-
غزة إلى الواجهة مجدداً.. حركة حماس خارج دائرة الصراع
مع دخول القصف الإسرائيلي لقطاع غزة يومه الثاني، واستهدافه مواقع وأفراد تابعين لحركة "الجهاد الإسلامي" بعملية أطلق عليها اسم "الفجر الصادق" يوم أمس الجمعة، تتعالى الأصوات التي تدعو للتهدئة في المنطقة خوفاً من انجرار الوضع إلى حرب شاملة تؤدي بالتأكيد لمزيد من الدمار، وانعدام الاستقرار في المنطقة.
وبدأت عمليات الجيش الإسرائيلي باستهداف مواقع لحركة "الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة، لما اعتبرته بأنه حركة استباقية لما يمكن أن تقوم به الحركة كرد فعل على اعتقال أحد قياديها من قبل القوات الإسرائيلية. وفي هذه الأثناء، تبدو حركة حماس خارج الصراع الدائر حالياً في القطاع، علماً بأن لها اليد الطولى في غزة، حيث أنه لم تقم القوات الإسرائيلية بقصف أو استهداف أي موقع للحركة في القطاع. واكتفت حركة حماس بالتصريح والاستنكار للقصف الإسرائيلي، دون أن تعلن قيام أي من فصائلها بالرد أو إطلاق الصواريخ على الجانب الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي أعلن فيه الجيش الإسرائيلي، عن إمكانية استمرار العملية لأكثر من أسبوع، أو بحسب ما تقتضيه الحاجة لعملية الحالية، دعت العديد من الحكومات العربية والدولية إلى ضرورة التهدئة الفورية ودخلت عدد من الوساطات لوقف القصف على غزة. خاصة بعد الإعلان عن مقتل 10 فلسطينيين، بينهم طفلة وامرأة وإصابة 65 آخرين بجروح، نتيجة لغارة إسرائيلية استهدفت القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، تيسير الجعبري.
بداية العملية
بدأت القوات الإسرائيلية، يوم أمس الجمعة، بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في غزة ضد حركة "الجهاد الإسلامي"، وأطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم "الفجر الصادق"، في الوقت الذي شنت فيه المقاتلات الحربية سلسلة غارات جوية على مناطق متفرقة في جميع محافظات القطاع، التي استهدفت بشكل مباشر ناشطين ومواقع عسكرية تابعة للفصيل السياسي المسلح، حيث شنت مقاتلات إسرائيلية، غارات على مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، مما أدى إلى إصابة ومقتل فلسطينيين.
وفي حصيلة أولية، سقط ضحية الغارات الإسرائيلية في غزة 10 أشخاص بينهم قائد عسكري كبير وامرأة وطفلة، وأصيب نحو 65 آخرين على الأقل، بينهم أربعة قاصرون، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.
وجاءت العملية العسكرية الإسرائيلية، بعد أن ألقت جهات أمنية إسرائيلية القبض على بسام السعدي، القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، خلال مداهمة في مدينة جنين بالضفة الغربية في وقت سابق هذا الأسبوع.
إلى ذلك، أعلن المتحدث العسكري الإسرائيلي، إن الضربات أسفرت عن مقتل القيادي في "الجهاد الإسلامي" تيسير الجعبري ونحو 15 "إرهابياً"، لكنه أوضح أن الجيش ليس لديه عدد إجمالي نهائي.
من جانب آخر، أكد مسؤول في "الجهاد الإسلامي" مقتل الجعبري، الذي وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه المنسق الأساسي بين "الجهاد" و"حماس"، في الضربات التي استهدفت عدة مواقع في أنحاء القطاع المكتظ بالسكان.
اقرأ أيضاً: الجيش الإسرائيلي: نستعد لأيام طويلة من القتال في غزة
وانضم الجعبري، في ثمانينيات القرن الماضي إلى "حركة الجهاد"، وتولى عدة مسؤوليات من بينها "قسم العمليات" في "سرايا القدس"، قبل أن يصبح قائداً لمناطق شمال قطاع غزة، خلفاً لبهاء أبو العطا الذي اغتالته إسرائيل في غارة على منزله عام 2019.
وتعرّض الجعبري، لمحاولات اغتيال إسرائيلية عدة، كان آخرها خلال حرب مايو (أيار) 2021، وفقاً لمسؤول الإعلام في "حركة الجهاد"، داوود شهاب.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لبيد، إن الجيش الإسرائيلي شن عملية تهدف إلى احتواء "تهديد داهم".
أضاف لبيد في تصريح متلفز، أن "إسرائيل شنت عملية لمكافحة الإرهاب محددة الهدف". وتابع "الجهاد الإسلامي وكيلة لإيران تريد تدمير دولة إسرائيل وقتل إسرائيليين أبرياء (...) سنفعل كل ما يقتضيه الأمر للدفاع عن شعبنا".
تحركات دولية للتهدئة
وبعد بدء العملية، أعرب مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، يوم أمس الجمعة، عن قلقه لما وصفه بـ"التصعيد المستمر بين المسلحين الفلسطينيين وإسرائيل"، بما في ذلك القتل المستهدف لأحد قادة حركة "الجهاد الإسلامي" داخل قطاع غزة.
وأكّد المبعوث الأممي على أن التصعيد خطير جداً، داعياً الأطراف إلى وقف التصعيد و إطلاق الصواريخ على الفور، كما حث جميع الأطراف على تجنب المزيد من التصعيد.
