-
لوّنِ العالم بالبرتقالي: فلننهِ العنف ضد المرأة الآن
فعاليات عالمية جُلّها مغلفة باللون البرتقالي، بما فيها إضاءات المباني والمعالم المعمارية والجسور.. وهو اللون الرسمي لحملة "اتحدِوا" الذي يرمز لمستقبل أكثر إشراقاً وعالم خالٍ من العنف ضد النساء والفتيات وللتذكير بأهمية الحاجة إلى مستقبل خالٍ من العنف شعارها المستدام "اتحدِوا".
نساء معنّفات
قبل يومين من ابتداء الحملة، تُقتل سيدتان في فلسطين طعناً بالسكين من قبل أزواجهن، والمغدورات، حسب الصحافة الفلسطينية (23 نوفمبر 2021)، هن صابرين خويرة (33 سنة) من بلدة كفر نعمة قضاء رام الله، التي قتلت في منزلها أمام أطفالها الثلاثة، وحسب إذاعة "رايا. إف. إم" فقد أخذت عطوة من قبل أهل الضحية "صابرين"، وبهذا أُغلقت القضية وأفلت الجاني من العقاب.
الضحية الثانية "عائشة عبادي" (55 سنة) قُتلت من جرّاء تعرّضها للطعن من قبل زوجها داخل منزلها في بلدة جديدة المكر بالداخل الفلسطيني المحتل.
قابله ذات الفترة في العراق (22 نوفمبر)، أي قبل الحملة بيومين، زواج الطفلة إسراء (12 عاماً)، والتي أضحت قضية رأي عام تداولت حيثياتها الصحافة العراقية والعربية؛ بدايتها ما أثير من مواجهة قضائية خاضتها أم عراقية، والدة إسراء، ضد طليقها لإلغاء زواج ابنتهما، متهمة الأب بتسهيل الزواج. بذات الوقت تظاهرت فيه ناشطات نسويات دعماً للأم لرفض المصادقة على زواج إسراء، للمطالبة بوقف تزويج القاصرات، وأيضاً لا لتزويج المغتصب من الضحية.
وفي جلسة الاستماع أمام محكمة الأحوال الشخصية في بغداد المخصصة للسماح للزوج بطلب المصادقة الرسمية على زواجه من الطفلة إسراء، لكن والدتها رفضت الزواج وقالت إنها لا تعرف مكان ابنتها وإن طليقها خطف ابنتها، مؤكدة بأن إسراء تعرضت للاغتصاب من قبل رجل أصبح بعدها زوجها.
في حادثة أخرى نشرت تفاصيلها الصحافة الإندونيسية، 26 نوفمبر، أي خلال الحملة، قام مواطن سعودي "عبد اللطيف" (28 سنة) في جاكارتا بقتل زوجته الإندونيسية (21 سنة) بالضرب ورشها بالأسيد، وحسب "العربية نت" فإن الزوج فر هارباً إلى مطار جاكرتا بهدف العودة إلى موطنه، السعودية، لكن الشرطة اعتقلته بتهمة قتل زوجته، وهذه الجريمة حسب القانون عقوبتها في إندونيسيا الإعدام.
تعريفات دولية
حسب معطيات الأمم المتحدة والمنظمات العالمية ذات الصلة، يُعد العنف ضد المرأة والفتاة واحداً من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً وتدميراً في العالم، ولم يزل مجهول المعطيات، بسبب ما يحيط به من ظواهر الإفلات من العقاب والصمت والوصم بالعار.
يظهر العنف في عدة أشكال، جسدية ونفسية وجنسية، حسب التعريفات التي بُنيت عليها الحملة. وفي الحقيقة فإن الحملة تأتي لتسليط الضوء على العنف المجتمعي والمنزلي والمحلي، ولا تشمل العنف العسكري والسياسي وضحايا العنف خلال النزاعات المسلحة ومن المحتل، فلذلك في الملفات الدولية أجندة لا تقل أهمية عن العنف المجتمعي يُشار إليها في تواريخ مختلفة.
والتعريف الشامل للعنف المكرر ذكره سنوياً هو: ممارسة العنف من قبل العشير، مثل الضرب، الإساءة النفسية، الاغتصاب الزوجي، وقتل النساء، ويشمل الاغتصاب والتحرش وسفاح القربى والاعتداء الجنسي على الفتيات، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، والزواج القسري، التسلّط والعبودية والاستغلال الجنسي والتحرش في الشوارع، والمضايقات الإلكترونية، وهو الموضوع الذي أصبح ملحاً البحث عنه لازدياد ممارسته خلال جائحة كورونا عندما خضع العالم للحظر فزاد التنمر على الفتيات والنساء عبر الإنترنت.
