواصي" وجهاز "دعم الاستقرار" الذي يقوده عبد الغني الككلي الملقب بـ"غنيوة"، وهما أكبر ميليشيات العاصمة طرابلس والغرب الليبي، وذلك وسط العاصمة طرابلس وبالقرب من مقرات تابعة للدولة، وهو ما اعتبره مراقبون انعكاساً لتنافس حكومتين على السلطة.
اقرأ أيضاً: عقب مغادرتهم ليبيا.. نحو 100 مهاجر يفقدون حياتهم
إذ تلعب المليشيات المسلحة التي تتحكم في العاصمة طرابلس ومدن الغرب الليبي، دوراً كبيراً في ذلك الصراع، مع تمتع كل من رئيسي الحكومتين المتنافستين بدعم من مليشيات مسلحة تتمركز في طرابلس ومصراتة، وهو ما رفع من مخاوف إمكانية تجدّد القتال على السلطة، إذا ما حاول باشاغا الدخول للعاصمة طرابلس بالقوّة.
انقسام بلجنة علقت الحرب الأهلية
ولعل ما يرفع من احتمالات نشوب حرب أهلية جديدة، ما كشفه في التاسع من أبريل، ممثلو القيادة العامة للجيش الليبي ضمن اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، من تعليقهم جميع أعمالهم باللجنة، لحين النظر في مطالب أعلنوها في بيان مصور، محذرين اللجنة من "انقسام سياسي سيؤدي إلى انهيار اقتصادي واجتماعي وأمني" في ليبيا، موجهين الاتهام لدبيبة، بأنه "عمل على النهب الممنهج وغير المسبوق لأموال الليبيين"، وأنه "نكث عهده بشأن عدم ترشحه للانتخابات وعمل على عرقلتها بحجج واهية".
كما شجبوا ممارسات وتصرفات الدبيبة، ومحملين إياه مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد، وعودة الانقسام السياسي، نتيجة عدم انصياعه لقرارات البرلمان وتسليمه السلطة لحكومة الاستقرار، وكذلك اتهموه بخرق وقف إطلاق النار، من خلال إيقاف مرتبات منتسبي الجيش لمدة 4 أشهر، مقابل صرف أموال طائلة للميليشيات المسلحة لتأمين حمايته.
اقرأ أيضاً: تحقيق أممي حول وجود مقابر جماعية لمهاجرين في ليبيا
البيان أعلاه، اعتبره مراقبون بأنه قد يشكل بداية لتفكك اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، التي قادت البلاد لوقف إطلاق النار، واستطاعت تحقيق مجموعة توافقات بين طرفي النزاع المسلّح خلال العامين الأخيرين، أهمها فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب وإعادة الرحلات الجوية، بجانب تبادل المحتجزين والأسرى، إضافة إلى إحرازها تقدماً هاماً في ملف إخراج المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية، وهو ما قد يضع قطار الحرب الأهلية على السكة من جديد، لتهدم كل ما بناه الليبيون من توافقات وعهود وآمال.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!