الوضع المظلم
الإثنين ٢٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • غزو أوكرانيا.. أوروبا على شفا الحرب والنظام العالمي قيد الانهيار

غزو أوكرانيا.. أوروبا على شفا الحرب والنظام العالمي قيد الانهيار
أوكرانيا وروسيا \ ليفانت نيوز

منذ أشهر، يتهم الغرب، روسيا بحشد جيشها، على حدود أوكرانيا، بهدف غزوها، فيما كانت موسكو، تنكر ذلك على الدوام، مستهزئة بالقادة الغربيين، الذين حدّد بعضهم تواريخ الهجوم الروسي المفترض على أوكرانيا، لكن لم يتخيل كثيرون أن تكون تلك التخمينات حقيقة، وأن تكون كل التفنيدات الروسية لها، مُحاولةً لخداع أوكرانيا، وسعياً لتحقيق عنصر المفاجأة العسكرية في الهجوم.

الخطورة على أوروبا

لا تنحصر مخاطر الغزو الروسي لأوكرانيا على الأخيرة فقط، ففي السابع من فبراير الجاري، عدّ جوزيب بوريل، مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، أن أوروبا تعيش "اللحظة الأكثر خطورة" بالنسبة لأمنها منذ انتهاء الحرب الباردة، قائلاً: "نحن نشارك القلق العميق من ارتفاع الخطر على الحدود الأوكرانية الروسية، برأيي نعيش اللحظات الأكثر خطورة بعد انتهاء الحرب الباردة، لكن في الوقت ذاته نواصل الاعتقاد أنه لا تزال هناك فرصة للدبلوماسية”.

وهو ما تنبه له المستشار الألماني، أولاف شولتس، الذي اعتبر أن أوكرانيا تواجه تهديداً عسكرياً يمثل خطراً بالنسبة للأمن في أوروبا، متوعداً بأن الرد على روسيا سيكون "قاسياً" في حال غزوها الأراضي الأوكرانية، بجانب اعتبار الرئيس البولندي، أندجي دودا، في التاسع من فبراير، أن تنقلات القوات الروسية تعد الأكبر من نوعها منذ زمن الحرب العالمية الثانية.

اقرأ أيضاً: أكثر من 116 ألف نازح إلى بولندا منذ بدء غزو روسيا لأوكرانيا

معطيات كثيرة تصعيدية، دفعت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، في الثاني عشر من فبراير، إلى القول إن الرئيس الأمريكي جو بايدن حدد في مؤتمر بالفيديو مع زعماء دول الغرب والاتحاد الأوروبي والناتو، موعد "غزو" روسيا لأوكرانيا في 16 فبراير، وهو ترجيحٌ، رجح بن والاس، وزير الدفاع البريطاني، وقوع مثله، عندما شدد على أن "الغزو الروسي لأوكرانيا سيناريو مرجح للغاية"، ذاكراً لصحيفة "التايمز": "الحقيقة المقلقة هي أنه على الرغم من تكثيف الجهود الدبلوماسية، فإن زيادة الوجود العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا استمرت ولم تتوقف".

الإنكار الروسي المخادع

أما موسكو، فكانت في مرحلة إنكار الهجوم، فزعمت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن هدف "هستيريا" الغرب بشأن غزو روسيا المزعوم لأوكرانيا هو القيام باستفزاز، وادعت أن هذا الاستفزاز لم يظهر منذ شهرين فقط، لكنه وقع على "أرض خصبة تم تحضيرها على مدى سنوات طويلة"، للنزاع الأوكراني الداخلي الذي "تديره الولايات المتحدة بنشاط".

واستمر الجانب الروسي في مسلسل انكار الهجوم على أوكرانيا، والاستهزاء بالمخمنين حوله، فقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، في الخامس عشر من فبراير، إن الرئيس فلاديمير بوتين يمزح في بعض الأحيان، عندما يقرأ تقارير حول تاريخ "هجوم" روسيا على أوكرانيا، وزعم وقتها بيسكوف، على أنه من المستحيل التعامل مثل هذه الأنباء بتفهم.

اقرأ أيضاً: الإمارات تدعو لوقف الأعمال العدائية في أوكرانيا

ثم ذهبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، أبعد من ذلك، وطالبت لندن بالاعتذار عن تصريحات المسؤولين البريطانيين المختلقة بشأن "الغزو الروسي لأوكرانيا"، لكن وزيرة الخارجية البريطانية إليزابيث تراس أكدت بأن "غزو روسيا" لأوكرانيا "وشيك"، قائلةً إنها "لا تصدق" الروس لأن "هناك فرقاً كبيراً بين قولهم وفعلهم"، معربة عن مخاوفها من أن تقدم روسيا على تدبير استفزاز ما لتبرير "غزوها" لأوكرانيا، وهو ما ذهب إليه المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، في السابع عشر من فبراير، عندما قالت أن "روسيا تتجه إلى غزو وشيك" لأوكرانيا رغم إعلانها عن انسحابات عسكرية.

