-
لقاء العبقري كاسباروف ضد "ديب بلو" دفع الذكاء الصُّنعي إلى دائرة الضوء
ليفانت نيوز/ ترجمات
وائل سليمان
بيدٍ تكاد تخترق خده وعينين مثبتتين على الطاولة؛ ألقى غاري كاسباروف النَّظْرَة الكئيبة الأخيرة على رقعة الشطرنج قبل أن يغادر الغرفة. نعم، هُزم ملك الشطرنج صاحب الذهن الألمعي أمام جهاز كمبيوتر.
كان ذلك في 11 مايو/أيار 1997 بمنزلة نقطة تحول للعلاقة بين الإنسان والآلة عندما حقق الكمبيوتر العملاق للذكاء الصنعي (Artificial Intelligence) ديب بلو Deep Blue آي بي أم الأمريكية أخيراً ما وعد به المطورين منذ عقود.
24 years ago: the start of the opening game of the epic @Kasparov63 versus Deep Blue match on May 3, 1997. pic.twitter.com/viVgAmi4Af
— Olimpiu Di Luppi (@olimpiuurcan) May 3, 2021
إنها لحظة لا تصدّق، كانت ردة فعل ممتلئة بالدهشة من خبير الذكاء الصنعي فيليب روليت لوكالة فرانس برس عندما تذكّر الأمر بعد سؤالنا له، حتى لو لم يكن التأثير التكنولوجي الحالي ضخماً. مضيفا: " بانتصار ديب بلو أدرك الناس أن الآلات يمكن أن تكون بقوة البشر حتى في مجالات البشر".
كانت نشوة النصر جارفة وكبيرة لدى المطورين في شركة آي بي إم، الشركة الأمريكية التي صنعت ديب بلو، إلا إنهم سرعان ما استعادوا تركيزهم على الهدف الأكبر. حينذاك، صرّح رئيس فريق ديب بلو تشونغ جين تان بعد المباراة: "القضية ليست صراع الإنسان ضد الآلة، بل في الحقيقة بكيفية استخدامنا للتكنولوجيا لحل المشكلات الصعبة"، موضحاً فوائدها المستقبلية من التحليل المالي وصولاً إلى لتنبؤ بالطقس.
ليس من السهولة بمكان استيعابنا ولا حتى تشونغ نفسه رئيس فريق ديب بلو مدى مركزية الذكاء الصنعي في الوقت الحاضر، أي وجود تطبيقات في كل مجال تقريباً من حياتنا كبشر. في هذا يقول ريتشارد كورف أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس لوكالة فرانس برس، "لقد خرج مارد الذكاء الصُّنعي خلال العقد الأخير من قمقمه، ما نقوم به الآن كان مستحيلاً في الماضي".
المتضرر الوحيد
بالعودة إلى أحد أشهر تحديات العصر الحديث، لم يمر ببساطة، كان كاسباروف غاضباً لهزيمته؛ إنه المعروف لدى الجميع كأعظم لاعب شطرنج على الإطلاق. بيد إن العبقري ألمح إلى وجود ممارسات غير عادلة، نافياً هزيمته، واستنتج أن ذلك لا يثبت قوة الكمبيوتر أبدا.
وقتذاك، أوضح أن المباراة يمكن أن ينظر إليها على أنها “رجل واحد، أي أفضل لاعب في العالم، انهار تحت الضغط”. مستكملاً، إن الكمبيوتر يمكن هزيمته لما فيه من نقاط ضعف كثيرة. لكن في وقتنا الحالي ستهزم أفضل أجهزة الكمبيوتر دائماً حتى أقوى لاعبي الشطرنج البشريين.
لم يترك الذكاء الصنعي مجالاً إلاّ أتقنه ولديه مجالات لم تنته بعد. ويستشهد كورف بالتطورات الملحوظة في التعرف على الوجه التي ساعدت في جعل السيارات ذاتية القيادة حقيقة واقعة، وإذا بدأنا العد سيلزم صفحات كثيرة!
بالانتقال إلى ميتا فيسبوك، من جانبه، يرى "يان ليكون" رئيس قسم بحوث الذكاء الصنعي في الشركة في مقابلة مع فرانس برس، إن السنوات الأخيرة شهدت “تقدماً مذهلاً للغاية”. ويسرد "ليكون" أحد الآباء المؤسسين للذكاء الصنعي الحديث من بين إنجازات أجهزة الكمبيوتر اليوم القدرة مثلا على “ترجمة 200 كلمة من وإلى بعضها البعض” أو “امتلاك شبكة عصبية واحدة تفهم 100 لغة”. لقد أصبح العام 1997 ماضياَ سحيقاً فحتى الفيسبوك لم يكن موجوداً.
الآلات ليست هي الخطر
يتفق الخبراء على أهمية مباراة كاسباروف كرمز لكنها لم تترك سوى القليل في طريق الإرث التكنولوجي. يوضح البروفيسور كورف: “لم يكن هناك شيء ثوري في تصميم ديب بلو”، واصفاً إياه بأنه مجرد تطور لتقنيات خمسينات القرن الماضي.
دب بلو وفق رأي كورف، واحداً من الأجهزة المخصصة والمصممة للعب الشطرنج فقط.” جاء جوجل وفيسبوك وشركات التكنولوجيا الأخرى ليدفعوا بالذكاء الصنعي في الاتجاهات الأخرى بأشواط شاسعة.
زاد علماء الرياضيات والخوارزميات والمبتكرون والمبرمجون تغذية آلات الذكاء الصنعي القوية بكميات لا يمكن تصورها من البيانات من مستخدميها، وقدموا محتوى وإعلانات مستهدفة وذكية بلا هوادة، وشكلوا خلال ذلك شركات بقيمة تريليون دولار.
تساعد تقنية الذكاء الصنعي الآن في تحديد أي شيء بدءاً من درجة حرارة الغرفة حتى سعر التأمين على السيارة. تأتي الأجهزة من المكانس الكهربائية إلى أجراس الباب مزودة بمصفوفات من المستشعرات لتزويد أنظمة الذكاء الصنعي بالبيانات لاستهداف المستهلكين بشكل أفضل وتقديم الخدمات بشكل أمهر وأكفأ.
اقرأ المزيد: منها "الكردية السورانية".. غوغل تضيف 24 لغة جديدة إلى خدمة الترجمة
بينما يشكك المنتقدون من فقدان الخصوصية، يعتقد المتحمسون أن منتجات الذكاء الصنعي تجعل حياة الجميع أسهل. على الرغم من تجربته المؤلمة مع الآلات، إلا أن كاسباروف غير منزعج إلى حد بعيد من الهيمنة المتزايدة للذكاء الصنعي.
في تصريح لعملاق الشطرنج الروسي غاري كاسباروف، لوكالة فرانس برس في 2021: “ببساطة لا يوجد دليل على أن الآلات تهددنا”. "ليس الخطر الحقيقي من الروبوتات القاتلة ولكن من الناس لأن الناس ما يزالون يحتكرون الشر".
ليفانت نيوز_ ف ب
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!