إعلان القضاء على العنف ضد المرأة
وتعرفه الجمعية العامة للأمم المتحدة 1993: "هو أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".
العنف المضاد
ما إن خرج للإعلام تقرير "تضامن" لجمعية معهد تضامن النساء الأردني 25 نوفمبر 2021 لمناسبة الحملة والذي يورد: "رجل من بين كل 100 في الأردن يتعرض للعنف من زوجته"، حتى تناولها العامة والنشطاء بالاستهزاء والاستهجان. متجاهلين العبارة التي تلت: "من بين كل 100 فإن 26 زوجة تعرضت للعنف من قبل أزواجهن". جزئية لم تلاقِ الاكتراث أو عُلق عليها باستحياء وتحفظ.
لماذا؟ السبب بسيط.. العنف ضد المرأة في المجتمع قد يكون مقبولاً ضمنياً لذا يمر عليه مرور الكرام.. أما تعرض الرجل للضرب من قبل زوجته فهذه قضية تصبح مجهرية متداولة لا محل بحث بل محل استنكار.
لكن لماذا تقوم الزوجة بممارسة العنف ضد الزوج؟ قد يكون ذلك ناتج بعد طفح الكيل فينتج ردود فعل مضادة. مثالاً لا حصراً: الدفاع عن النفس فترد له الكف بصفعة ثانية أو عندما يأخذ الزوج مالها ويتزوج به من زوجة أخرى أو يورّطها بسحب قرض مالي ويصرفه على الممنوعات أو السهر ليلياً مع أصدقاء السوء يليه إهماله لأطفاله. أيضاً قد يكون ناتجاً عن نزاع وشقاق فيحرمها الزوج من رؤية أطفالها. وأحياناً إذا ما ضغط الأهل على الزوجة للعودة إلى بيت الزوجية فيستغلّ الزوج هذه النقطة لصالحة فيزيد من معاملته السيئة.
هذا ليس تبرير أو دفاع، فالعنف ضد الرجل وضد المرأة مرفوض في كل الأحوال، إلا أن ما ورد كان من مدونات تعملن على مناهضة العنف ضد المرأة، حيث شاهدت وسمعت الناشطات في هذا المجال قصصاً عن العنف الشرس والممارس ضد الزوجة، ليس في العالم العربي فحسب، بل حول المعمورة، عنف أجبر الكثيرات على ممارسة العنف المضاد ضد الشريك.
قيود وعوائق
نجحت المرأة العربية في التأثير على الاستراتيجيات الوطنية وعلى المُشرّع لسن قوانين ستأتي لصالح المرأة المعنّفة، ونجح الحراك النسوي في التوعية وتمكين المعنفات. تقدّم يُشهد له، لكن سيقابله فشل في نجاة النساء من العنف، فطالما هناك الأعراف العشائرية التي تنتهي بالعطوة وإسقاط الحق الشخصي، يقابله ثغرات في تنفيذ الأحكام ضد الجاني والالتفاف على القوانين، سيبقى الناجي دون عقاب، وبذلك لن يكون عبرة للغير وكأنه اتفاق غير معلن "عشيرتي ستحميني".
لذلك سيبقي الأمر يجول في دائرة الخطر، خصوصاً لجهة حرمان النساء المتزوجات من حقهن بالميراث، وللضغط على الضحية للتنازل عن حصتها يضربها ذويها بقسوة قد تؤدي لموتها.
خاتمة
نواقيس العنف ضد المرأة باقية تدق. واختيارنا هنا في السياق حالات لضحايا العنف لا يعني أبداً أنها تشمل النساء العربيات وحسب، بل إن مسألة العنف ضد النساء والفتيات هي مشكلة عالمية، خصوصاً لجهة النساء الأقل حظاً، مثل المُسنّات وذوات الإعاقة ونزيلات دور الرعاية والمعوزات وضحايا التحرش في الشوارع.
وحسب التقارير الأممية، العنف ضد المرأة يشكل حاجزاً في سبيل تحقيق المساواة والتنمية والسلام، وكذلك يقف عائقاً أمام استيفاء الحقوق الإنسانية للمرأة والفتاة، وعقبة أمام تنفيذ وعد أهداف التنمية المستدامة 2030 حتى لا يتخلّف أحد عن الركب، لذا توجب وضع حد للعنف ضد النساء والفتيات.
تناولنا ظاهرة العنف الأسري عربياً، لا يعني التعميم، فهناك أزواج يشهد لهم حسن معاملة الزوجة ويخافون الله في أهل بيتهم.
ليفانت - رقية العلمي
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!