الوضع المظلم
الأربعاء ٠٦ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • عقب 90 عاماً.. انفضاح الإخوان المسلمين كأدواتٍ للعثمانيّة الجديدة (الجزء الأول)

عقب 90 عاماً.. انفضاح الإخوان المسلمين كأدواتٍ للعثمانيّة الجديدة (الجزء الأول)
الإخوان المسلمين


وصفت جماعة الإخوان المسلمين بفرعها المصري، في السابع من أبريل الماضي، وكالة “الأناضول” التركيّة بأنّها “صرح إعلامي مميّز”، مُعربة عن أملها بأن تظلّ “صوتاً صادحاً بالحق وتبنّي الحقيقة”، وذلك في برقية رسميّة أرسلتها الجماعة إلى مدير عام وكالة الأناضول، شنول قازانجي، والفريق التحريري والإداري والعاملين بالوكالة، للتهنئة بذكرى مرور 100 عام على تأسيسها. 


ورغم أنّها قد تبدو مباركة عرضيّة، لكن عبارات المديح والإطراء التي وجهها التنظيم بفرعه المصري لم تكن إلا تعبيراً صريحاً عن دور الجماعة، التي جاء تأسيسها في العام 1928، أي عقب خمس سنوات فقط من انهيار ما سمي يوماً بالإمبراطورية العثمانية عام 1923، والتي لا يبدو أنّ نشأة الجماعة قد أتت إلّا لإعادتها، أو تحضير المواطنين في الدول التي خضعت سابقاً لتلك السلطنة على أساس ما كانت تقوم عليه في العلن ألا وهو الرابطة الدينية، رغم أنّه لم تخرج قيادة تلك الدولة من دائرة جماعة عرقيّة واحدة هم الأتراك، فلم يتم على سبيل المثال، اتّخاذ مكة عاصمة لها، ولم يتم تكليف سلطان من غير العثمانيين الأتراك بقيادة من القسطنطينية أو إسطنبول الحالية.


 


ولكن، ما رافق الأحداث المسمّاة بالربيع العربي، فضحت إلى حدّ بعيد دور التنظيم العالمي، والذي يبدو جليّاً أنّه يصبّ في خدمة إحياء العثمانيّة من جديد، من خلال محاولة استغلال التطلعات المشروعة للشعوب بنيل حقوقها الدستوريّة، وسيادة القانون والعدالة والمساواة، وهي مبادئ رغم أحقيّتها، لكنها تبدو أبعد مما كانت عليها في أيّ يوم، في ظلّ محاولات التنظيم استغلال كل تضعضع أمني لتثبيت أركان العثمانيّة الجديدة. 


بين تونس وليبيا: برلمانيون يرفضون الدور الإخواني


ولأن الدور المشبوه للتنظيم قد غدى خطراً في أيّ بقعة قد يجد لنفسه فيها موطئ قدم، بدأت الأصوات الرافضة لنشاطات التنظيم تخرج للعلن بشكل أوسع، خاصة وأنّ التنظيم يستخدم أسماء كثيرة تدّعي عدم علاقتها معها، في سبيل اللعب على عواطف الفقراء والطبقات المسحوقة من الشعب، لكسب تعاطفها من خلال حمل الشعارات الرنانة، وفي السياق، شهد البرلمان التونسي، في الخامس عشر من يناير، فوضى وصراخاً وتلاسناً حاداً بين النواب، احتجاجاً على زيارة رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، إلى تركيا ولقائه برئيسها رجب طيب أردوغان، حيث احتجّت كتلة الحزب الحرّ الدستوري على ذلك.


 


أما في الجارة ليبيا، للتنظيم دور أساسي في جلب الجيش التركي إلى البلاد، ومنه أكّد رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، في الثامن عشر من يناير، أنّ المجتمع الدولي على يقين من فشل حكومة “السراج”، مشيراً إلى أنّ “تركيا هي جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحلّ في ليبيا”، حيث أكّد صالح أنّه يجب خروج “العصابات” من العاصمة الليبية لاستمرار وقف إطلاق النار، وأضاف رئيس البرلمان الليبي أنّ “تركيا تهدف لفرض جماعة الإخوان على حكم ليبيا”، مشدّداً على أنّ “الشعب الليبي لا يقبل تهديد تركيا وسيدافع عن بلاده”.


الإخوان ومحاولات مستمرّة لتشويه صورة مصر في العالم


ولا يختلف الواقع في مصر، حيث اعتقلت قوّات الأمن المصرية، في السادس عشر من يناير، 4 موظفين في إحدى اللجان الإلكترونيّة التركيّة الإعلاميّة، وذلك في العاصمة القاهرة، بعد اضطلاعهم بنشاط مناوئ “تحت غطاء شركة للدراسات أسستها جماعة الإخوان المصنفة كمنظمة إرهابيّة بدعم من دولة تركيا”، إذ تسعى الجهات الأمنية المصرية لكشف مخططات جماعة الإخوان الإرهابية والدول الداعمة لها والتي تهدف إلى النيل من البلاد وهدم ركائزها واختراق الجبهة الداخلية، وفقاً لما نقلته وزارة الداخليّة المصرية.


