الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
لبنان وتفكيك سيطرة حزب الله
خالد الزعتر

يبدو أن المشهد الإقليمي كان له انعكاسه على المشهد الداخلي في لبنان، فإذا ما نظرنا إلى المشهد الإقليمي سوف نشاهد تصاعد حالة الانحسار للنفوذ الإيراني في عدد من المناطق التي كانت تعتبرها إيران جزءاً من سيطرتها ومناطق نفوذها.

ففي الحالة العراقية نشاهد انفتاحاً سياسياً واقتصادياً على دول المنطقة، وبخاصة دول الثقل السياسي والاقتصادي، مثل المملكة العربية السعودية، وعلى الخارطة السورية يبدو واضحاً أن هناك انحسار للنفوذ الإيراني لصالح النفوذ العربي مع إعادة الدفء للعلاقات السورية مع الإمارات والبحرين، وعلى الخارطة اليمنية استطاعت السعودية عبر قيادة التحالف العربي تحجيم النفوذ الإيراني وقصقصة أذرع الميليشيات الحوثية، عسكرياً وسياسياً، عبر مبادراتها الهادفة لتوحيد الصف داخل الشرعية اليمنية، ما سيكون له تأثير على المشهد العسكري لصالح الشرعية اليمنية.

في المشهد اللبناني تؤكد المؤشرات أنه بدأ يتجه نحو تحجيم النفوذ الإيراني، فلو نظرنا إلى التركيبة البرلمانية التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية الأخيرة سوف نجد أن المكاسب تتجه للمستقلين، وأن حزب الله وحلفاءه يخسرون الأغلبية في الائتلاف البرلماني، وهو ما يحمل معه بوادر تغيير حقيقي في السياسة الداخلية بما يخدم تقييد سطوة حزب الله على مفاصل الدولة اللبنانية.

المتغيرات التي حملها المشهد اللبناني، والتي تجلت بشكل واضح في الانتخابات البرلمانية اللبنانية، تؤكد وجود حالة من اليقظة الشعبية في الداخل اللبناني، فالمزاج الشعبي اللبناني يبدو واضحاً أنه يحاول أن يتخطى حالة الشعارات الشعبوية التي كانت مسيطرة على الداخل اللبناني والتي كان يمارسها حزب الله من شعارات المقاومة لإحكام سيطرته على مفاصل الدولة اللبنانية، ولذلك فإن حالة النهضة والتنمية التي تعيشها المنطقة العربية مقابل حالة الفشل السياسي والاقتصادي الذي تعيشه لبنان، والتي تصاعدت في السنوات الأربعة الأخيرة، كان لها تأثير على إحداث حالة من الارتجاج داخل العقل الجمعي الشعبي اللبناني، وبالتالي ما جعل المزاج الشعبي اللبناني يبحث عن إنجازات على الأرض ولم تعد الشعارات الشعبوية تلقى طريقها لدغدغة المشاعر الشعبية.

لقد عانى الشعب اللبناني في السنوات الأر بعة الأخيرة، والتي شهدت انهياراً مالياً واقتصادياً، وفضائح فساد بالجملة، وانفجاراً في مرفأ بيروت، خلَّف دماراً وعشرات الضحايا والجرحى دون أي تحقيق شفاف ينتهي إلى معاقبة أي مسؤول سياسي وأمني وعسكري عن تقصيره، ولذلك فقد كانت الانتخابات البرلمانية الأخيرة أهم أدوات الشعب اللبناني لمعاقبة الأحزاب السياسية التي فشلت في إنقاذ الدولة اللبنانية، ولذلك ليس بمستغرب أن تكون المكاسب الانتخابية لصالح المستقلين، وهو ما يعبر عن رغبة شعبية في ضخ دماء جديدة في المشهد السياسي اللبناني تساهم في الدفع بالدولة اللبنانية نحو بر الأمان السياسي والاقتصادي والأمني.

عندما ننظر إلى الحالة اللبنانية نجدها تحمل معها التأثر بالمتغيرات الخارجية، ولذلك فإن المتغيرات الأخيرة التي يعيشها المشهد اللبناني بخسارة حزب الله وحلفائه، الأغلبية في الائتلاف البرلماني، لا شك أنها تضاف إلى رصيد الخسائر التي تعيشها إيران على المستوى الإقليمي، بخاصة وأن الساحة اللبنانية لا شك تعد أحد أهم مناطق النفوذ التي تجاهد إيران لتثبيت وجودها فيها.
 

ليفانت – خالد الزعتر

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!