في حين دعا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، روسيا بـ"التخلي عن مسار الحرب"، وقال بلينكن، إنه يحض روسيا على "التخلي عن مسار الحرب" و"إثبات" نيتها لاحتواء التصعيد عبر إعادة الجنود "إلى ثكناتهم"، وأكد: "تفيد المعلومات المتوفرة لدينا بأن القوات الروسية، بما في ذلك الوحدات البرية والطائرات والسفن، تستعد لإطلاق هجوم على أوكرانيا خلال الأيام القريبة"، مشدداً على أن "روسيا تستعد لخلق ذريعة لهجومها".

النظام العالمي في خطر

ادعت روسيا سحب جزء من قواتها من حدود أوكرانيا، لكن ذلك لم ينفع في إقناع الغرب بجديتها، فعدّ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبيرغ، في التاسع عشر من فبراير، أن "روسيا تعتزم شن هجوم كامل النطاق" على أوكرانيا، منوهاً إلى أن دول الناتو متفقة على أن هذا الخطر "مرتفع جداً".

أما رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، فقد حذرت من أن التطورات حول أوكرانيا تشكل خطراً على النظام العالمي الحالي برمته، وقالت: "يتابع العالم في هذه الأيام أكبر حشد للقوات في أوروبا منذ الحرب الباردة، ومن شأن هذه التطورات تغيير النظام العالمي الحالي جذرياً".

اقرأ أيضاً: إيران توسّع نفوذها بسوريا مستغلة انشغال روسيا في معركتها أمام أوكرانيا

أما رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، فقد حذر من أن روسيا قد تخسر "كل شيء" إذا قررت غزو أوكرانيا المجاورة، معتبراً أن الأوضاع في أوكرانيا قد تؤدي إلى اندلاع أكبر حرب في أوروبا منذ العام 1945، معتبراً أنه "يوجد احتمال عال بما فيه الكفاية" لشن القوات الروسية عملية غزو لأوكرانيا، مؤكداً أن ذلك قد يحدث ليس فقط عبر منطقة دونباس، وإنما من الحدود البيلاروسية الأوكرانية "من أجل تطويق كييف".

في حين أكدت وزيرة الخارجية البريطانية، إليزابيث تراس، أن أوروبا "تواجه أخطر تهديد أمني منذ بداية القرن العشرين"، معتبرةً أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين سيخوض حروباً مع دول الجوار لإنشاء "روسيا العظمى"، في حال "لم يتم منعه" راهناً من "غزو أوكرانيا"، ونقلت عنها صحيفة "ديلي ميل" إن هجوم بوتين على أوكرانيا سيكون مقدمة لاستخدام روسيا القوة لضم مزيد من الجمهوريات السوفييتية السابقة.

وصرحت تراس، حسب الصحيفة: "علينا وقف بوتين لأنه لن يكتفي بأوكرانيا، إنه أكد بوضوح أن طموحه لا يقود فقط إلى السيطرة على أوكرانيا لأنه يريد إعادة الزمن إلى الوراء، إلى أواسط تسعينيات القرن الـ20 أو حتى أبعد"، وتابعت: "دول البلطيق في خطر... وغرب البلقان في خطر أيضاً... بوتين تحدث عن كل ذلك علناً، مؤكداً أنه يريد إنشاء روسيا العظمى والعودة إلى الأوضاع التي كانت موجودة سابقاً، حينما سيطرت روسيا على مساحات ضخمة من شرق أوروبا"، وأردفت: "لهذا السبب من بالغ الأهمية أن نقاوم نحن وحلفاؤنا بوتين، الأسبوع المقبل يمكن أن تكون أوكرانيا، لكن ما هي الدولة التي ستليها؟".

بداية الهجوم

وعملياً، بدأ التمهيد للهجوم على أوكرانيا في الواحد والعشرين من فبراير، عندما أمضى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على مرسومين يقضيان باعتراف موسكو باستقلال ما تسميان بـ "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك" الانفصاليتين عن أوكرانيا، لتبرير غزو أوكرانيا، حيث زعمت وزارة الدفاع الروسية في الثاني والعشرين من فبراير، أن الأوضاع في أراضي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك تتفاقم، مدعيةً ضرورة حماية سكان المنطقتين.

اقرأ أيضاً: القوات الأوكرانية تقاوم التقدم الروسي في العاصمة كييف

وادعت وزارة الخارجية الروسية، استعداد موسكو لمساعدتهما عسكرياً حال وجود تهديد لهما، بينما ذكر مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن موسكو ستبدأ مراقبة وقف إطلاق النار في دونباس، بطلب من جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وزعم أنه لن يتم التسامح مع منتهكيه، ليليها إعلان حرس الحدود الأوكراني في الرابع والعشرين من فبراير، عن دخول القوات البرية الروسية إلى أوكرانيا، مع محاولة اقتحام منطقة كييف، ما يضع القارة الأوروبية على شفا الحرب، ويشكل تهديداً حقيقياً لبداية عصر فوضى عالمية ينهي النظام العالمي السابق.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!