-
لماذا يجتمعون في طهران.. بوتين أردوغان ورئيسي؟
تزامناً مع اجتماع بايدن مع حلفاء أمريكا في المنطقة لتشكيل تحالف ضد روسيا وشركائها، تسعى روسيا أيضاً لتشكيل تحالف مضاد في المنطقة مذكراً بالصراع بين حلف الناتو وحلف وارسو، لكن بشكل محلي وفرعي، المهم بالنسبة لنا ما يطرحه كل حلف بالنسبة للملف السوري.
بينما يأتي بايدن خالي الوفاض بشأن سوريا وقد أوعز قبل قدومه للتفاوض مع الأسد على إطلاق سراح الأمريكي المعتقل، مختزلاً القضية السورية به، فإن إسرائيل تركز فقط على إيران، والدول العربية على سحب الأسد لصفها والتطبيع معه كوسيلة، بينما تركيا المهتمة بالشأن السوري تنتظر الضوء الأخضر الأمريكي لبدء عملياتها العسكرية، وفي حال لم تعطها أمريكا هذا الضوء، ستنتقل لطلبه من روسيا وطهران، بعد أن ضمنت عدم اعتراض أمريكا على أي عمليات غرب الفرات فهي مناطق تحت سيطرة الروس بحسب تفاهماتهما مسبقاً، والتي قد أصبحت مهددة بالانهيار بعد القطيعة بينهما إثر حرب أوكرانيا.
تجد تركيا حبلاً للمناورة عليه بين روسيا وأمريكا، لتمرير عمليتها العسكرية في تل رفعت ومنبج على الأقل، بينما أمريكا لا تريد أن تعطي تركيا المزيد بعد أن قدمت لها السويد وفنلندا ما تريد، فهي تعتقد أن هذا الثمن الأوروبي كاف، لذلك من المرجح أن لا تقدم أمريكا على إعطاء الضوء الأخضر، لكنها لن تشعل الضوء الأحمر أيضاً، وقد حاول وفد أمريكي إيجاد حل وسط بين قسد وتركيا، رفضه كلا الطرفين مما جعلها غير قادرة عملياً على قطع الطريق على بوتين الذي سينتهز الفرصة لقضم الثمن من تركيا، وهو هنا محاولة استبدال منبج بطريق اللاذقية، مع الإبقاء على مطار منغ في حيازة إيران التي عززت تواجدها وسيطرتها عليه، مع السماح لقواتها وقوات النظام بدخول مناطق قسد وما يترتب عليه ويتبعه من تقليص نفوذ أمريكا وسيطرتها على ثروات الجزيرة التي أرادت حرمان النظام منها. سوف تتحول أمريكا من حليف لقسد إلى وسيط، وتزداد المسافة بين قسد وأمريكا، وسيقضم النظام وإيران المكاسب، وسوف تخسر قسد لصالحهم ولصالح تركيا، فخياراتها هي الخسارة لتركيا أو الخسارة لإيران وهي قد فضلت إيران كون حزبها تابع لحزب العمال التركي، وعدوها الأول هو تركيا.
لكن ذلك سيجعل من أمريكا أكثر استعداداً لتقديم مناطق جديدة في الجزيرة للتركي إذا ما اضطرت لطلب شيء جديد منه، وهو الخطأ الذي ارتكبته قسد عندما استبدلت الحماية الأمريكية بالحماية الروسية.
جانب آخر سيتم التطرق إليه وهو وقف مسار جنيف تماماً، ومتابعة مسار سوتشي وفرض الحل الروسي الإيراني في سوريا، بمشاركة تركيا التي لا تمانع في تمدد النظام فوق كل سورية بشرطين، منع قيام حكم ذي طابع كردي، ومشاركة الإخوان المسلمين في حكومة الأسد. هنا ستحاول تركيا تقديم تنازل واحد مقابل العملية العسكرية وهو تعطيل مسار جنيف المعطل سلفاً، ومتابعة مسار سوتشي الشغال والمستمر، حتى من دون تقديم طريق اللاذقية، فهي تقدر حاجة روسيا وطهران للإبقاء على قدر من التعاون مع تركيا في ظل الحرب في أوكرانيا، وفي ظل التهديدات الإسرائيلية بحرب واسعة مع إيران.
تلعب تركيا بنجاح دور الابتزاز الانتهازي مستفيدة من موقعها ومن انقسام العالم وتصارعه، وتحقق المكاسب إثر المكاسب بلعبها دور الوسيط بينهما، وإبقائها على انتمائها للغرب دون معاداة الشرق.. لذلك هي الرابح الأكبر بينما قسد هي الخاسر الأكبر، والباقون يناورون لكي لا يربحوا ولا يخسروا، في النهاية قسد ستجد نفسها وحيدة في مواجهة الجيش التركي، رغم كل مناوراتها، بعد أن تخسر الكثير من الكرد والعرب بسبب تعاونها مع النظام وإيران.
ليفانت - كمال اللبواني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!