وجاء ذلك بعد اعتراف وكالة أنباء الأناضول الرسميّة في تركيا، بمداهمة قوّات الأمن المصرية لمكتب الوكالة في القاهرة، وهو ما أوضحته وزارة الداخلية المصرية، بأنّ الوكالة التركية كانت تعدّ تقارير سلبيّة تتضمن معلومات مغلوطة ومفبركة حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والحقوقية وإرسالها لمقرّ الوكالة بتركيا بهدف تشويه صورة البلاد على المستويين الداخلي والخارجي.


 


ووفقاً لمواقع إخباريّة، فقد كشف بيان الداخليّة المصرية أنّ 3 موظفين ممن تمّ اعتقالهم مصريو الجنسية، وينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، والرابع يدعى “حلمي مؤمن مصطفى بلجي” هو المدير المالي للوكالة في مصر ويحمل الجنسيّة التركية، مشيرةً في بيانها إلى أنّها اتّخذت الإجراءات القانونيّة بحقّ المعتقلين، فيما تباشر نيابة أمن الدولة تحقيقاتها، مؤكدة أنّ استهداف مقرّ الوكالة جاء بعد الاستئذان من النيابة، معلنةً ضبط العديد من أجهزة الكومبيوتر والهواتف المحمولة والمبالغ الماليّة بالعملات المحلية والأجنبية في الشقّة.


في السودان: الإخوان وإعادة إنتاج الطموحات الإمبراطورية


أما في السودان، فالتحضيرات التركيّة كانت قائمة على قدم وساق للاستيلاء على قرار الخرطوم، وهو ما أشار إليه أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الذي قال، في السادس عشر من يناير: “إنّ حقبة الرئيس السوداني والمعزول، عمر البشير، وجماعة الإخوان المسلمين في السودان تركت وراءها فشلاً ذريعاً في إدارة الدولة وتوفير الاستقرار والازدهار”، مضيفاً: “السودانيون يواجهون اليوم تراكمات فشل التنظير الأيديولوجي، ومصممون على بناء نظام عصري ينتشل بلدهم من سنواته العجاف”.


وفي تغريدة منفصلة تابع قرقاش، بالقول: “يبدو واضحاً من الخرطوم أنّ عودة المصداقيّة للبعد العربي في السياسة الإقليمية ضرورة في ظلّ تغوّل القوى الإقليميّة على النظام العربي، فإعادة إنتاج الطموحات الإمبراطورية والتعريف الهزلي للجيرة والجوار ما هو إلا غطاء لتمدّد استعماري جديد على حساب العالم العربي”.


وفي السياق، نقلت صحيفة “العرب”، في تقرير لها، في العاشر من فبراير، عن أوساط سياسية سودانية، قولها إنّ تركيا تحاول اليوم جاهدة التسلل إلى المشهد مجدداً، وهي تعمل مع قطر على خطَّين متوازيَين، الأول، الإبقاء على دعم “فلول” النظام السابق، والثاني، استيعاب قوى منشقّة “ظاهرياً” عن الحركة الإسلاميّة لكنها لا تزال موصولة بمشروعها.


وقال المحلل السوداني، عبدالمنعم أبو إدريس، في تصريح للصحيفة، إنّ تركيا تبحث عن دور مستقبلي في السودان بعد أن وقّعت أكثر من 20 اتفاقيّة للتعاون الأمني والاقتصادي والصناعي، قبيل رحيل الرئيس المعزول، وأنّ الاعتماد على غازي صلاح الدين يأتي انطلاقاً من القبوليّة التي يتمتّع بها لدى دوائر غربيّة، في حين إنّه طرف محسوب على الحركة الإسلامية، وأكّد أنّ أنقرة ليست لديها تأثيرات كبيرة على مستوى الشارع السوداني، لكنها تحاول استقطاب عدد من القيادات والنخب التي تجد فيها استعداداً للتفاهم معها، وأنّ لقاء رئيس الجبهة الوطنيّة للتغيير يأتي في هذا الإطار.


ورأت الصحيفة، أنّ أنقرة وجدت في السودان الذي يعدّ سلّة الغذاء في أفريقيا، ساحة مناسبة لخوض مغامرات سياسيّة وعسكرية، وممارسة الضغط على كلّ من مصر والسعودية، وتعزيز مكانتها الإقليمية من خلال استغلال ما أمكن استغلاله من ظروف داخلية وخارجية محيطة به، حيث حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يعتبره أنصاره “زعيم العالم الإسلامي”، الالتفاف على خسارة حليفه البشير بالقول: “إنّ أهم ما أتمناه أن يتخطّى السودان هذه المرحلة على أساس السلام والمصالحة الوطنيّة”، وذلك في محاولة منه لمدّ جسور محتملة مع سودان ما بعد البشير.


يتبـــــــــع في جزء ثانٍ…


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!