-
كوفيد-19 وحقوق العمالة الوافدة
بمناسبة اليوم العالمي للعمال الذي يصادف الأول من أيار، تناولنا في المقال السابق موضوع حقوق العمال وواقع العمالة المحلية وحقوقهم خلال جائحة كورونا. العمالة الوافدة
ومن الاستحالة بمكان التحدّث عن العمالة المحلية بينما نتجاوز واقع العمالة الوافدة؛ لذا اخترنا المقال الثاني للتحدث عن وضع العمالة الوافدة أو كما تسميه المؤسسات الأممية والدولية العمالة المهاجرة، العمال المهاجرين، وعن واقع مستجد ينضوي تحت مظلة تداعيات جائحة كورونا.
وهذه الفئة في المجتمعات العربية، رغم أهميتها، هي أساساً شريحة مهملة، من غير الممكن إغفالها، تعاني من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحقهم في أغلب الدول العربية.
في السياق، بداية يتفق الجميع بأنّ معظم الأدلة والظروف على أرض الواقع لا تُوجد آمال عريضة حول الأحوال المعيشية لهذه الفئة، وتبين الآراء المتخصصة بأنّ هناك الكثير من المعوقات للارتقاء بحقوقهم، وهذا كان قبل الجائحة، حيث يعيشون معاناة دائمة من التمييز والتهميش من ضمنها: استغلال المقاولين وأرباب العمل لجهة تدني الأجور وانتقاص حقهم في ساعات الراحة وعدم التمتع بالحقوق الصحية، حيث يعيشون في مساكن مشتركة ومكتظّة غير صحية ينقصها التهوية والمياه النظيفة. وأيضاً الحافلات التي تنقل هذه المجموعات إلى أماكن العمل، عادة ما تكون غير مكيفة في فصل الصيف وغير مدفئة في الشتاء.
كثيراً ما طالبت التقارير والتوصيات الواردة من المؤسسات الإنسانية ووسط احتجاج الدول المصدرة للعمالة، بعض الدول العربية، على ضرورة تحسين الأوضاع المعيشية المتدنية للعمالة الوافدة ولحماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم وضرورة تطبيق بنود الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة لحماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم (1991)، اتفاقية لم تنضم إليها كثير من الدول العربية.
هذا الوضع كان قبل كوفيد-19، لكن الجائحة زادت من معاناتهم بسبب نقص الرعاية الصحية وافتقادهم للوقاية الفعالة. خلال فترة الحجر الصحي والعزل لم يكن هناك تدابير لضمان حماية حقوق العمالة الوافدة، فوجدت هذه الفئة حالها محشورة في مساكن تنقصها أبسط مقومات الوقاية للحد من انتشار المرض بينهم. لذلك كانوا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، قابله مشاكل الأحوال المعيشية، مما زاد من معاناتهم لعدة أسباب: افتقار المرافق العمومية للشروط الصحية، وعدم الحصول على الخدمات الصحية بسبب التمييز، وعدم تمتعهم بحق الوصول إلى المعلومات الإرشادية ومواد التعقيم والمنظفات إلى مساكنهم.
تعريف: عرّفت اتفاقية الأمم المتحدة لحماية حقوق جميع العاملين المُهاجرين العامل المُهاجر بالشخص الذي ينخرط في أي نشاط يتقاضى عنه أجراً ببلد لا ينتمي إليه. بينما يرد التعريف الأشمل للعامل المهاجر في الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع المهاجرين (1990) "اتفاقية العمال المهاجرين" العامل المهاجر شخص يزاول نشاط مقابل أجر في دولة هو ليس من رعاياها، وتتضمن هذه الفئات عامل الحدود والعامل الموسمي وعامل البناء والعامل المتجول وعمال الصيد والملاحة البحرية والعاملين في مشاريع أسرية صغيرة.
وحسب مدونة الخبير الاقتصادي "ماورو تيستافيردي"، والصادرة عن البنك الدولي (أبريل 2020)، فإنّ العمالة الوافدة أو المهاجرة يمكن تعريفها على أنّها مجموعة من الأفراد الذين غادروا أوطانهم من أجل العمل في بلدان أخرى، يعتمدون على العمل بعيداً عن أوطانهم لإعالة أنفسهم وأسرهم وذويهم ومجتمعاتهم المحلية.
الحق في العلاج واللقاح
تنقسم فئة العمالة الوافدة في كثير من الدول العربية الى فئتين، الفئة الأولى مستوفية شروط الإقامة وتقيم بشكل شرعي وأوراقها الثبوتية مسجلة في السجلات الحكومية. بإمكان هذه الفئة الاستفادة من الخدمات الصحية المقدمة خلال الجائحة من فحص وعلاج وتطعيم.
