-
كورونا يودي بمئات الضحايا يومياً في إسبانيا، فهل ذلك هو الأسوء أم البداية؟
قالت وزارة الصحة الإسبانية، اليوم السبت، الثامن والعشرين من مارس، إنّ وفيات فيروس كورونا في البلاد زادت 832 حالة أثناء الليل لتصل إلى 5690، وذلك في أعلى معدل يومي لحالات الوفاة، وأضافت الوزارة، أن عدد حالات الإصابة ارتفع هو الآخر إلى 72248 من 64059 أمس الجمعة. كورونا يودي بمئات الضحايا
وأضحت إسبانيا ثاني دولة من حيث عدد الوفيات بـ"كوفيد-19" في العالم بعد إيطاليا، ويخضع سكانها الذين يناهزون 46 مليوناً لإجراءات العزل العام منذ 14مارس، وجرى تمديدها الأربعاء حتى 11 أبريل، وسبق للسلطات أن حذرت أنّ الأسبوع الحالي سيكون "صعبا"، فيما توقعت منظمة الصحة الدولية في وقت سابق أن يتكرر السيناريو الإيطالي في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وسويسرا، بفارق زمني لا يتعدى أسبوعين، مشيرة إلى أن أوروبا أصبحت بالفعل مركز العدوى لوباء "كوفيد-19".
كيف تطور الوضع خلال شهر واحد؟
قبل شهر واحد من الآن لم تكن دولة أوروبية كإسبانيا قد سجلت بعد عملياً أي انتشار فعلي لفيروس كورونا، لكن إشارات صغيرة بدأت تنطلق لتنبيه السلطات إلى ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة، ففي الخامس والعشرين من فبراير، عمدت السلطات الإسبانية إلى فرض حجر صحي على فندق في جزيرة تنريفي يقيم فيه ألف نزيل، بعد التأكد من حالة إصابة واحدة بفيروس كورونا الجديد المتحور (كوفيد - 19)، وفقاً لتقارير تلفزيونية إسبانية.
وقامت الشرطة في فندق «كوستا أديخي بالاس» الواقع في أديغي، في الجنوب الغربي من جزيرة تنريفي، كبرى جزر الكناري، بالحراسة حتى يتم فحص جميع من بالداخل، وفقاً لصحيفة «إل موندو»، وثبت في السابق، إصابة نزيل في الفندق من لومباردي في إيطاليا بالفيروس، حسب ما أفادت وزارة الصحة الإسبانية، وكان وقتها قد تم تسجيل سابع حالة وفاة في إيطاليا جراء الإصابة بفيروس "كورونا" الجديد.
استهتار حكومي إسباني بخطورة كورونا
وفي السادس والعشرين من فبراير، قالت إسبانيا إنها قامت بتسجيل أول ثلاث حالات إصابة بفيروس كورونا المستجد، وتمّ تسجيلها على البرّ الرئيسي للبلاد، ونوّهت السلطات الصحية في إقليم كتالونيا أن الاختبارات أكدت إصابة سيدة من إيطاليا بالفيروس عمرها 36 عاماً، مقيمة في برشلونة، بعد زيارتها لشمال إيطاليا مؤخراً، وجرى وضع 25 شخصاً تعاملوا معها في الحجر الصحي بالمنزل لمدة أسبوعين، وعقب قليل أشارت السلطات في بلنسية ومدريد حالتي إصابة أخريين، بيد أن وزير الصحة الإسباني، سلفادور إيا، قلّل من شأن الأمر مشدداً أن جميع الحالات قدمت من الخارج، ولم يحدث إلى الآن أي انتقال داخلي للعدوى. كورونا يودي بمئات الضحايا
وتطورت الحال بشكل دراماتيكي في إسبانيا، لتقول "آنا بارثيلو" الناطقة باسم وزارة الصحة الإسبانية، في الثالث من مارس، إن رجلاً في منطقة فالنسيا فقد حياته بسبب كورونا، لتكون هذه أول حالة وفاة في البلاد بالفيروس، وأردفت، أن حصيلة المصابين بلغت 165، ونوّهت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية إلى أن بين الحالات الخطيرة في إسبانيا تلك المسجلة في نافارا وجيرونا.
أربعة عشر يوماً غيرت وجه أسبانيا
ومع تسجيل أول وفاة، بدأت البلاد عملياً الدخول في نفق مظلم، دون أن تتمكن السلطات من التنبيه الضروري بمخاطره، ففي الرابع عشر من مارس، قالت مدريد بأنها سجلت إصابة 1500 شخص في يوم واحد بفيروس كورونا، وبحسب مسؤولي الصحة، باتت إسبانيا ثاني أكثر بلدان أوروبا تضرراً من الفيروس بعد إيطاليا، التي سجلت أكثر من 15000 إصابة.
وتزامنت تلك الأنباء مع إعلان الحكومة الإسبانية حالة الطوارئ الوطنية، للمرة الثانية في تاريخها الحديث، فيما أوضحت منظمة الصحة العالمية إن أوروبا أصبحت الآن "مركز" الوباء، حيث دعا المدير العام للمنظمة الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، البلدان إلى استخدام تدابير حازمة وتعبئة المجتمع وإجراءات عزل الناس عن بعضهم البعض للحدّ من انتشار العدوى بينهم إنقاذاً للأرواح، في الوقت الذي أعلنت فيه إسبانيا عن تسجيلها 136 حالة وفاة حتى ذلك اليوم، غير مدركة أن الأسوء لم يأتي بعد.
