-
كفّوا أيديكم عن الوطن
رغم كل ما يعتري هذه المرحلة من إحباطات وانهزاميّة، لا يمكن ولا يجب لأيّ منّا أن يلقي بالمسؤوليّة على الآخر لأنّ انهزام الوطن يعني انهزامنا جميعاً والتاريخ عندها سيُحاكم شعباً بأكمله. الوطن
ولعلّ العبء الأكبر يقع على كاهل كل من يؤمن ببناء دولة المؤسّسات رغم كلّ تداعيات السنوات العشر الأخيرة، لكنّنا نعلم جميعاً أنّ الإيمان وحده لا يكفي لتحقيق الهدف بقدر إدراكنا أنّ التغيير لا يخدم مصالح المنتفعين من الوضع القائم، سواء ممّن هم في صفوف النّظام أو من أولئك الذين لبسوا عباءة المعارضة لغايات نعلمها جميعاً. حيث إنّ إرادة التغيير هي المفتاح الذي يضمن استكمال الحلم، وامتلاك هذه الإرادة مرهون بامتلاك الحرية والتحرّر من كل ما يمكن أن يحدّ الطموح أو أن يقتل روح الثورة داخل كل منّا.
من أجل ذلك، لابدّ من المواجهة من أجل الكشف عن مصالح كل من يقف اليوم ضدّ التغيير، وبرأيي أيضاً ضدّ التوافق لأنّ عبور هذه المرحلة بأقلّ الخسائر المستقبليّة لا يمكن أن يتم إلّا بالتوافق بين جميع الأطياف لتحقيق التوازن بين القوى السياسيّة حتى ممن يعتبرهم البعض في الضفّة المستحيلة الحوار.
فرضيّة بدء الحوار
يمكن لنا في لحظة تفاؤل أن نطرح فرضيّة أنّ النظام يمكن أن يتوقف عن صمّ آذانه، وأنّه اقتنع أنّ سياسته التي تكرّس المزيد من القمع ليست المثلى للخروج من عنق الزجاجة، وعندما نرجّح هذه الفرضيّة ونستطيع تلمّسها يمكن لنا أن نطلق الدعوة للحوار، وأن تبدأ عمليّة البناء، لأنّ استمرارنا في المكابرة سيزيد من حجم مسؤوليّاتنا أمام الشعب، الذي ومنذ فترة لا يتوقف عن لعن السياسيّين جميعاً. الوطن
يمكن أن تبدو هذه دعوة للمستحيل في نظر الكثيرين، لكنّنا إن أعملنا العقل السياسي سنجد أنّه الحلّ الممكن مع كثير من الصعوبات. ولنا عبرة في كثير من التجارب التاريخيّة في أكثر من دولة كانت فيها الحلول التوافقيّة بين الأطياف المتنازعة ضرباً من المستحيل، وها هم اليوم يتشاركون طاولة الحوار. وهذا الممكن الصّعب يجب اعتباره الفرصة الأخيرة التي تبدأ بخطوة لترسم ملامح المستقبل السّوري وتخرجنا جميعاً من القاع، حيث إنّنا اليوم لا نملك ترف الاختلاف، ولا حتى ترف الوقت، الذي مع مروره ينهش العجز في شعبنا، جسداً وروحاً.
ربما الكرة اليوم ليست حقيقة في ملعب أي من الطرفين، لكنّ المؤكّد أنّ كلاهما ينتظر الحل دول أن يدرك ماهيّته، وأضيف هنا أنّي أرجح أن النظام خلص إلى أنّه لن يستطيع الاستمرار في الاحتماء بالفكر الأمني، وأنّ وعوده الإصلاحيّة ستبقى مزعومة طالما يصفّق بيد واحدة.
إذن لابدّ لهذا النظام من أن يقبل بقيام نوع من الشراكة بين الأطياف، جميعها في مشروع وطني جامع يقوم على تعهّدات واضحة والتزامات موثوقة تكون بمثابة وثيقة عهد في المرحلة التالية لتكون الخطوة الأولى في قيام دولة ديمقراطيّة مدنيّة حديثة تضمن الحريّات وحقوق المواطنة والعدالة.
ومن أجل أن تبدأ الشراكة وإطلاق الحوار في عمليّة التوافق، لابدّ من البدء بتطهير جميع أجهزة الحكم، وكذلك جسد المعارضة من كلّ من ركب الموجة وانصرف للبحث عن المكاسب ويعمل اليوم بكلّ ما بوسعه ليضمن استمرارية الوضع الراكد الانهزامي. الوطن
ودعوتنا هذه لا يمكن أن تلقى صدى ما لم نؤمن بفاعليّة الحوار بيننا جميعاً، لذلك لابدّ من البت في هذه المسألة، ولكلّ من يجد في هذه الدعوة شطحاً من الخيال أو يبدأ بديباجة التخوين أن يلقي بدلوه ويعطينا الحل البديل الذي يمكن أن يردّ الاعتبار لوطننا الممزّق.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!