أما الفئة الثانية فهي الفئة التي تدخل البلاد بأوراق رسمية، لكن كثيراً منهم يترك العمل دون إذن أو تبليغ الكفيل، ويترك العامل في كثير من الأحيان أوراقه الرسمية ويعمل ويسكن في البلاد بشكل غير قانوني. وهذه الفئة تسمى بالفئة المخالفة.
خلال الجائحة وقعت الفئة المخالفة بين المطرقة والسندان بداية توقفهم عن العمل، لأنّ معظمهم يعمل في نظام المياومة فأصبحوا بدون دخل، بذات الوقت ليس بمقدورهم العودة إلى بلادهم لعدم وجود القدرة المالية لجهة تكاليف السفر ودفع غرامات المخالفة، فأصبحت صحتهم مهددة، حيث أجبرهم العوز العمل في أماكن ومهن متنقلة تتطلب التجوال مما يعرضهم للإصابة بالفيروس ونقله.
الخطورة الثانية، عدم وجود أوراق ثبوتية بحوزتهم، في حال الإصابة، لا يمكنهم مراجعة المراكز الصحية المتخصصة بكورونا، يوازيه التهرب من الفحوصات وأخذ اللقاح إيماناً منهم بأن وضعهم غير القانوني قد يُكشف أمره ويتم التبليغ عنهم.
تشترط بعض الدول العربية لتلقي اللقاح التسجيل على المنصّات الإلكترونية الرسمية، ومن غير الممكن التطعيم بدون أوراق ثبوتية إلكترونياً وورقياً، أوراق تكون بالعادة إما مفقودة أو مع الكفيل مما سيحرم الكثير منهم الحق في تلقي اللقاح، وإن كانت بعض الدول العربية، منها السعودية، قد سمحت تطعيم المخالفين ومجاناً أسوة بالباقين.
وحسب وزارة العمل الأردنية، تقدّر أعداد العمال الوافدين في الأردن في نهاية 2020 بأكثر من مليون عامل، منهم ما يقارب 348 ألف عامل مسجلين لدى وزارة العمل، وأكثر من 600 ألف آخرين غير مسجلين يعملون بغير انتظام.
مخاطر كورونا
يشير تقرير البنك الدولي، بأنّ العديد من هؤلاء المهاجرين تتعرّض صحتهم وسبل كسب عيشهم لمخاطر كبيرة من جرّاء الجائحة، منها فقد الوظائف، وقيود السفر، حيث أغلقت بلدان المهجر الرئيسية حدودها أمام المسافرين الدوليين. ونتيجة لذلك، لا يستطيع العديد من المهاجرين الوصول إلى مقر عملهم الأصلي أو السفر إلى أوطانهم.
ويعيش المهاجرون ويعملون غالباً في ظروف مزدحمة لا تسمح بالتباعد الاجتماعي، مما يعرضهم لمخاطر الإصابة، وخطر فقدان الدخل، وقد تكون الآثار السلبية لفقدان الوظائف كبيرة للغاية، لأنّهم غالباً ما يعملون في وظائف غير رسمية، ولا يجدون شبكات الأمان في حال فقدان الوظيفة أو المرض، والبقاء في المنزل أثناء تفشي المرض يمثل رفاهية لا يستطيع العديد من المهاجرين تحملها.
ورغم اتخاذ الحكومات في العالم إجراءات لحماية أرواح الناس وسبل كسب عيشهم في إطار الجهود الرامية للتصدي للجائحة، لكن إلى الآن لم يتم التصدي للتحديات غير المسبوقة التي تواجه المهاجرين إلا فيما ندر.
تدابير عالمية
على الحكومات اتخاذ إجراءات لحماية المهاجرين من الفيروس، وشمولهم بالرعاية في إطار الاستجابة والتصدي للجائحة على مستوى السياسات المحلية، فحمايتهم تعني تقليل خطر انتقال العدوى.
في 11 مارس، أطلقت الأمم المتحدة حملة عالمية تدعو للوصول والتوزيع المنصف إلى اللقاحات في جميع أنحاء العالم. وتؤكد الحملة التي تحمل شعار "فقط معاً" الحاجة إلى استجابة عالمية منسّقة، ترمي إلى ضمان إتاحة اللقاحات في جميع البلدان، بدءاً بالعاملين في مجال الرعاية الصحية والفئات الأكثر ضعفاً. مرفقة بمذكرة إرشادية تتعلق بتوزيع اللقاحات أصدرتها لجنة الأمم المتحدة لحماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، تنص على ضرورة إدراج جميع المهاجرين في برامج التطعيم، بغض النظر عن جنسيتهم ووضعهم كمهاجرين، ومراعاة نقاط الضعف والمخاطر واحتياجاتهم عند وضع قوائم التطعيم وضمان هذه الحقوق دون تمييز على قدم المساواة مع المواطنين، لأن المهاجرين أكثر عرضة لسوء الحالة الصحية بسبب وضعهم الاجتماعي والاقتصادي المتدني. العمالة الوافدة
ليفانت - رقية العلمي
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!