-
عمر حجّو.. فنان كوميدي في زمن الانقلابات العسكرية والكبت الاجتماعي
-
في الخربة.. زرع الفتنة بين عائلة بو قعقور وبيت بو مالحة
لا نبالغ إذا قلنا بأنه أكثر من أخلص للمسرح في سوريا، وربما في المنطقة العربية، لكن الدراما التلفزيونية فرضت نفسها في العقود الثلاثة الماضية بقوة، ما جعله مع كثر من أبناء جيله خوض هذه التجربة ولو على مضضٍ، كما فعلت المواقع الإلكترونية الإخبارية بالصحف الورقية، عندما فرضت عليها واقع جديد.
حمل الفنان الراحل عمر حجو، على عاتقه فكرة إعادة إحياء مشروع المسرح بدءاً من مدينته حلب من خلال ما أسماه عام 2011 "مسرح حلب الدائم"، على أن تستمر النشاطات المسرحية طيلة على الدوام، وتنتقل إلى المحافظات الأخرى في حالة تشابه الدراما من حيث استمراريتها، التي لا تكاد أن تنقطع من على شاشات التلفاز طيلة فصول السنة.
اقرأ المزيد: المسرح في الأدب الإسلامي
وقال حجو مدافعاً عن فكرته التي حاول أن ينقلها لمرحلة المبادرة "سيعمل في هذا المهرجان الدائم عدد من هواة المسرح، الذين يدفعون من جيوبهم من أجل المسرح، والذين نرى أنهم استمرار لتجاربنا القديمة حيث كنا نقوم بالعمل ذاته، إنهم يطمحون إلى العمل في المسرح بشكل لائق، ولكن البيروقراطية تمنعهم وكذلك الكلفة المالية للإنتاج المسرحي التي لا يستطيعون تحملها، لقد قمنا بحل هذه المشكلة لهؤلاء، وذلك عبر تضافر جهود عديدة.. ونحن نطمح إلى تقديم أفضل الأعمال المسرحية التي قدمت في سوريا، من أعمال “مسرح الشوكˮ إلى “المهرجˮ للراحل محمد الماغوط، وصولاً إلى أعمال سعد الله ونوس في حال توفرت الإمكانات، إلى أعمال الأستاذ وليد إخلاصي وخاصة مسرحية “مقام إبراهيم وصفيةˮ.. إلخ".
نشأته وبدايته الفنية
ولد الفنان السوري ابن مدينة حلب عمر حجو في الـ 31 من مارس/ آذار عام 1931، في حارة المحتسب، القريبة من حي باب النصر في وسط المدينة القديمة. بينما يعود أصل العائلة "حجّو" إلى بلدة جبلية صغيرة اسمها دركوش، تتبع لمحافظة إدلب اليوم، تقع بين جبلين ويمر بها نهر العاصي. كان والده سائق سيارة بين مدينة حلب وريفها مارع والسفيرة.
كانت باكورة أعماله من على خشبة مسارح حلب وشكل أول فرقة مسرحية خاصة عام 1956 مع الفنان عبد المنعم أسبر في عمل سميّ “الفنون الشعبية” وقدمت مجموعة من المسرحيات الجادة مثل الاستعمار في العصفورية ومبدأ أيزنهاور، وكان أول من أدخل مسرح البانتونيم “التمثيل الإيحائي” للوطن العربي، حيث قدم مسرحية النصر للشعوب عام 1959 على مدرج جامعة القاهرة أمام أعضاء المؤتمر الآسيوي الأفريقي، كما ساهم بتأسيس المسرح القومي والتلفزيون السوري في ستينيات القرن الماضي حتى استهدى بعد سنوات من التجريب إلى تجربة مسرح الشوك قبل أن يقدم عرضه الأول “مرايا” على خشبة مسرح المركز الثقافي السوفييتي في دمشق عام 1969 تلته عروض عديدة حققت نجاحاً محلياً وعربياً شارك فيها فنانون سوريون كبار أمثال نهاد قلعي ورفيق سبيعي وزياد مولوي وآخرون.
