-
فيروس كورونا ، وفشل التكتلات
لم يكن تأثير فيروس كورونا على المستوى الصحي و الاقتصادي فقط ، بل كان له تأثير بشكل كبير على الوضع السياسي ، وبخاصة على مدى إمكانية نجاح " التكتلات الإقليمية " على غرار التكتل الأوروبي " الإتحاد الأوروبي " الذي يجد المتابع للوضع الأوروبي أن " غياب العمل الجماعي والتفكك " تعتبر هي السمة الرئيسية التي تطغي على طريقة تعاطي " الدول الأوروبية " بشكل جماعي مع جائحة فيروس كورونا ،،
حيث تعاملت دول الإتحاد الأوروبي بحالة من الانكفاء الداخلي ، كما هو حال " ألمانيا " التي قررت حظر تصدير مستلزمات الوقاية الطبية للخارج بينما لجأت دول أخرى على غرار إيطاليا للحصول على مساعدات طبية من خارج الإتحاد الأوروبي وتحديداً من الصين ، وهي خطوة تعكس غياب " حالة التضامن الأوروبي " في مواجهة فيروس كورونا حيث تشهد عدد الإصابات بهذا الفيروس نسبة عالية في المنطقة الأوروبية ،،
لقد كان الإتحاد الأوروبي يعد نموذجاً مهمة عن كيفية نجاح الاتحادات ، ولكنه بدأ يفقد " بشكل تدريجي بريقه " والتي وصلت ذروتها مع الخروج البريطاني الذي كان الرصاصة الأولى في بداية تفكك هذا النموذج الأوروبي ، لتأتي جائحة فيروس كورونا لكي ترفع من مستوى أهمية " الخطوة البريطانية " التي كانت تريد إثبات عدم فاعلية مثل هذا التكتل وصعوبة استمراريته في ظل العديد من المتغيرات ،،
وبالتالي فإن التعاطي الأوروبي مع جائحة فيروس كورونا كانت مرحلة جديدة في طريق " التفكك الأوروبي " حيث كانت السمة الرئيسية هي " غياب العمل الجماعي وانتهاج بعض دوله سياسة الانكفاء على الداخل كما هو حال السياسة الألمانية ، ولجوء بعض الدول مثال إيطاليا إلى البحث عن المساعدات الخارجية بعد فشل الحصول على المساعدات الداخلية " وهذه كلها عوامل تنخر في جدار التكتل الأوروبي ،،
بلا شك أن المتغيرات الأخيرة في " الإتحاد الأوروبي " وطريقة التعاطي " الفردي " بدلاً من " العمل الجماعي " في مواجهة فيروس كورونا ، أفقد " التكتل الأوروبي " جاذبيته وبالتالي فهو يخلق مرحلة جديدة وقناعات جديدة تميل إلى " التفكك " بدلا من " التشبث " بهذا النموذج الغير قادر على إدارة الأزمات والتعاطي معها بالعمل الجماعي ، وبالتالي فهذا ماسوف يفرض هذا التفكك على بعض الدول السير في الطريق البريطاني وبخاصة التي ترى أنها " خذلت أوروبياً مثال إيطاليا ، ما يعني أن " المشروع الأوروبي بات في أيامه الأخيرة " ،،
تأثيرات تفكك الإتحاد الأوروبي " وفشل المشروع الأوروبي في الحفاظ على جاذبيته " وهو الذي كان مثالاً ونموذجاً ، سيكون لها انعكاسة على تكتلات أخرى ، وسوف يدفع بعض الدول أن تتحاشى في الدخول في تكتلات جديدة بعدما شاهدت عدم فاعليتها في إدارة الأزمات ،،
خالد الزعتر / كاتب ومحلل سياسي ( مؤلف كتاب إيران الخميني ، شرطي الغرب ) وكتاب ( الدويلات العربية ودولة إسرائيل الكبرى ) وكتاب ( التنظيم القطري ، التراكمات التاريخية وعقدة المساحة والبحث عن الزعامة ) ،،
خالد الزعتر
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!