وأشار وينسلاند، أنه ليست ثمة أي مبررات لشن هجمات تستهدف المدنيين، مؤكداً على أن التقدم الذي جرى إحرازه في فتح غزة منذ أواخر مايو الماضي قد لا يتم بسبب ما يحصل حالياً.
وأضاف أن منظمة الأمم المتحدة منخرطة مع كافة الأطراف من أجل تجنب نزاع إضافي قد تكون له تبعات مدمرة، لا سيما وسط المدنيين.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، اليوم السبت، عن إجراء اتصالات مكثفة بُغية احتواء الوضع في قطاع غزة، في مسعى إلى العمل على التهدئة والحفاظ على الأرواح والممتلكات.
في السياق ذاته، أكّدت عدة مصادر فلسطينية، إن جهود الوساطة، بدأت تنجح في منع تصعيد محتمل كاد أن ينفجر في أي لحظة بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين والتي أدت لاعتقال السعدي.
وأشارت المصادر إلى أن، اتصالات مكثفة جرت خلال الساعات الماضية بين الوسطاء من الاستخبارات المصرية وقطر وحتى بتدخل من أطراف في الأمم المتحدة لمحاولة منع جر غزة إلى تصعيد "لا يحتمل في الوقت الحالي".
وأدانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والبرلمان العربي وعدة دول عربية وأقليمية، العمليات العسكرية الإسرائيلية، داعية المجتمع الدولي إلى "التحرك الفوري والفاعل"، مشيرة إلى العمليات العسكرية الحالية تشكل "تحدياً صارخاً للقانون الدولي وتجاوزاً لمبادئ حقوق الإنسان".
وقال السفير الأميركي توم نايدز في تغريدة عبر تويتر، "نحن على تواصل مع فرقاء عدة، ونحضّ جميع الأطراف على التحلي بالهدوء".
عزل حماس
تسعى إسرائيل في عمليتها العسكرية الحالية لعزل حركة حماس من هجماتها ومنعها من الرد، حيث لم تبدي الحركة أي ردة فعل تجاه العملية واكتفت بتصريحات صحفية لمسؤوليها عن الغارات الإسرائيلية، مع عدم تأكيدها بأنها يمكن أن تشارك بالرد على الغارات الإسرائيلية.
إلى ذلك، أفاد موقع صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن إسرائيل التي تواصل عملياتها العسكرية ضد "الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة، تحاول من جهة منع حركة حماس من الانخراط في الرد على الغارات الجوية، ومن جهة أخرى تراقب التطورات على الجبهة الشمالية.
اقرأ أيضاً: غزة.. سقوط مدنيين وجرحى بغارة جوية استهدفت قيادياً في"الجهاد الإسلامي"
وأشار الموقع الإسرائيلي في تقرير، إلى أن الجيش الإسرائيلي يحاول الإبقاء على حركة حماس خارج المواجهة الحالية تماماً، مثلما حدث في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عندما اغتالت إسرائيل الناشط في حركة "الجهاد الإسلامي" بهاء أبو العطا، أبرز قياديي "سرايا القدس"، الجناح العسكري لـ"الجهاد".
ووفقاً لما ذكره الموقع في تقريره، فقد حرصت قيادات الجيش الإسرائيلي على نقل رسائل إلى "حماس" عبر الوسطاء، أنها غير معنية بمواجهة شاملة في قطاع غزة.
وتشير التقارير والتحليلات الاستخباراتية الإسرائيلية، إلى أنه في حال قررت حركة حماس الانخراط بالرد على العمليات العسكرية، فإنه من المتوقع أن يطول أمد المواجهة الحالية وتصبح أكثر قسوة.
فيما أكّد تقرير الموقع، على الأهداف الرئيسية للعملية العسكرية الإسرائيلية الحالية، تتمثل في تعزيز الدفاع عن المستوطنات في منطقة "غلاف غزة"، لمنع فصائل "المقاومة الفلسطينية" من تحقيق إنجازات "فورية".
واكتفت حركة حماس بالرد الصحفي، وعلى لسان الناطق باسم الحركة فوزي برهوم، بإدانة "استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واستهداف المدنيين والأبرياء"، محملاً إسرائيل "مسؤولية التصعيد وتبعات استمراره في جرائمه النكراء".
وأشار برهوم، إلى أنّ "سلوك وتصريحات قادة الاحتلال وتحذيراتهم المتواصلة من مغبّة توسع رقعة المواجهة والاشتباك، تعكس ما حققته المقاومة من ردع وتخبط تعيشهما قيادته".
وردّت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، مساء أمس الجمعة، برشقات صاروخية باتجاه بلدات في جنوب إسرائيل. وقالت "سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة "الجهاد الإسلامي" إنها أطلقت أكثر من 100 صاروخ على مدن إسرائيلية بينها تل أبيب، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن القبة الحديدية تصدّت لنحو 40 منها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تندلع فيها صدامات عسكرية بين الجيش الإسرائيلي والفصائل المسلحة في قطاع غزة بعد قيام إسرائيل باغتيالات لقادة عسكريين من الفصائل الفلسطينية المتواجدة في قطاع غزة، وكانت أبرزها خلال السنوات العشر الماضية، اغتيال القائد البارز في كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة "حماس" أحمد الجعبري عام 2012، تبعها اغتيال القائد في سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد "الإسلامي" بهاء أبو العطا عام 2019، انتهاءً بالاغتيال الأخير لخليفة "أبو العطا" في قيادة سرايا القدس، تيسير الجعبري.
ليفانت نيوز_ خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!