الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
لازالت أحلام الشباب الكُردي في سوريا تجهض
شفان ابراهيم

دون رتابة المقدمات. لم تفعلوا لنا شيئاً، ولم تدعونا نعمل لأجلنا ولغيرنا. لازالت صدى المعارك الجانبية ترّنُ في آذاننا، مُتغافلين عن الأدوار المنوطة بهم، وما يُنتظر مِنهُّم. أحياناً يُخال إليَّ أن أشكر الله على تحويل دفة الاشتباكات إلى ساحة الشباب عِوضاً عن توجيه سهامهم صوب الهدف الذي يصفونهم بالمُرتدين وبائعي الوطن. فالسيوف والبغال لم تعد تجدّي نفعاً مع التقنية الرقمية وثورة الأفكار. خاصة وأن الشباب يُمثلون الشر الأعظم لقسم من القيادات الكوردية التي تجد فيهم شبحاً وَجِبَ اقتلاعه من جذوره.




لا وعي سياسي دون تراكم معرفي، وهو المُهمش ضمن التنظيمات الحزبية. مع ذلك، لم يكن الشباب سوى، عاهات وأطفال و...إلخ وفق منظورهم الحزبي والشخصي والسياسي والعقلي. بعكس ترويجاتهم وحديثهم على الشاشات والإذاعات وحديثهم الدائم عن حقوق الشباب حتى أطلق علينا تسمية المشاغبين، دون أن يعوا حجم الوسام الذي منحونا إياه.




حضور الشباب في الخطاب الكوردي هو مجرد حضور تمجيدي لزركشة الخطاب نفسه, ويتم التركيز والتمجيد للشباب وقدرتهم لدرجة أن الخطاب يأخذ منحاً لفظياً ومفرداتياً جديداً, لكنه يعود إلى حالته القديمة ليكون خطاباً مجرداً من أي نتاجات عملية, ودون أي حلولاً لقضايا الشباب الكوردي, بل دون أي استفادة مِن ما يُروجون له حول حجم علاقاتهم الدبلوماسية والتواصل العلاقاتي بينهم –وعلى اختلاف تسمياتهم و انتماءاتهم- وبين كبرى الدول العالمية على حد زعمهم.

فالتمثيل السياسي الكوردي في سوريا منقسم على ذاته إلى ثلاث أجزاء:




الأول: جامد تاريخياً، صاحب بنية ثابتة لا تتغير لا تتأثر بمجريات الحداثة والتغيير، ومن المحتمل إنها لم تفهم ما يجري في العالم من تغيرات، فيعتقد أن المجتمع مثله ثابت جامد، تحتوي على أصوات ترغب بالعبور من الدائرة المظلمة، لكنها بنية ضعيفة القوة.




والثاني: جامد ومتحرك معاً: وهي التي كانت تحاول الخروج من الحقل الأول، فتجد لنفسها نقاط ارتكاز في زعزعة البنى التقليدية الكلاسيكية؛ بغية كسب أولى جولات المواجهة في وجه التغول الستاتيكي، ومن سلبياته خلق شيء من التوتر لدى الناس من الضياع بين التيارين.




أما الثالث: فهو تكتل سياسي يقيم القطيعة المطلقة مع القديم، باحثاً عن قوى صاعدة لإقامة تحالف مزدوج متمثلاً في الشباب والشخصيات المتنورة والمشتغلة على تأسيس شخصيتها السياسية بما يتناسب والثروة الأكبر والأفضل وهي ثورة التقانة والثقافة.


لازالت أحلام الشباب الكُردي في سوريا تجهض لازالت أحلام الشباب الكُردي في سوريا تجهض

وحين تكون العلاقة بين الشباب والتشكيلات السياسية مؤسسة على الخوف والتوتر والانفجار المحتمل في أي لحظة, يحتار المجتمع الكوردي بين الاستمرار في غياهب العالم القديم, أو محاولة التنفس من رئة صغيرة تنشد العالم الجديد, وعلى هذا النحو من التصارع التاريخي النقدي, فإن جدلية العلاقة بين الشباب الكورد والتنظيمات السياسية الكوردية تصبح معضلات سوسيوثقافية وجودية، وهو ما قد يجر المجتمع الكوردي إلى نزاعات داخلية عاصفة, ما لم تنجز المهمات الراهنة القصوى الآن وفوراً وليس غداً, لأنه إن لم يحدث التغيير المطلوب, فإن الشباب يهرمون, والهرمون الحاليون يموتون, فلا قضية، ولا وطن, ولا فدرالية، ما لم تكن ثمة دماء جديدة تحمل على أكتافها القدر الكوردي المشؤوم.


كاتب وصحفي


 


 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!