ومعه، بدأت مدريد في محاولة تدارك الموت الذي بات يحيط بالإسبان من مختلف الجهات، فاتخذت تدابير محلية تمثلت بإغلاق معظم البارات والمطاعم والمحلات التجارية، وجرى إعفاء المحلات التي تبيع المواد الغذائية والصيدليات ومحطات البنزين، كما جرى اتخاذ تدابير مماثلة في أماكن أخرى، بما في ذلك مناطق غاليسيا وكتالونيا، وذكر عمدة مدينة إشبيلية الجنوبية إنه أوقف مواكب عيد الفصح الشهيرة، وشدد المسؤول الإقليمي الكتالوني كيم تورا، أنه ينوي إغلاق كتالونيا برمتها، ودعا السلطات في مدريد لمنع الوصول عن طريق الجو والسكك الحديدية والبحر، كما أوقفت الخطوط الجوية رحلاتها إلى إسبانيا، وألغت شركة طيران بريطانية طائراتها في الجو، حيث أعلنت بأنها أعادت جميع الرحلات الجوية من إسبانيا، وأعلنت الحكومة الإسبانية حظراً للتجول في البلاد لمدة 15 يوماً، ضمن إجراءات احتواء ومنع تفشي فيروس كورونا المستجد، بعد أن وصل تعداد المصابين به إلى 6200 شخص والوفيات 193.
كورونا يصل لقمة السلطة الإسبانية
ولم يقتصر تفشي كورونا على الشعب فقط، بل نجح في الوصول إلى أعلى سلطات الدولة، حيث قالت الحكومة الإسبانية، في الخامس عشر من مارس، إن ماريا بيغونيا غوميز، زوجة رئيس الوزراء، بيدرو سانشيز، قد أصيبت بفيروس كورونا المستجد، فيما فرضت السلطات حجراً صحياً شبه كامل في البلاد، وذكر المكتب الإعلامي للحكومة، ضمن بيان: "أعطت الفحوصات الطبية، التي خضع لها خلال الساعات الماضية في قصر مونكلوا _مقر رئيس الوزراء_ أشخاص مقربون من رئيس الوزراء، نتائج إيجابية خاصة بحالة زوجته".
وأكد البيان على أنّ كلا من غوميز وسانشيز "بخير"، مشيراً أنهما لا يزالان في قصر مونكلوا، ويتابعان باستمرار الإجراءات الوقائية التي حددتها السلطات الصحية، كما جرى إخضاع كل أعضاء الحكومة الإسبانية لإجراء الفحص الخاص بفيروس كورونا المستجد "COVID-19"، عقب رصد الإصابة بهذه السلالة لدى وزيرة مساواة الحقوق، إيرينا مونتيرو، وأفصح عن نتائج تلك الفحوصات للإصابة بالفيروس، كذلك لدى وزيرة وحدة الأراضي والخدمات الحكومية، كارولينا دورياس، فيما أعلن رئيس الوزراء الإسباني، حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد مع فرض حجر صحي شبه كامل لمنع السكان من الخروج من منازلهم إلا للتوجه إلى مكان العمل أو لضرورات أخرى أبرزها شراء الطعام.
إسبانيا تتخطّى عتبة ألف مُصاب في اليوم
ومع تفاقم الأوضاع في البلاد، قالت وزارة الصحة الإسبانية، في السادس عشر من مارس، إنها سجلت 1000 إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الـ24، وذكر فرناندو سيمون رئيس مركز الطوارئ الصحية في البلاد، أن تعداد حالات الإصابة بالفيروس التاجي في إسبانيا ارتفع إلى 8744، كما ارتفع تعداد الوفيات إلى 297.
فيما أكد زعيم إقليم كتالونيا الإسباني كيم تورا، أن التحاليل الطبية أكدت إصابته بفيروس كورونا، وهو ما قالته عمدة مدريد إيزابيل دياز أيوسو،، من أنها مصابة بالفيروس كوفيد 19، ليذكر تورا: "إنه سيبقى رهن العزل الذاتي في مبنى حكومي"، فيما أشارت بدورها عمدة مدريد إيزابيل دياز أيوسو، ضمن تغريدة نشرتها على "تويتر"، إلى إصابتها بفيروس كورونا، مشددةً على الاستمرار في القتال ضد العدو غير المرئي. كورونا يودي بمئات الضحايا
ودوّنت إيزابيل: "عندما أجريت اختبار كوفيد-19 سابقاً وكانت النتيجة سلبية، كنت أعمل بلا كلل لأسابيع، الآن وفي النهاية أصبحت نتيجة اختباري إيجابية، سنستمر في القتال ضدّ هذا العدو غير المرئي".
ومع مواصلة العدو غير المرئي بالانتشار كالنار في الهشيم في مجموعة دول العالم ومنها إسبانيا وإيطاليا، يبقى السؤال، هل ما نشهده في الأيام الأخيرة من الأعداد الضخمة في المصابين والضحايا هو الأسوء هناك، أم أنه البداية التي قد ترتفع أضعاف تلك الأرقام؟، كما تطرح أسئلة عديدة نفسها حول أسباب ذلك الانتشار المتفاقم في البلدان الأوروبية تحديداً، رغم إنه لا يزال ضمن الحدود المعقولة في الشرق الأوسط على سبيل المثال، وهل يمكن أن يكون الفيروس ذكياً لدرجة أن يركز جهوده على منطقة واحدة بغية إنهاكها ومحاولة كسر خطوطها الدفاعية وهو ما فشل فيه في الصين، أم أنّ أسباب أخرى قد تكون خلف ذلك التفشّي، كالاستهتار والتسيب والإصرار على عدم إيقاف الحياة الروتينية والأعمال، ولو كان ذلك على حساب العاملين، كما هو الحال في ألمانيا وغيرها؟. ليفانت
ليفانت
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!