أعماله الفنية
قدم الراحل عمر حجو، أعمالاً مسرحية عديدة، كان أهمها: كاسك يا وطن، غربة، ضيعة تشرين، شقائق النعمان، وصناع المطر.
وعلى صعيد السينما، اشتهر بدوره في فيلم الحدود، كفرون، اللص الظريف، الثعلب، حب وكاراتيه، التقرير، غرام المهرج.
أما في التلفزيون، فقد تعددت أعمال الفنان الراحل عمر حجو ففي عام 1982. كان أول عمل تلفزيوني له وهو “وادي المسكˮ وبعدها بـ10 سنوات قدم مسلسل “الدغريˮ، ثم توالت الأعمال التلفزيونية عليه، فقدم المسلسل الحلبي الشهير “خان الوزيرˮ، “الثرياˮ، “حي المزارˮ، “سيرة آل الجلاليˮ “باب المقامˮ و“كوم الحجرˮ هي تحمل طابع يخص مدينته حلب.
وفي العقد الذي ازدهرت فيه الدراما السورية، وذلك بين عام 2000 وعام 2010 وباتت تطرق بوابة كل بيت عربي، اشتغل الراحل حجو أعمالاً عديدة، منها اسكتشات من المسلسل السوري الكوميدي، بقعة ضوء، مبروك، قانون ولكن، أنا وعمتي أمينة، الانتظار، أحقاد دفينة، حارة عالهوا، وجه العدالة، صدق وعده، قلبي معكم، هي دنيتنا، الخربة، سنعود بعد قليل، البيوت أسرار، صراع الزمن، البقعة السوداء.
عاش ومات في سوريا والمسرح
وفي المرحلة التي أعقبت الثورة في سوريا انتقل الراحل عمر حجو للعيش مع أسرته وابنه المخرج الليث حجو في مدينة طرطوس الساحلية، إلى أن فارق الحياة في 4 مارس/ آذار 2015، مسدلاً معه فكرة مشروع المسرح الذي لطالما حاول إعادته إلى بريقه وإنشاء جيل جديد يحمل الرية من بعده وزملائه الذي شاركوه أعمالاً خلدها التاريخ، جاءت في وقت كانت سوريا في حالة تخبط سياسي وحكم عسكري قاسٍ.
وبالرغم من بعده عن السياسة وأحداثها التي لا تكاد أن تنتهي في منطقتنا العربية، منذ العقود الأولى في القرن الماضي، إلا أنه وفرقته تفاعلوا في النصف الثاني من الخمسينيات مع العدوان الثلاثي على جمهورية مصر العربية، فقدموا عملين مسرحيين، الأول بعنوان “الاستعمار في العصفوريةˮ، والثاني حمل اسم “مبدأ أيزنهاورˮ وفي حديث له عن تلك الحقبة، قال الراحل حجو: "كانت الرقابة تتدخل في النصوص فتحذف تارة وتشطب تارة أخرى، وهنا ارتأينا المضي بشيء جديد يجنبنا تدخل الرقابة في عملنا، فاخترعنا صيغة مسرح بانتومايم خاصة بنا، وأطلقنا عليها في النصوص التي كانت تراقبها الرقابة بـ “فاصل موسيقي صامتˮ وحين سألونا عن هذه الفقرة قلنا لهم هنا لا يوجد حوار.
اقرأ أيضاً: الاعتقال في الدراما السورية للموسم 2022
وبوفاة عمر حجو فقدت سوريا وحلب أحد أوجه الكوميديا الشعبية التي كانت تحاكي حياة الناس وتلامس أوجاعهم فكان ينقلها بطريقته، فهو ممن عاش الفقر في طفولته في أسرة لم يدرس منها سوى هو ولمرحلة متوسطة في ذلك الحين الصف السابع، وبعد وفاة أبيه كان وأخوته مطالبين بسداد مبلغ من الدّين يقدر بـ75 ليرة سوريّة. لم يكونوا يملكون منه ليرة واحدة.
ليفانت – خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!